الصفحة الرئيسية / Go to Arabic Home Page    منظمة مراقبة حقوق الإنسان -الشرق الأوسط وشمال أفريقيا/    Human Rights Watch - Mideast and North Africa التقرير السنوي لعام 2000
يتناول الفترة من نوفمبر 98حتى أكتوبر99
المقدمــة5
المدافعون عن حقوق الإنسان العدالة والسلم والديمقراطية محاكمات رواندا نقد التدخل العسكري مبدأ أنان المقدمــة

إصدارات أخري
التقرير السنوي لعام 1999
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
Human Rights Watch

مواقع أخرى ذات صلة
تقرير منظمة العفو الدولية 99
منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان /اليمن
شبكة مؤسسات حقوق الإنسان

المنظمة العربية لحقوق الانسان
العالم العربي على الانترنت
العدالة والسلم والديموقراطية
قدمت التطورات التي شهدها عام 1999 أدلة جديدة يستند إليها المشاركون في المناقشة التي طال عليها الأمد حول مدى تأثير محاولة إقامة العدل على الجهود المبذولة لتحقيق السلم أو توطيد الديموقراطية، فقال البعض إن العدالة قد يكون لها تأثير سلبي لأن القيادة التي تواجه مخاطر المحاكمة والعقاب قد ترفض التوقف عن القتال أو السماح بالانتقال إلى الحكم الديموقراطي. والواقع أن أحداث 1999 تبين أن نشدان العدالة ممكن دون تكبد تلك التكاليف المتوقعة، بل وأنه قد يدعم أحياناً محاولة إقرار السلم والديموقراطية.
والمستندات التي تثبت أن العدالة تيسر توطيد السلم ولا تعوقه كثيرة، وأولها حالة الرئيس ميلوسيفتش، ففي دايتون عام 1995 قال ميلوسيفتش إنه على استعداد لقبول اتفاق سلام دون الإصرار على التمتع بالعفو أو الإعفاء من المحاكمة بتهمة التواطؤ في ارتكاب الفظائع التي وقعت في البوسنة وكرواتيا. أضف إلى ذلك أن قيام المحكمة الخاصة بيوغوسلافيا بتوجيه الاتهام إلى كارادزيتش وملاديتش كان قد ساعد على التوصل إلى اتفاق دايتون، من خلال تهميش قادة صرب البوسنة السياسيين والعسكريين. وتكرر الحال في عام 1999، إذ إن توجيه المحكمة للاتهام إلى ميلوسيفتش على الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في كوسوفو لم تكن عقبة في سبيل قبوله لخطة السلام الخاصة بذلك الإقليم، بل على العكس من ذلك، فإن الاتهام قد جعل ميلوسيفتش شخصاً منبوذاً دولياً، ومن ثم فربما يكون قد ساعد بذلك في نزع الشرعية عنه في عيون شعبه، وفي إضعاف قبضته على السلطة، ومن ثم في دفعه إلى قبول شروط السلم التي وضعها حلف الناتو.

وعلى غرار ذلك فإن القضية المرفوعة ضد بينوشيه لم تعرقل المسيرة الديموقراطية في شيلي، رغم مخاوف البعض من ذلك. والعكس هو الصحيح، فإن عام 1999 شهد المزيد من التقدم في توسيع مظلة سيادة القانون التي يخضع لها العسكريون عما كانت عليه في العقد الذي انقضى منذ تركه رئاسة الجمهورية. ولم تُرفع دعوى واحدة ضد أحد الذين تمتعوا بمرسوم العفو العام الذي أصدره عام 1978 ولم يحاسبوا على أية جريمة ارتكبوها حتى قُبض على بينوشيه في لندن في أكتوبر/تشرين الأول 1998، فكان القبض عليه بمثابة الرمح الذي اخترق درع حصانة العسكريين،
Press mena algeria bahrain egypt iran iraq israel saudi sudan syria tunisia yemen introdution
فإذا بالمحاكم في شيلي، فجأة، قد اكتشفت ثغرة قانونية في مرسوم العفو، وإذا بها ترفع الدعاوى القضائية على شتى القادة العسكريين.
وما دام مرتكبو جرائم "الاختفاء" القسري من المسؤولين، تعريفاً، لا يكشفون عما آل إليه مصير الضحية، فإن للمحاكم أن تعتبر أن الجريمة قائمة، أي جريمة اختطاف بلا نهاية. وحتى لو كان الضحية قد اعتُقل و"اختفى" قبل العفو الصادر في عام 1978، فإن استمرار رفض العسكريين الإقرار بذلك، على أهميته الحساسة، أي رفضهم الإجابة عن الأسئلة الخاصة بمصير الضحية، وإتاحة الفرصة لأفراد الأسرة للبكاء على من فقدوه واستئناف حياتهم المعتادة، معناه تمديد الجريمة إلى ما بعد عام 1987 وتجاوز الحماية التي يوفرها مرسوم العفو. وما تزال عشرات الحالات قيد النظر حالياً في المحاكم في شيلي، بموجب هذه النظرية، مما يمكننا من القول بأن سيادة القانون قد بدأت تمتد لتشمل العسكريين في شيلي.

وتمثل تيمور الشرقية حالة أقل وضوحاً وإن كانت لها أهميتها أيضاً. فعلى الرغم من عدم إقامة آلية دولية للعدالة حتى تتصدى لجرائم الميلشيات فلقد أنشأت الأمم المتحدة لجنة تحقيق دولية مهمتها التحقيق في الدور الذي اضطلعت به جاكرتا في أعمال العنف. وكان تشكيل مثل هذه اللجنة في رواندا والبوسنة بمثابة البشير بإنشاء محكمة جنايات دولية (وإن لم يحدث ذلك حتى الآن في جمهورية الكونغو الديموقراطية)، ولم يمنع تعيين أعضاء اللجنة الخاصة بتيمور الشرقية الحكومة الإندونيسية من قبول نشر القوة المتعددة الجنسيات في الإقليم. بل ولم يعرقل الجيش انتخاب أول رئيس للجمهورية في السنوات الأربعين التي انقضت على استقلال البلاد، بحيث جرى الاقتراع عليه بالأسلوب المعتاد ودون أن تكون النتيجة محددة سلفاً. ومثلما حدث في صربيا وفي شيلي، كان تركيز أنظار المجتمع الدولي على جرائم العسكريين من عوامل زعزعة قبضتهم على السلطة لا تثبيتها.
تدعيم الأخلاقيات العامة
إن التقدم الذي شهده عام 1999 في التصدي للجرائم المرتكبة ضد الإنسانية لا تقتصر دلالته على ما أدخله من تعديلات في فكرة الامتيازات التي تتمتع بها السيادة الوطنية، إذ يكمن خلف مظاهر التقدم على طريق العدالة الدولية، زيادة نشر القوات العسكرية لوضع حد للفظائع، تطور في الأخلاقيات العامة. فلقد ازداد رفض الناس اليوم، عما كان عليه في أي وقت من أوقات التاريخ الحديث، للمخالفات الشديدة لحقوق الإنسان وازداد إصرارهم على ضرورة اتخاذ إجراء ما لوضع حد لها. ولكن زيادة رفض السلوك اللا إنساني لا تبشر بانتهاء عهد ارتكاب الفظائع التي ابتلينا بها في الكثير من فترات القرن العشرين، إذ إن بعض الحالات تتسم بدرجة من التعقيد أو الصعوبة التي لا يتيسر معها استعمال النفوذ الأجنبي. ولكن هذه الأخلاقيات العامة المدعّمة قد أقامت ولاشك عقبة قادرة على أن تحول في بعض الأحوال على الأقل، دون وقوع هذه الجرائم أو وضع حد لها وإنقاذ الأرواح.
ومن العوامل الرئيسية الحافزة على تدعيم الأخلاقيات العامة حركة حقوق الإنسان، أي شبكة المنظمات التي نشأت على مدى العقود الأخيرة في كل بلد من بلدان العالم تقريبا، وقدرة هذه الحركة على اجتذاب الاهتمام والتأييد من الصحافة والجمهور. وتكتسب الحركة من يستمسكون بها بفضل قدرتها على التواصل مع أولى القيم الأساسية للبشر في شتى أنحاء العالم. فهي تفحص وتحقق تحقيقاً دقيقاً في المخالفات المرتكبة، وتميط اللثام عنها حتى تتأملها عيون الجميع على ضوء المواثيق الدولية، وبذلك تساعد في بناء وتدعيم أحكام الجمهور عليها وإدانته لهذا السلوك الخاطىء، وهي ترصد وترفع النقاب عن رد فعل المجتمع الدولي إزاء هذه الانتهاكات، فتدفع الجماهير إلى المطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة أسوأ نوازع البشر وميولهم.

وقد اكتسبت منظمات حقوق الإنسان في بعض البلدان أعداداً كبيرة من الأعضاء والمناصرين، وحسبنا أن نضرب المثل بالملايين من أبناء كولومبيا الذين خرجوا إلى الشوارع في أكتوبر/تشرين الأول للتظاهر احتجاجاً على الحرب التي تخوضها البلاد والتي اتسمت بالانتهاكات الجسيمة، والأغلب أن يكون عدد أعضاء هذه المنظمات متواضعاً، ولكن قوتها لا ترجع إلى الكثرة العددية بل إلى قدرتها على فرض قيمها على المناقشات الجماهيرية وتغيير أفكار الناس بشأن الإجراء الذي يمكن بل ويجب اتخاذه للقضاء على الانتهاكات. ومن الأمثلة الناصعة على ذلك معاهدة حظر الألغام التي أصبحت سارية المفعول اعتباراً من أول مارس/آذار، أي في زمن قياسي لم يسبق لمعاهدة أخرى أن حققته، وما أن انتهى شهر أكتوبر/تشرين الأول حتى كان عدد الحكومات التي صادقت عليها قد بلغ 89 حكومة.
ومعظم جهود العاملين في مجال حقوق الإنسان تنصب على الانتهاكات التي لم تبلغ بعد مستوى الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، والواقع أن أحد الأهداف المهمة لحركة حقوق الإنسان هو وضع حد للانتهاكات قبل أن تتكاثر، وأن تحدد مواقع التمييز والقهر وأن تضع حداً لها، فهي نذير بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقد ساعدت هذه الجهود اليومية في مجال حقوق الإنسان على تكوين اعتقاد راسخ لدى الجماهير بأنه لا يجب السكوت على انتهاكات حقوق الإنسان مهما يكن نوعها. ولقد بينت السنة المنصرمة مدى اشتداد ساعد هذه الأخلاقيات العامة، حتى في الحالات العسيرة، إذ أرغمت المجتمع الدولي على التدخل في كوسوفو وفي تيمور الشرقية، رغم غياب المصالح الاستراتيجية ووجود اعتبارات لها وزنها تدعو لعدم التدخل.
ولن تكون هذه الأخلاقيات العامة، بطبيعة الحال، كافية في جميع الأحوال لحفز الحكومات على العمل، فقد تكون القوى المناهضة لها أقوى مما يمكن التصدي له، ومن ثم فلابد من بذل جهود أخرى لتدعيم المواقف الفكرية للجماهير حتى تشعر الحكومات أنها مرغمة على التصدي، بصورة أكثر اتساقاً، للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. وها نحن نرى الآن، والألفية الثانية للميلاد تطوي صفحتها، نرى أن طاقة حركة حقوق الإنسان على استقطاب وحشد المثل العليا للإنسانية تفعم قلوبنا بالأمل في مستقبل يزداد فيه احترام حياة الإنسان والكرامة المتأصلة في كل فرد من أفراد الجنس البشري.
هذا التقرير
التقرير العالمي هو المراجعة السنوية العاشرة التي تصدرها منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" للأحداث الجارية في مجال حقوق الإنسان على مستوى العالم كله، ويتضمن التطورات التي شهدتها 68 بلداً، ويصدر قبل حلول يوم حقوق الإنسان أي العاشر من ديسمبر/كانون الأول 1999. ويتناول التقرير الأحداث التي وقعت في الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني 1998 إلى أكتوبر/تشرين الأول 1999، ومعظم الفصول تتناول بالفحص التطورات المهمة التي وقعت في مجال حقوق الإنسان في كل بلد على حدة؛ وردود أفعال القوى العالمية مثل الاتحاد الأوربي، واليابان والولايات المتحدة والأمم المتحدة وشتى المنظمات الإقليمية؛ وحرية المدافعين محلياً عن حقوق الإنسان. وتعالج الفصول الأخرى بعض المسائل الأخرى المهمة مرتبة وفقاً للموضوع.
وتتجلى في التقرير جهود التحقيق الواسعة النطاق التي بذلها الباحثون في منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" على امتداد عام 1999، والتي تتميز بالمشاركة الوثيقة بين هؤلاء الباحثين وبين المناضلين في سبيل حقوق الإنسان في كل بلد من البلدان المعنية. وتقارير منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" التي تنشر أثناء العام تتضمن معلومات مفصلة عن المواد التي تعالجها الملخصات المقتضبة المجموعة في هذا التقرير. كما تتجلى في فصول التقرير الحالي جهود الدعاة العاملين بمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، التي تختص بالرصد الدقيق لسياسات الحكومات والمؤسسات في مجال حقوق الإنسان، وهي التي تتمتع بالقدرة على كبح جماح انتهاكات حقوق الإنسان.
وعلى نحو ما حدث في الأعوام الماضية، لا يتضمن هذا التقرير فصلاً خاصاً بكل بلد نعمل فيه، ولا يناقش كل قضية من القضايا المهمة. وعدم إدراج بلد أو قضية لا يعني، في أحوال كثيرة، إلا أن النقص في عدد العالمين أو في التمويل قد حال دون ذلك، ويجب ألا يُفسرّ بأنه دليل على مدى أهمية قضايا حقوق الإنسان المطروحة. ومن العوامل الأخرى التي كان لها تأثيرها في تركيز اهتمامنا في العمل الذي قمنا به في عام 1999، ومن ثم في محتويات هذا التقرير، مدى شدة المخالفات المرتكبة، ومدى إمكان حصولنا على المعلومات الخاصة بها، وقدرتنا على التأثير في السلوك المخالف، ورغبتنا في تحقيق التوازن في عملنا عبر شتى التقسيمات السياسية والإقليمية، ومعالجة الموضوعات المهمة والمسائل المتعلقة بها.

عن مراقبة حقوق الإنسان

الصفحة التالية next اكتب لنا بالعربية أو الإنجليزية
mena@hrw.org
الصفحة السابقة
back

الصفحة الرئيسية