Saudi Arabia



Saudi Arabia Saudi Arabia
  

II. التطورات التشريعية ونظام الإجراءات الجزائية

منذ حكم الملك عبد العزيز آل سعود (1902 إلى 1953)، أصدرت الحكومة السعودية عدة أنظمة حاكمة للحياة العامة. والأنظمة الهامة شملت نظام الأمن العام (1950) ونظام العمل (1969 المعدل في عام 2005)، ونظام القضاء (1975 المعدل في أكتوبر/تشرين الأول 2007)، ونظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1980، حاليا قيد التحديث).

وقد اتخذت السعودية خطوة أخرى تجاه تأسيس نظام قضائي أكثر مهنية بتأسيس هيئة التحقيق والادعاء العام بموجب قانون وضعي في عام 1989.

ومع تزايد الأنظمة الجديدة (القوانين الوضعية)، يقول المعارضون السعوديون إن هذه الأنظمة لا أساس لها في أي وثيقة سابقة، كالدستور، تنص على حقوق وواجبات المواطنين. وفي عام 1992 أصدر الملك فهد ثلاث وثائق من هذا النوع، وهو ثالوث القوانين الإدارية. النظام الأساسي للحكم، وهو النموذج السعودي للدستور، أعلن أن الدولة ملكية إسلامية ولفرعي الحكومة التنفيذية والتشريعية بعض السلطات، وكذلك للسلطة القضائية بعضها. وفي الوقت نفسه أصدر الملك مرسوماً بنظام المناطق يحدد تقسيم السلطات بين المناطق والحكومة المركزية ويولي حُكام المناطق مسؤولية حماية حقوق المواطنين وتنمية المناطق الخاضعة لحكمهم. وفي الوقت الحالي فإن كل حُكام المناطق الثلاثة عشر المسؤولين أمام وزارة الداخلية (مادة 8) هم جميعاً من أمراء الأسرة المالكة. وثالث هذا الثالوث من القوانين الإدارية الأساسية هو نظام مجلس الشورى. ويعين الملك أعضاءه (في الأساس 60 ثم أصبحوا الآن 150 عضواً)، لـ"دراسة" و"تفسير" التشريعات، لكن ليس لاقتراحها (المادة 15).

ولم تحم هذه القوانين حقوق الإنسان الهامة بالحد الكافي، خاصة فيما يخص نظام العدالة الجنائية. وتعريفات حقوق وواجبات المتهمين والمدعين والادعاء ما زالت فضفاضة. وفيما قال مسؤولو الحكومة والمحامون إن تفسيرات الشريعة تضم مبادئ مثل "لا عقاب دون ارتكاب جريمة" و"افتراض البراءة حتى ثبوت الذنب"، فإن هذه المبادئ ليست مُقننة على هيئة قوانين، والشريعة نفسها لا تمنح إلا القليل من التوجيه بشأن موضوعات مثل الحدود المفروضة على فترات الاحتجاز السابق للمحاكمة، والحق في مشاورة الدفاع، أو الحق في أن يُحاكم الشخص حضورياً. كما لم يحدد النظام الأساسي للحكم الحقوق الأساسية المتعلقة بإجراءات التقاضي السليمة والمحاكمات العادلة التي قد يلتمسها المتهمون في نظام العدالة الجنائية لدى اعتقالهم أو أثناء تواجدهم في المحكمة.

وقد ساعدت مجموعة جديدة من القوانين على سد بعض الثغرات التي خلفها النظام الأساسي للحكم. ففي عام 2000 أصدرت الحكومة نظام المرافعات الشرعية الذي وضعته في 266 مادة. وفي العام التالي وافق الملك فهد على نص نظام الإجراءات الجزائية الذي دخل حيز النفاذ في عام 2002. ويشتمل النظام على 225 مادة تحدد مجريات القضايا الجنائية، من قواعد جمع الأدلة وحفظها وشروط الاعتقال والاحتجاز السابق على المحاكمة، بما في ذلك الكفالة، واختصاص المحاكم ومجريات القضايا فيها. وفي الوقت نفسه أصدرت الحكومة نظام المحاماة الذي ينص على إجراءات الترخيص بمزاولة مهنة المحاماة وتوكيل المحامين وحقوقهم وواجباتهم. وهذه القوانين الجديدة منحت المواطنين السعوديين تعريفاً أوضح لحقوقهم في الاحتجاز وأثناء المحاكمات، ووضعت إجراءات يجب أن يتبعها المحققون والمحاكم. وللمرة الأولى أصبح للمتهمين الحق في مشاورة الدفاع أثناء التحقيق كما يحق لهم هذا أثناء المحاكمة (نظام الإجراءات الجزائية، مادة 4).

وقال الشيخ محمد آل عبد الله، رئيس هيئة التحقيق والادعاء، لـ هيومن رايتس ووتش إن "كل عملنا يتبع نظام الإجراءات الجزائية في كل القضايا".12 وغالبية من قابلتهم هيومن رايتس ووتش قالوا إن الحكومة السعودية تنفذ الأنظمة الجنائية بشكل لا ينطوي على المساواة، وفي بعض الأحيان لا تطبقها بالمرة. ووصف المتهمون حالات كثيرة محددة لم يتصرف فيها الادعاء ولا الضباط القائمون بالاعتقال ولا القضاة بناء على أحكام الأنظمة القانونية. وقال المحامي أيمن الذي يعمل في جدة لـ هيومن رايتس ووتش: "نظام الإجراءات الجزائية ما زال جديداً على ضباط السجون. وعلى المحتجز أن يصر على حقوقه وأن يكون على دراية بها. فلا أحد سيخبره بحقه أو ييسر" له الحصول عليه.13 أما هشام، المحامي من الدمام الذي لديه خبرة في المحاكمات، فأكد لـ هيومن رايتس ووتش أن: "القضاة لا يلمون جيداً بنظام الإجراءات الجزائية".14

ويقسم القانون السعودي الأفعال الجنائية إلى ثلاثة فئات واسعة: (1) الجرائم المرتكبة بحق الله ويعاقب عليها القرآن بعقوبات مقررة لا تتغير (جرائم الحد)... (2) حقوق الأشخاص في القصاص من جرائم مرتكبة بحقهم (القصاص)... (3) عقوبات متغيرة لكافة الجرائم الأخرى (التعزير).




12  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الشيخ محمد آل عبد الله، رئيس هيئة التحقيق والادعاء، الرياض، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

13  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أيمن، محام من جدة، 11 ديسمبر/كانون الأول 2006.

14  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هشام، محام من الدمام، 18 ديسمبر/كانون الأول 2006.