Human Rights Watch
HRW World Report 1999
MENA Overview
Human Rights Developments
Human Rights Defenders
International Community
Algeria
Bahrain
Egypt
Iran
Iraq & Kurdistan
Israel
Saudi Arabia
Syria
Tunisia
التطورات في مجال حقوق الإنسان

يتضمن القانون الأساسي لعام 1992 المعروف باسم "قانون الكرامة الإنسانية والحرية"، وهو قانون إسرائيل الرئيسي الخاص بحقوق الإنسان، تعريفاً لإسرائيل يقول إنها دولة دينية، وهو لا يحظر التمييز ولا يكفل المساواة أمام القانون. وتنطوي كثير من القوانين والممارسات على تمييز صريح ضد الأقليات العرقية والدينية وضد المرأة في شتى القضايا، من الإسكان والعمل إلى الأحوال الشخصية. ولا يكفل القانون الإسرائيلي حرية الدين، ولم تكن إسرائيل حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول قد استكملت تنفيذ قانون عمره عامان يسمح بالدفن المدني، كما أنه ليست لديها قوانين تسمح بالزواج المدني. وفي 20 مايو/أيار، وافق الكنيست (البرلمان) خلال القراءة الأولى على مشروع قانون ينص على أن يُعاقب بالحبس ثلاث سنوات أو بدفع غرامة مقدارها 50 ألف ليرة إسرائيلية (13700 دولار أمريكي) كل من يقوم بالوعظ الديني بهدف تغيير دين شخص آخر

وانتهت "اللجنة المعنية بحقوق الإنسان" في الأمم المتحدة، في يوليو/تموز، إلى أن التمييز ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل قد أدى إلى انخفاض كبير في مستوياتهم التعليمية، ومدى انتفاعهم بالرعاية الصحية والإسكان والأراضي وفرص العمل، بالمقارنة بالإسرائيليين اليهود. وطبقاً لما ذكره "المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل" (عدالة)، فقد أدى تدخل الشرطة لفض المظاهرات، التي اندلعت في سبتمبر/أيلول احتجاجاً على قيام إسرائيل بمصادرة أراضي المواطنين الفلسطينيين بالقرب من بلدة أم الفحم، إلى إصابة 400 شخص بجراح، نتج بعضها عن استعمال الذخيرة الحية. وأوضح إلياهو بن عون، نائب قائد قوات الشرطة، ما فعلته قواته إذ قال للصحفيين "من الشائع في الأراضي [المحتلة] استعمال الذخيرة الحية في مثل هذه الحالات بقصد إحداث الضرر". وفي يوليو/تموز، اعترفت وزارة الداخلية بأن إسرائيل قامت في الفترة من عام 1984 إلى عام 1990 بإسقاط الجنسية الإسرائيلية عن أية امرأة فلسطينية تتزوج فلسطينياً من غير المواطنين الإسرائيليين وتقيم معه في الأراضي المحتلة أو في الأردن

وألغت إسرائيل تصاريح الإقامة الدائمة للفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية، الذين عجزوا عن تقديم الوثائق الكثيرة اللازمة لإثبات أن مركز حياتهم يقع داخل حدود بلدية القدس. وذكر مسؤولو وزارة الداخلية إن 1641 فلسطينياً وأسرهم فقدوا حق الإقامة في القدس في الفترة من عام 1996، الذي شهد بداية تطبيق هذه السياسة، وأغسطس/آب 1998. وكانت هناك 500 حالة أخرى لا تزال قيد النظر. أما الأفراد الذين فقدوا حقوق الإقامة، فقد فقدوا أيضاً مزايا التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، وتعرضوا لخطر منعهم من العودة إلى القدس

وواصلت المنظمات العمالية، مثل منظمة "عنوان العامل للدفاع عن حقوق للعمال" ومقرها تل أبيب، انتقاد سياسات الحكومة تجاه العمال، والتي تسببت في تعريض العمال الأجانب والفلسطينيين للاستغلال من جانب أصحاب العمل ومقاولي الأعمال. وفي مارس/آذار، أعلن وزير العمل إيلي يشاي بعض الخطط الرامية إلى تقليل عدد العمال الأجانب في القوى العاملة من 10 في المائة إلى واحد في المائة بحلول عام 2005، بحيث يحل محلهم العمال الفلسطينيون من الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد تزايد عدد العمال الأجانب بصورة كبيرة بعد عام 1993، عندما وضعت إسرائيل قيوداً شديدة على حرية دخول الفلسطينيين من الضـفة الغربية وقطاع غزة إلى إسرائيل والقدس الشرقية. ووعد يشاي بزيادة ترحيل العمال غير المسجلين بحد أقصى يبلغ ألفين شهرياً، وتخفيض المدة التي يستغرقها إعداد أوامر الترحيل إلى نحو عشرة أيام. وقد قامت إسرائيل بحبس بعض المهاجرين ريثما يحين موعد ترحيلهم، وأحياناً ما كان العمال الذين لم يتمكنوا من سـداد تكاليف إعادتهم للوطن يقضون فترات في السجن وصل بعضها إلى ستة شهور، دون إشراف قضائي، في انتظار الترحيل

وكانت إسرائيل تمارس سيطرتها الكاملة أو الجزئية على 97 في المائة من الضفة الغربية و40 في المائة من قطاع غزة، وكانت السلطة الفلسطينية، التي أُنشئت في عام 1994 بناءً على اتفاقيات أوسلو، تمارس السيطرة الكاملة على باقي تلك الأراضي. ورغم أن معظم الفلسطينيين كانوا يقيمون في المناطق التي تخضع إلى درجة ما لسيطرة السلطة الفلسطينية، فإن إسرائيل كانت تمارس سيطرة واسعة النطاق على حرية تنقل جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعوق ممارسة الحقوق التي تعتمد على حرية التنقل

وكانت إسرائيل قد منعت الفلسطينيين الذين يقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة، ممن لا يحملون التصاريح التي يصعب الحصول عليها، من دخول أو عبور إسرائيل أو القدس الشرقية منذ مارس/آذار 1993. وأدى ذلك المنع إلى إعاقة النشاط الاقتصادي الفلسطيني والتمتع بالرعاية الصحية، ودخول المدارس والجامعات، وزيارة أماكن العبادة وأفراد الأسرة في المناطق الأخرى من الأراضي المحتلة أو في سجون إسرائيل. ورغم ادعاءات إسرائيل من أن إغلاق الحدود كان بمثابة تدبير أمني له ما يبرره، فإن الطابع التعسفي للإجراءات والمعايير الخاصة بإصدار التصاريح، وتطبيق هذه السياسات دون تمييز على جميع السكان، أحالها إلى عقوبة جماعية

وكثيراً ما تسببت المتاريس المقامة لتنفيذ ذلك الإغلاق في وقوع الاحتكاك الذي كان يؤدي إلى سقوط العديد من القتلى والمصابين. فقد تُوفي طفلان رضيعان أثناء إغلاق الحدود وحظر التجول الذي فُرض في مدينة الخليل في شهر أغسطس/آب، وذلك بعد أن منع الجنود والدتيهما من الوصول إلى المستشفى. ووصفت قوات الدفاع الإسرائيلي (الجيش) وفاتهما بأنها وقعت نتيجة خطأ في الحكم وسوء تفاهم مؤسف. ولكن سياسات الإغلاق كانت تؤدي أحياناً إلى وفاة البعض، حتى حين تُنفذ طبقاً لتعليمات الجيـش الإسرائيلي، على نحو ما حدث يوم 10 مارس/آذار عند أحد المتاريس في بلدة ترقوميا، إذ قُتل ثلاثة عمال فلسطينيين وجُرح ستة آخرون، عندما أطلق الجنود النار على الشاحنة التي كانوا يستقلونها عندما عجز السائق عن التحكم فيها، وكان ذلك فيما يبدو بسبب أحد الأعطال الميكانيكية. وفي حديث مع الصحفيين، قال الجنرال عوزي ديان، الذي كان آنذاك رئيساً للقيادة المركزية للجيش: "لم يحدث خلال العامين اللذين توليت فيها هذه المهمة، أن أُحيل جندي واحد للمحاكمة بسبب أي أحداث وقعت أثناء وجوده في الميدان". وفي مايو/أيار، أغلق المدعي العسكري ملف التحقيق دون توجيه اتهام لأحد

ورغم قواعد الاشتباك التي تهدف إلى تقليل الوفيات من المدنيين إلى أدنى حد ممكن، فلقد ثبت تورط الجيش وشرطة حرس الحدود في حوادث قتل ما لا يقل عن 12 شخصاً آخرين، فضلاً عن جرح الكثيرين في الشهور العشرة الأولى من العام. ففي 14 مايو/أيار، قُتل خمسة فلسطينيين، وجُرح ما لا يقل عن 300، وكانت جراح بعضهم خطيرة، عندما أطلق الجنود نيران الذخيرة الحية والرصاص المغلف بالمطاط في محاولة لتفريق المتظاهرين في الضفة الغربية وغزة. وقد ذكر "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" ومقره غزة أن من بين الفلسطينيين الذين جُرحوا في غزة في ذلك اليوم، والبالغ عددهم 71 جريحاً، كان هناك 46 شخصاً أُطلقت عليهم الذخيرة الحية، كما أُصيب 52 منهم في النصف الأعلى من الجسم

ولم تكن إسرائيل حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول قد سلمت جثتي عادل عوض الله، البالغ من العمر 31 عاماً، وأخيه عماد عوض الله، البالغ من العمر 27 عاماً، واللذين لقيا مصرعهما على أيدي وحدة من قوات الشرطة الخاصة، يوم 10 سبتمبر/أيلول. وكانت إسرائيل تسعى للقبض عليهما للاشتباه في قيامهما بأنشطة تابعة للجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" المناوئة. وما زال الغموض يكتنف الظروف التي قُتلا فيها، كما رفضت إسرائيل الطلبات التي قُدمت إليها لإجراء تحقيق مستقل من جانب خبراء الطب الشرعي. وكان عماد محتجزاً لدى السلطة الفلسطينية في الفترة من 29 مارس/آذار حتى 15 أغسطس/آب، ثم ورد أنه هرب من زنزانة غير مغلقة الأبواب. وقال العماد اسحاق إيتان، رداً على الأسئلة التي وُجهت إليه في البداية عما إذا كان الرجلان قد أُتيحت لهما فرصة تسليم أنفسهما، "ماذا تريدونني أن أفعل؟ أن أطرق الباب؟" وفيما بعد، أنكر اللواء موشى يالون، قائد الضفة الغربية، التهم التي وجهها إليه رئيس جهاز المخابرات في السلطة الفلسطينية، أمين الهندي، وغيره والتي تقول إن الرجلين قد قُتلا غيلة، قائلاً "لقد حاولا إطلاق النار على كلاب [الشرطة] وقتلهم رجالنا"

وحتى أغسطس/آب، كان ما يربو على ثلاثة آلاف فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة يرزحون في السجون الإسرائيلية، مما يشكل انتهاكاً لاتفاقية جنيف الرابعة. وكان ما يقرب من 1400 منهم يقضون عقوبة السجن المؤبد، وكان الكثيرون يعانون من سوء الأحوال ونقص الرعاية الصحية. وإلى جانب هؤلاء السجناء، كان ما لا يقل عن 53 شخصاً آخر محتجزين، حتى منتصف سبتمبر/أيلول، قيد الاعتقال الإداري في ظل ظروف مماثلة. وكان الكثيرون قد قضوا سنوات كثيرة في الحجز، دون تهمة أو محاكمة، ودون نظر قضائي فعّال في احتجازهم. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1997، قضت المحكمة العليا بأنه يجوز تطبيق الاعتقال الإداري لاحتجاز المواطنين اللبنانيين واستخدامهم في المساومات فعلياً، أي باعتبارهم رهائن، رغم أن المعتقلين أنفسهم لا يشكلون خطراً على أمن الدولة. وفي 15 إبريل/نيسان، أُطلق سراح أحمد قطامش، الذي قضى أطول مدة قيد الاعتقال الإداري، والتي بلغت ما يقرب من ستة أعوام دون تهمة واستمر تعرض المعتقلين للتعذيب أو سوء المعاملة أثناء التحقيق معهم، على أيدي أفراد "جهاز الأمن العام"، أمراً متفشياً يُمارس بشكل دؤوب. ففي يناير/كانون الثاني ومايو/أيار، نظرت هيئة المحكمة العليا، التي تتكون من تسعة قضاة، في الحجج الخاصة بأساليب التحقيق التي تتبعها تلك الأجهزة، ولكنها أجّلت إصـدار الحكم فيما إذا كانت تلك الأساليب تُعتبر من ضروب التعذيب في نظر القانون الإسرائيلي، ولو أن الأمم المتحدة وجدت أنها تنتهك معاهدتين تحظران التعذيب (انظر أدناه). كما ناقش الكنيست مشروع قانون يرمي إلى تقنين هذه الأساليب في إطار قانون إسرائيلي جديد، يؤدي فعلياً إلى السماح قانوناً بالتعذيب، ولكن مشروع القانون المذكور لم يكن قد أُقر بصورة نهائية حتى أكتوبر/تشرين الأول

وواصلت إسرائيل هدم المنازل الفلسطينية التي بُنيت دون تصريح حول المنشآت الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، مما أدى إلى نزوح المئات. وكان من شبه المحال على الفلسطينيين الحصول على تصاريح البناء، ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن ما يقرب من ثلاثة آلاف منزل في الضفة الغربية قد تكون معرضة للهدم. وفي الوقت الذي اتجهت إسرائيل فيه إلى هدم منازل الفلسطينيين، أصدرت تصاريح لتنفيذ مشروعات سكنية عملاقة، بما في ذلك حوافز الإعفاءات الضريبية، وشق الطرق، وإنشاءات البنـية الأساسية اللازمة لها في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية. وكثيراً ما كانت موافقة الحكومة على الإنشاءات الجديدة تصدر فور قيام الفلسطينيين بهجمات على المستوطنين، على نحو ما حدث في أغسطس/آب حين صدر قرار توسيع مستوطنتي يتزهار وتل الرميدا، وتخصيص مبلغ 90 مليون ليرة إسرائيلية لبناء مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة. وقد أجرت حركة "السلام الآن" مسحاً في أغسطس/آب، انتهت فيه إلى أن العمل يجري حالياً في إنشاء 5892 وحدة سكنية جديدة في 142 مسـتوطنة، بينما لا يزال عدد كبير من الوحدات التي اكتمل بناؤها شاغراً. كما أقرت وزارة الإسكان بأن ما يقرب من ربع العدد الكلي للوحدات السكنية التي أنشأتها الحكومة في الضفة الغربية في الفترة من عام 1989 إلى 1992 لم يشغلها أي ساكن على الإطلاق حتى الآن وواصلت إسرائيل ممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية حتى تسلمها عدداً من المتهمين والمشتبه فيهم يبلغ نحو 36 شخصاً، باعتبار ذلك شرطاً من شروط إحراز التقدم في مفاوضات تنفيذ اتفاقيات أوسلو. ويُذكر أن نقل الأشخاص الذين يتمتعون بالحماية بموجب اتفاقيات جنيف إلى أراضي دولة احتلال يُعتبر فعلاً غير قانوني، كما إن تسليم الأشخاص إلى دولة قد يتعرضون فيها على الأرجح لخطر التعذيب، هو أمر تحظره "اتفاقية مناهضة التعذيب"، التي صادقت إسرائيل عليها

السلطة الفلسطينية

تقاعست السلطة الفلسطينية عن تقنين الضمانات المهمة لتفادي انتهاكات حقوق الإنسان، ومن بينها أنماط الاعتقال التعسفي دون تهمة أو محاكمة، والتعذيب أو سوء المعاملة أثناء التحقيق، والمحاكمات التي تتسم بالجور الشديد، واضطهاد منتقديها. وقد رفض الرئيس ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية، المصادقة على القانون الأساسي الذي وافق عليه "المجلس التشريعي الفلسطيني" في أكتوبر/تشرين الأول 1997، فحرم الفلسطينيين من أي نص صريح يبين حقوقهم، أو واجبات ومسؤوليات السلطات الثلاث للحكومة وهي التنفيذية والقضائية والتشريعية. وكثيراً ما كان رجال الحكومة الذين يتحملون مسؤوليات محددة لضمان حقوق الإنسان، مثل النائب العام والقضاة، يجدون أنفسهم عرضة للضغط حتى يتبعوا رغبات السلطة التنفيذية، وأنهم لا يستطيعون تنفيذ الأحكام التي أصدروها

وقامت قوات السلطة الفلسطينية بإلقاء القبض بصورة تعسفية على بعض الأفراد واحتجازهم فترات طويلة دون تهمة، بل وأحياناً دون تمكينهم من الاتصال بالمحامين، أو من استقبال الزوار من أفراد الأسرة، حتى في الحالات التي يُصدر فيها النائب العام أو تُصدر المحاكم الأوامر بالاتصال بالمحامين. وقد أُلقي القبض على عدد كبير يصل إلى 150 شخصاً في أعقاب مقتل محي الدين الشريف، وهو أحد نشطاء حركة حماس، يوم 29 أغسطس/آب. وبحلول أكتوبر/تشرين الأول كان الكثيرون ممن قُبض عليهم في حملة الاعتقال المذكورة وغيرها لا يزالون رهن الاعتقال دون تهمة أو محاكمة، وكان من بينهم محمود مصلح، الذي قُبض عليه يوم 14 سبتمبر/أيلول 1997، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، الذي قُبض عليه يوم 9 إبريل/نيسان، والدكتور إبراهيم مقادمة، الذي قُبض عليه يوم 10 إبريل/نيسان، وغسان العداسي، الذي قُبض عليه يوم 29 مارس/آذار

ويقول المحامون إنهم كانوا يجدون صعوبة في مقابلة موكليهم، رغم حصولهم على إذن بذلك من النائب العام أو على أوامر من المحاكم التي تسمح بالزيارات. وجنح بعض المحتجزين في العديد من السجون إلى الإضراب عن الطعام للمطالبة بمحاكمتهم أو إطلاق سراحهم، وكانت أجهزة الأمن ترفض أحياناً تنفيذ الأمر الصادر من المحكمة العليا بالإفراج عن أحد المعتقلين. فحتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول، كانت قوات الأمن لا تزال تحتجز محمود مصلح، الذي صدر الأمر بالإفراج عنه يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1997، وعبد العزيز الرنتيسي، الذي صدر أمر الإفراج عنه يوم 4 يونيو/حزيران، وغسان العداسي، الذي صدر أمر الإفراج عنه يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول. أما النائب العام فايز أبو رحمة، الذي كان قد وعد بالتحقيق في حالات القبض التعسفي والاحتجاز التعسفي عند تعيينه في ذلك المنصب في يوليو/تموز 1997، ففقد استقال يوم أول مايو/أيار، وكان منصبه لا يزال شاغراً حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول. وقد وّجه أبو رحمة، في أسباب استقالته، الانتقاد إلى وزير الداخلية "لمحاولته الحد من دوري ومن سلطتي"، على حد قوله، كما انتقد مسؤولي الأمن لعدم استشارته قبل اعتقال السجناء السياسيين

وكثيراً ما كانت المحاكمات تفتقر إلى الحد الأدنى من ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة، وكان القضاة الذين يشكون من المخالفات القضائية يتعرضون للانتقام منهم أحياناً. إذ ورد أن القاضي قُصيّ العبادلة أُرغم في يناير/كانون الثاني على التقاعد عقب نشر مقابلة صحفية معه، تضمنت انتقاداتٍ للنظام القضائي. وكانت محاكم أمن الدولة والمحاكم العسكرية تحرم المتهمين من ممارسة جميع الحقوق التي تنص عليها الإجراءات الواجبة تقريباً، بما في ذلك حق الاستئناف، كما كانت هي التي أصدرت معظم أحكام الإعدام الثلاثة والعشرين التي حُكم بها منذ عام 1994. وكانت هذه المحاكم تصدر أحكامها في بعض الأحيان بعد ساعات معدودة من القبض على الأشخاص. ففي 30 أغسطس/آب نُفذ حكم الإعدام في الأخوين محمد ورائد أبو سلطان، وكلاهما من رجال المخابرات العسكرية، فكانا بذلك أول أشخاص تقوم السلطة الفلسطينية بإعدامهما، بعد أن أُدينا قبل ثلاثة أيام بقتل أخوين عمداً وإصابة ثالث بجروح، في النزاع الذي نشب بين الأسرتين. أما حكم الإعدام الذي صدر على فارس، شقيق محمد ورائد أبو سلطان، فقد خُفّف وأُبدل بالسجن المؤبد. وأُجريت المحاكمة في محكمة عسكرية يرأسها النائب العام السابق خالد القدرة، الذي كان قد عُزل من ذلك المنصب في عام 1997. ورغم السرعة البالغة التي اتسم بها إجراء المحاكمة وتنفيذ الإعدام، فإن وزير العدل، فريح أبو مدين، صرح بأنه راضٍ مائة في المائة عن الإجراءات القانونية

واتضح مراراً تورط قوات الأمن في التعذيب والفساد، ففي 11 أغسطس/آب، قام الرئيس عرفات بتعيين أحد وكلاء النيابة للتحقيق في وفاة وليد محمود القواسمي، البالغ من العمر 48 عاماً، أثناء وجوده في الحجز لدى المخابرات العامة يوم 9 أغسطس/آب. وكانت تلك هي الحالة العشرين من حالات الوفاة في الحـجز التي وصلتنا أنباؤها منذ عام 1994. وورد أن القواسمي قد قُبض عليه في مدينة الخليل في يوليو/تموز، ثم أُفرج عنه، ثم قُبض عليه من جديد في مدينة أريحا في أغسطس/آب. وذكرت "الجمعية الفلسطينية لحماية حقوق الإنسان والبيئة"، ومقرها القدس، (LAW, www. lawsociety. org) أن القواسمي قال لابنه عندما زاره في الحجز يوم 7 أغسطس/آب إنه كان يتعرض للتعذيب، كما اتضح من تشـريح الجثة وجود كسـور في الجمجمة ونزيف داخلي. وفي سبتمبر/أيلول ذكرت مصادر فلسطينية أن حسين أبو غالي، البالغ من العمر 55 عاماً، تُوفي بعد أن تعرض للضرب، وكان رئيس جهاز الأمن الرئاسي، جزار الغول، هو الذي قام بضربه. وقال أفراد الأسرة إن أبو غالي كان قد ذهب إلى مكتب الرئيس ليطلب المساعدة في الحصول على تصريح بالسفر لابنه للعلاج في الخارج. وقالت الشرطة لأفراد الأسرة بعد ساعات معدودة أن يقوموا بنقل جثمانه من المستشفى. وهناك لاحظوا آثار أقدام على ملابسه، ووجود الدم حول أنفه وفمه

واستمرت القيود المفروضة على حرية الصحافة. ففي 9 إبريل/نيسان أمرت الشرطة بإغلاق مكتب وكالة رويتر في غزة لمدة ثلاثة أشهر بعد أن أذاع مقابلة مسجلة على شريط مع عادل عوض الله (انظر أعلاه). وأوضح غازي الجبالي، رئيس الشرطة سبب الإغلاق قائلاً "إن مراسل وكالة رويتر تعَّمد إذاعة أنباء وموضوعات تؤدي إلى حدوث انقسامات داخل المجتمع الفلسطيني". وفُتح المكتب من جديد يوم 15 إبريل/نيسان، ولكن عباس الموماني، الصحفي الذي تسلم الشريط، قُبض عليه يوم 5 مايو/أيار، واحتُجز حتى يوم 14 مايو/أيار، ثم أُطلق سراحه بعد زيارة من ممثلي وكالة رويتر. وزعم الموماني أنه تعرض للتعذيب أثناء وجـوده في الحجز لدى المخابرات العامة. وفي 18 مارس/آذار، أصدرت المحكمة العليا أمراً بإعادة فتح مكتب صحيـفة "الرسالة"، وهي صحيفة أسبوعية يصدرها حزب "الخلاص"، وفي 11 يوليو/تموز، أصدرت صحيفة الاسـتقلال الأسبوعية، التابعة لمنظمة "الجهاد الإسلامي"، أول عدد لها منذ إغلاقها في عام 1996

Return to the Top