Syria



Syria Syria
  

VI. التزامات سوريا طبقاً للقانون الدولي

كل من الحق في حرية تكوين الجمعيات وما يستتبعه من حقوق في حرية التعبير والتجمع، كلها حقوق قائمة ومستقرة في القانون الدولي. وسوريا ملزمة بموجب عدة معاهدات دولية بالحفاظ على هذه الحقوق، ومن هذه المعاهدات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وقد صادقت سوريا على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 23 مارس/آذار 1976، وعلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في 3 يناير/كانون الثاني 1976.

ويحق للحكومة الحد من حرية تكوين الجمعيات، لكن على أسس معينة محددة وحينما تنطبق على الحالة شروط معينة. وطبقاً للمادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:

1. لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين...

2. لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم...

ويجب أن تخضع القيود المحددة في المادة 22 (2) للتفسير بالمعنى الضيق. فمثلاً مصطلحات مثل "الأمن القومي" و"السلامة العامة" تشير إلى مواقف يوجد فيها تهديد قائم وخطير للأمة. ويحق للحكومة فرض القيود فقط إذا كانت بموجب تشريع ساري وهذا للوفاء بمعيار أن تكون "ضرورية، في مجتمع ديمقراطي". ويعني هذا أن القيود يجب أن تكون في استجابة لحاجة عامة ضرورية ويتم توجيهها على أساس من القيم الديمقراطية الأساسية من التعددية والتسامح. ويجب أن تكون القيود "الضرورية" متناسبة أيضاً، أي أن تُوازن بحرص بالمقارنة بالسبب المحدد لفرض القيد.89 وقد كررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة التركيز على أهمية التناسب.90 وفي أثناء تطبيق قيد ما، على الحكومة ألا تستخدم أساليب للتقييد أكثر من الأساليب التي توجد حاجة ماسة إليها.

وتستخدم العهود الدولية نفس الأسلوب اللغوي في وصف حقوق حرية التعبير والتجمع. فالمادة 19(3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مثلاً تذكر أنه تستتبع ممارسة الحق في حرية التعبير وفي حرية التجمع واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:  "لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة".

وشرعية القيود الحكومية على الملكية وتوزيع المنشورات وكذلك القيود على توزيع المعلومات من قبل المنظمات غير الحكومية وأعضائها من الأفراد هي عرضة لنفس الاعتبارات الخاصة بالتناسب والضرورة. ولهذا يمكن للحكومة أن تحظر حيازة وتوزيع الأسرار العسكرية، لكن تقييد حرية التعبير لحماية الأمن القومي "مسموح به فقط في حالات التهديد السياسي أو العسكري الخطيرة للأمة بالكامل".91 وبما أن القيود التي يتم فرضها لحماية الأمن القومي لها القدرة على تقويض حرية التعبير تماماً، فثمة "متطلبات صارمة على الأخص يجب تطبيقها لدى النظر في ضرورة (وتناسب) أي قيد تشريعي"92

والمادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تعترف بـ"الحق في التجمع السلمي" وتضع نفس القيود المسموح بها التي تم وضعها في المادة 22(2). وقد أشار علماء مرموقون إلى أن الحظر أو القيود على حرية التجمع المستند إلى الأمن القومي "مسموح به فقط في حالات التهديد السياسي أو العسكري الخطيرة للأمة بالكامل". والقيود أو الحظر على أساس النظام العام "يجب

وفي 9 ديسمبر/كانون الأول 1998، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة "الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً"، والذي يُشار إليه باسم "إعلان المدافعين عن حقوق الإنسان". والمادة 5 من الإعلان تقول بأن لكل شخص الحق في الالتقاء أو التجمع سلمياً وفي تشكيل منظمات غير حكومية أو رابطات أو جماعات والانضمام إليها والاشتراك فيها. والمادة 6 تقول بأن لكل شخص الحق في معرفة المعلومات المتعلقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وطلبها والحصول عليها وتلقيها، وكذلك الحق في حرية نشر الآراء والمعلومات والمعارف المتعلقة بها ومناقشتها ونقلها وإشاعتها.

وقد أشارت مختلف هيئات الأمم المتحدة المسؤولة عن مراقبة التزام سوريا بالتزاماتها التعاقدية بموجب المعاهدات، أكثر من مرة، إلى حاجة الحكومة إلى التخفيف من القيود على المجتمع المدني.

إذ أنه في يوليو/تموز 2005، قالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن فحصها لتنفيذ سوريا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:

إن اللجنة قلقة بشأن المعوقات المفروضة على الشهر والعمل الحر لمنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية في الدولة الطرف، ومن التهديدات والمضايقات والاعتقالات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان. كما أن اللجنة ماضية في قلقها العميق إزاء الاحتجاز المستمر والقائم لعدد من المدافعين عن حقوق الإنسان ورفض شهر بعض منظمات حقوق الإنسان بعينها.

وعلى الدولة الطرف أن تطلق فوراً سراح كل الأشخاص المحتجزين لأنهم نشطاء في حقل حقوق الإنسان وأن تنهي كل المضايقات والتهديدات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان. وكذلك على الدولة الطرف أن تتخذ خطوات سريعة لتعديل كل التشريعات التي تقيد أنشطة هذه المنظمات، خاصة تشريع حالة الطوارئ الذي يجب ألا يتم التذرع به لقمع الأنشطة التي تهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وعلى الدولة الطرف أن تضمن أن يسمح قانونها وممارساتها لهذه المنظمات بالعمل بحرية.94



89  مانفريد نوفاك، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. تعليق (كيهل أم رين: إن. بي. إنجيل، 1993)، صفحات 386 و387.

90  انظر مثلاً، فلاديمير بتروفيتش لابتيسفيتش ضد بيلاروسيا، بيان  780/1997 من لجنة حقوق الإنسان. انظر أيضاً: ريتشارد فرايس، "الإطار القانوني للمجتمع المدني"، المجتمع المدني العالمي – الكتاب السنوي 2003، مركز دراسات الحكم الرشيد العالمي، كلية اقتصاد لندن، 2003، الفصل التاسع.

91  نوفاك، تعليقات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، صفحة 355.

92  المرجع السابق، صفحة 357.

94  لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف عملاً بالمادة 40 من العهد. ملاحظات ختامية من اللجنة المعنية بحقوق الإنسان: الجمهورية العربية السورية، CCPR/CO/84/SYR 9 أغسطس/آب 2005، على:   http://www.ohchr.org/english/bodies/hrc/hrcs84.htm (تم الاطلاع عليه في 10 أغسطس/آب 2007)، الفقرة 12.