Syria



Syria Syria
  

IV. الإطار القانوني السوري

يحمي الدستور السوري – من حيث المبدأ – الكثير من الحقوق الأساسية، ومنها حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات مع الآخرين. والمادة 38 من الدستور تضمن حق كل مواطن في "أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى" وأن "يسهم في الرقابة والنقد البناء بما يضمن سلامة البناء الوطني والقومي ويدعم النظام الاشتراكي". وتكفل المادة 39 للمواطنين الحق في الاجتماع والتظاهر سلمياً وينظم القانون ممارسة هذا الحق.21

إلا أنه من حيث الممارسة، استعانت السلطات السورية بحالة الطوارئ المطبقة والتشريع المقيد المصاحب لها، في قمع أنشطة المنظمات غير الحكومية وجماعات حقوق الإنسان. والدافع وراء هذا المنهج هو الرؤية الرسمية بأنه ليس من المفترض بالمنظمات أن تكون بديلة للمؤسسات الحكومية، بل أدوات في يد الحكومة لتنمية المجتمع وصيانة أهداف الثورة البعثية. وهذا الرأي يتضح من رد بشار الأسد عام 2001 على سؤال حول آرائه الخاصة بـ"المجتمع المدني" في سوريا:

الشيء الأساسي أن هذه المؤسسات ليست بديلة عن مؤسسات الدولة كما يطرح البعض ولا يجب أن تكون سابقة لها في البناء

قانون الطوارئ

حالة الطوارئ المفروضة حالياً نافذة منذ 8 مارس/آذار 1963، حينما وصل حزب البعث إلى السلطة.23 وعلى حاله القائم فإن قانون الطوارئ يخول رئيس الوزراء سلطة حاكم البلاد حسب القانون العرفي ووزير الداخلية نائبه، ويمنحهما سلطات فائقة. وتسمح أحكام القانون التي تمنح سلطات واسعة للحاكم العرفي وهي:

وضع القيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والإقامة والتنقل والمرور في أماكن أو أوقات معينة، وتوقيف المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام توفيقاً احتياطياً والإجازة في تحري الأشخاص والأماكن في أي وقت، وتكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال.24

 وقد أدت أشكال السلطة هذه إلى تفشي حالة من إساءة السلطات الحكومية للحقوق والحريات الأساسية للشعب السوري وعلى نطاق واسع، إذ تبنت الحكومة إجراءات تعسفية لإسكات الانتقادات تحت شعار حماية الأمن الوطني. ومثلاً يحظر القانون مخالفة الأوامر الصادرة عن الحاكم العرفي، والجرائم الواقعة "ضد أمن الدولة والسلامة العامة"، والجرائم "الواقعة على السلطة العامة"، والجرائم "المخلة بالثقة العامة"، والجرائم التي "تشكل خطراً شاملاً".25

وبموجب حالة الطوارئ يمكن للسلطات السورية أن تحيل المتهمين المدنيين إلى محكمة أمن الدولة العليا، وهي محكمة استثنائية لا تتبع نفس القواعد التي تتبعها المحاكم السورية الاعتيادية.26 وقد اعتمدت السلطات السورية على محكمة أمن الدولة من قبل في مقاضاة نشطاء حقوق الإنسان، وكانت محكمة أمن الدولة العليا هي التي حكمت في مارس/آذار 1992 على عشرة من نشطاء لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا بالسجن (انظر الفصل الثالث أعلاه)، على سبيل المثال. وقد اتهمت محكمة أمن الدولة العليا المتهمين في تلك القضية بعضوية منظمة غير قانونية، وتوزيع المنشورات دون تصريح، وانتقاد الحكومة السورية، والتآمر لتقويض الحكومة.27

ويعتبر معظم نشطاء حقوق الإنسان أن استمرار تطبيق قانون الطوارئ هو العائق الأكبر أمام عملهم. وقد عبر أحدهم عن إحباطه وغضبه بقوله: "في نهاية المطاف، فالموضوع ليس موضوع قوانين [قائمة]، سواء كانت جيدة أم سيئة. إذ أنه بموجب حالة [الطوارئ]، لا يمكنني شراء ماكينة فاكس دون تصريح. إن الموقف ليس عملياً بالمرة".28

وينتهك التطبيق المستمر لقانون الطوارئ لأكثر من 44 عاماً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي تعتبر سوريا طرفاً فيه.29 والمادة الرابعة من العهد الدولي تقصر تطبيق قوانين الطوارئ على "حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسمياً". كما تنص المادة على أنه يجوز للدول الأطراف في العهد أن تتخذ "في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي".

وفي تقرير لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عام 2000، وهي الجهة المسؤولة عن رصد التزام الدول بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بررت سوريا استمرارها في تطبيق قانون الطوارئ بالقول بأنه منذ تأسيس إسرائيل عام 1948 وسوريا تواجه "تهديد حقيقي بالحرب من قبل إسرائيل" وإن هذا "يفرض موقفاً استثنائياً يتطلب التحريك السريع والموسع للقوات في الجمهورية العربية السورية، وبالتالي، يتوجب وجود تشريع يضمن قدرة الإدارة على التصرف سريعاً في مواجهة هذه الأخطار المحدقة".30

إلا أن لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لم تجد التبريرات مقنعة. وفي 28 يوليو/تموز 2005 خلصت اللجنة إلى ملاحظاتها حول الرد السوري:

مع إشارتنا إلى القلق حول حالة الطوارئ المعلنة منذ زهاء الأربعين عاماً والتي ما زالت نافذة وتساعد على التهرب من تنفيذ القانون وممارسة الحقوق المنصوص عليها بموجب المواد 9 و14 و19 و22 وغيرها من العهد، دونما أي تفسيرات مقنعة تم منحها حول علاقة أشكال التهرب من التنفيذ هذه بالنزاع مع إسرائيل وضرورة أن ترقى أشكال التهرب هذه إلى مستوى جسامة الموقف الطارئ المزعوم أن سببه النزاع.31

وفي ردها في سبتمبر/أيلول 2006 على انتقاد اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، أكدت سوريا على موقفها بأن حالة الطوارئ يفرضها "تهديد قائم بالحرب، واحتلال إسرائيل الجاري لجزء من أرض الجمهورية العربية السورية، وتهديد حقيقي بتوسيع نطاق هذا الاحتلال"، وأن:

يطبق قانون الطوارئ في الجمهورية العربية السورية في أضيق نطاق، وفي الحالات الخاصة جداً، ولا يعني بأي شكل من الأشكال تفضيله على أحكام الدستور والقوانين السارية، ولا الالتزامات الدولية الأخرى.32

ورغم أن إعلان سوريا بأن قانون الطوارئ ليس مفضلاً على الدستور السوري أو الالتزامات الدولية، هو إعلان يلقى الترحيب، فالممارسات الجارية من قبل الأجهزة الأمنية السورية تجاه نشطاء حقوق الإنسان (والموصوفة في الفصل الخامس أدناه)، لا تدعم هذا الإعلان.

قانون الجمعيات

يحكم قانون 1958 الخاص بالجمعيات والمؤسسات الخاصة (قانون رقم 93) تأسيس أي نوع من أنواع الجمعيات أو المنظمات في سوريا.33 وتم تبنيه أثناء الوحدة قصيرة الأجل بين مصر وسوريا في الجمهورية العربية المتحدة (1958 – 1961)، وتأثر كثيراً بأفكار أن على الدولة التحكم في المجتمع وتوجيهه. والكثير من التفاصيل القانونية المتصلة به توجد في اللائحة التنفيذية المصاحبة له التي تم تبنيها بواسطة المرسوم الرئاسي عام 1958 (اللائحة التنفيذية الصادرة بموجب مرسوم رقم 1330 في 13 أكتوبر/تشرين الأول 1958). وفي عام 1969 عدلت السلطات السورية من بعض أحكام القانون بمرسوم تشريعي (مرسوم تشريعي رقم 224) بحيث تزيد من رقابة الدولة على الجمعيات.34

وأحد الأحكام الأساسية التي أضافها المرسوم التشريعي رقم 224 يسمح للحكومة "بدمج" الجمعيات التي تؤدي أعمالاً متشابهة، وقدم كذلك فكرة عدم وجود الحاجة لأكثر من جمعية واحدة لأداء نفس النشاط. وكما نعرض أدناه، فإن الحكومة قد اعتمدت مراراً على هذا المفهوم في رفضها شهر جمعيات غير حكومية جديدة. وأحد الأحكام الهامة تسمح بحل الجمعيات دون اللجوء إلى القضاء. وديباجة المرسوم التشريعي رقم 224 تبرر التعديلات على أساس أن "القانون الحالي خالٍ من القواعد التي تسمح للدولة بتنسيق الخدمات الاجتماعية، مثلاً عن طريق السماح بدمج الجمعيات التي تؤدي أعمالاً متشابهة. فضلاً عن أن القانون الحالي أدى إلى تقييد حق حل الجمعيات بحيث يقتصر على القضاء، ويظهر من الممارسة والخبرة العملية أن ثمة نقص في كفاءة هذا النظام؛ لأن الكثير من الجمعيات ظهرت في ظروف تختلف عن الظروف الحالية للجمهورية العربية السورية".

وقد نصب القانون وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الجهة المسؤولة عن إدارة القانون، بما في ذلك ممارسة سلطة حل الجمعيات.35 إلا أنه من حيث الممارسة، تدخلت السلطات الأمنية السورية كثيراً وبقوة. وكما أوضح أحد النشطاء الأمر لـ هيومن رايتس ووتش: "بموجب القانون تتقدم بالطلب لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. ومن حيث الممارسة، تتقدم بالطلب إلى ثلاثة أجهزة أمنية، هي أمن الدولة والأمن السياسي والأمن العسكري".36

الشهر

حين تتقدم مجموعة ما بطلب الشهر، تقدم النماذج المطلوبة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وتخضع للفحص الرسمي. وبموجب القانون لا تثبت الشخصية الاعتبارية للجمعية إلا إذا شهرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل نظامها في الجريدة الرسمية (المادتان 7 و9 من قانون رقم 93).

وتفصل اللائحة التنفيذية متطلبات الشهر. وتدرس وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أوراق الجمعية " تقوم بدراسة النظام الداخلي من الناحية القانونية ومن ناحية أهمية أهداف الجمعية واحتياجات المنطقة لخدماتها" وتسأل الأمن العام أن يجري تحقيقاً عن مؤسسي المنظمة (المادة 6 من اللائحة التنفيذية).

وتقوم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بإجراء الشهر خلال ستين يوماً من تاريخ طلبه فإذا مضت مدة الستين يوماً دون إتمامه اعتبر الشهر واقعاً، وعلى الجهة المذكورة بناءً على طلب ذوي الشأن إجراء القيد في السجل والنشر في الجريدة الرسمية (مادة 10 من قانون رقم 93).

وقبل إصدارها لقرار الشهر، على وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن تستطلع " رأي وزارة الداخلية ورأي المصالح والهيئات الرسمية التي ترى أن لها علاقة بأهداف الجمعية" (المادة 8 من اللائحة التنفيذية).

ولوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حرية واسعة في رفض طلب الشهر، بما في ذلك إذا ارتأت أن الغرض من المؤسسة ليس "الأكثر حاجة إلى الرعاية". إلا أن على وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تبين أسباب قرارها كتابة. (المادة 10 و27 من اللائحة التنفيذية).

ويحق للجماعات التي ترفض وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رفض شهرها أن تتظلم للوزارة لكي تراجع قرار الرفض (مادة 11 من قانون رقم 93 ومادة 11 من اللائحة التنفيذية). وإذا قوبل التظلم بالرفض، يمكن أن تطلب الجماعة من المحكمة الإدارية (مجلس الدولة) مراجعة قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

والشهر إجباري، ويحظر القانون الجماعات غير المشهرة من القيام بأي نشاط (المادة 8 من قانون رقم 93). ويعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وبغرامة كل من باشر نشاطاً للجمعية أو المؤسسة قبل شهرها. (المادة 71 من قانون رقم 93).

ومن حيث الممارسة تلعب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل دوراً محدوداً في الموافقة على طلبات الشهر، فهي ترسل الطلبات إلى الأجهزة الأمنية، حيث تمر بعملية رقابة دقيقة تتضمن الفحص الدقيق والتحقيق والتقصي حول الأعضاء المؤسسين. وكما هو معروض في الفصل الخامس أدناه، فإن مشاركة الأجهزة الأمنية في العملية قد منع كل جماعات حقوق الإنسان في سوريا التي سعت للشهر من أن يتم شهرها.

الرقابة على العمليات

يوفر القانون رقم 93 ولائحته التنفيذية سبل كثيرة وقوية لتدخل المسؤولين الحكوميين في الإدارة الداخلية والعمليات اليومية للجمعيات. والاجتماعات تخضع للرقابة الشديدة. وعلى الجمعيات أن تبلغ وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بأي اجتماع عام لأعضاء الجمعية قبل 15 يوماً من موعد إقامته وكذلك إبلاغها بمحضر الاجتماع. ويفترض أن ترسل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أحد العاملين بها لحضور أي مقابلات (المادة 23 من قانون رقم 93). كما أنه يفترض أن ترسل الجمعيات صور من محضر الاجتماع إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الاجتماع (مادة 23 من قانون رقم 93). ومن حيث الممارسة، يحضر أحد ممثلي الأجهزة الأمنية اجتماعات الجمعية العامة هذه.

ولوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن تعين بقرار منها عضواً أو أكثر في مجلس إدارة أي جمعية في أي وقت وتحدد صلاحياته وتعويضاته في قرار التعيين (مادة 26 من قانون رقم 93). كما يحق لها أن تحدد بقرار منها الحدين الأدنى والأعلى لعدد أعضاء مجلس الإدارة. (مادة 26 من قانون رقم 93).

ولوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حق دمج الجمعيات المتشابهة في الأهداف إذا وجدت ضرورة لذلك (مادة 24 (ب) من قانون رقم 93).37 كما يجوز لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حل الجمعيات (مادة 36 من قانون رقم 93). ومن بين الأسباب التي يمكن التذرع بها لحل منظمة "ممارسة الجمعية نشاطاً طائفياً أو عنصرياً أو سياسياً يمس بسلامة الدولة" أو مجرد أن "إذا رأت الوزارة عدم الحاجة إلى خدمات الجمعية" (مادة 36 (أ)(3) و(7) من قانون رقم 93). ومن حيث المبدأ فقرار الحل يجب أن يستند إلى تحقيقات رسمية تجريها الدوائر المختصة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل (مادة 36 (ج) من قانون رقم 93)، لكن من حيث الممارسة فإن التحقيق لا يتم. ويعتبر قرار حل الجمعية قطعياً لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة.

ومؤخراً، في 24 يناير/كانون الثاني 2007، أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أمراً بحل "جمعية المبادرة الاجتماعية"، التي كانت أنشطتها تركز على قضايا المرأة فقط. ولم يحدد قرار الحل الوزاري أساس القرار اللهم إلا ذكره أن القرار تم اتخاذه "لمتطلبات المصلحة العامة".38

العلاقات بالعالم الخارجي والتمويل

ينظم قانون رقم 93 بصرامة الصلات التي تربط الجمعيات بالعالم الخارجي. ولا يسمح القانون لأية جمعية بالانضمام إلى أي هيئة خارج سوريا أو المشاركة معه قبل إبلاغ وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وانقضاء 30 يوماً دون اعتراض من الوزارة (مادة 21 من قانون رقم 93).

ولوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن تمنع تمويل الجمعية. ولا يجوز لأي جمعية أن تتسلم أو تحصل على أموال أو مبالغ من أي شخص أو جمعية خارج سوريا دون تصريح من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل (مادة 21 من قانون رقم 93). وبالنسبة للحصول على تمويل من داخل سوريا، يجب أيضاً أن تبلغ الجمعية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قبل الموافقة (مادة 17 من اللائحة التنفيذية).

محاولات معطلة لإصلاح القانون

في عام 2005 بدأت السلطات السورية في عملية مراجعة القانون رقم 93 ولائحته التنفيذية. ونظمت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ورشة عمل مبدئية في فبراير/شباط 2005 بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لمناقشة كيفية تنمية المجتمع المدني في سوريا. وقال مشارك في الاجتماع لـ هيومن رايتس ووتش إن ورشة العمل انتهت دون أن تنتهي إلى أية توصيات.39

وبعد شهر، في 22 و23 مارس/آذار، نظمت الهيئة السورية للشؤون الأسرية – وهي هيئة مشكلة عام 2003 بقرار رئاسي – ورشة عمل شارك فيها حوالي 30 شخصاً من مختلف المنظمات غير الحكومية السورية، والاتحاد الأوروبي، والمجلس الثقافي البريطاني، والسفارة السويدية، وهذا لفحص قانون الجمعيات الجاري العمل به.40

وقد توصل المشاركون إلى عدة نتائج:

  • الحكومة بحاجة لإصدار قانون جديد، إذ لا يكفي تعديل القانون رقم 93 الجاري العمل بموجبه. وكما لاحظ أحد المشاركين، "لن يكون كافياً أن يتم تعديل نص قانوني عمره 50 عاماً تقريباً، وكان قد تمت صياغته في سياق وواقع مختلفين تمام الاختلاف عن التحديات والفرص التي تواجهها سوريا في الوقت الحاضر".41

  • على وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل احترام المادة العاشرة من القانون رقم 93 والتي (كما ذكرنا أعلاه) تنص على أنه إذا لم تقوم الجهة الإدارية المختصة بإجراء الشهر خلال 60 يوماً، اعتبر الشهر واقعاً بحكم القانون. وأشار المشاركون إلى أن هذا لا يحدث في الممارسة العملية.

  • على الحكومة إزالة مختلف المعوقات التي تواجهها الجمعيات في عملية الشهر.

  • يجب السماح للجمعيات بعقد العلاقات مع غيرها من الجمعيات التي تعمل في مجالات تتصل بمجال عملها على المستويات المحلي والوطني والدولي.

  • يجب التخفيف من القيود المفروضة على التمويل والسماح للجمعيات بجمع التمويل وتلقي الدعم الوطني والدولي.

  • يجب تعيين سلطة إدارية جديدة بهدف تعزيز تنمية المجتمع المدني في سوريا.42

    إلا أن الدفع بإصلاح القوانين القائمة توقف تماماً دون توفير السلطات السورية لأي تفسير. وقد ألغت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اجتماعها الموسع الأخير من ورشة العمل، حيث كان من المفترض أن تتقدم مختلف المجموعات التي تعمل في هذا الموضوع بما أحرزته من تقدم. وقال مسؤول بالاتحاد الأوروبي لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا قد جهزوا مسودة قانون يعالج القانون القائم، لكنهم لم يكونوا قد نشروه على المشاركين بعد. وسمع النشطاء الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش شائعات ترددت حول المسودة لكن لم يرها أي منهم.

    وفي المجمل فإن غالبية النشطاء والدبلوماسيين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش عبروا عن شكوكهم إزاء احتمال وقوع إصلاحات حقيقية. وأبدى مسؤول مُطّلع بسفارة أجنبية بدمشق الرأي التالي لـ هيومن رايتس ووتش:

    حتى لو كان هناك قانون جديد بخصوص الجمعيات، فطالما أن قوانين الطوارئ قائمة، تلك التي تمنح الأجهزة الأمنية كل هذه السلطات، فسوف تبقى علامة استفهام كبيرة حول ما إذا كان القانون الجديد سيكون فعالاً في أجواء من التهديد.43

    قوانين أخرى مُقيدة

    وتدعم دور الحكومة المهيمن بخصوص الجمعيات تشريعات أخرى تأثرت بالأيديولوجية البعثية. وقد عززت الحكومات البعثية المتعاقبة على نحو خاص من تشكيل الاتحادات العامة في أوساط معينة من السكان، مثل الاتحاد العام النسائي، واتحاد الطلبة واتحاد العمال. والقوانين والمراسيم المنشئة لهذه الاتحادات أعطتها حق احتكار مجالات العمل الخاصة بكل منها. فمثلاً القانون 33 (21 ديسمبر/كانون الأول 1975)، المنشئ للاتحاد العام النسائي، يحظر تشكيل أي جمعيات أخرى للمرأة (المادة 66). وبالتالي، فإن النشطاء الذين يريدون تشكيل جمعية للمرأة خارج مظلة الاتحاد العام النسائي ينتهكون أحكام القانون 33.




    21  دستور الجمهورية السورية العربية (نشر في 14 مارس/آذار 1973)، على: http://www.oefre.unibe.ch/law/icl/sy00000_.html (تم الاطلاع عليه في 15 فبراير/شباط 2007)، المادتان 38 و39.

    23  فرض حزب البعث حالة الطوارئ بالأمر العسكري رقم 2 في 8 مارس/آذار 1963. وكان يوجد قانون سنته الحكومة السابقة على حزب البعث يسمح للحكومة بإعلان حالة الطوارئ. المرسوم التشريعي رقم 51، بتاريخ 22 ديسمبر/كانون الأول 1962.

    24  المرسوم التشريعي رقم 51 تاريخ 22 ديسمبر/كانون الأول 1962، مادة 4 (أ).

    25  المرجع السابق، المادة 6.

    26  كما تم سنه، يصرح قانون الطوارئ (مرسوم تشريعي رقم 51) بالإحالة إلى القضاء العسكري (المادة 6). إلا أن مرسوم تشريعي رقم 47 لسنة 1968 استبدل المحاكم العسكرية بمحكمة أمن الدولة. وبموجب المادة 7 (أ) من قانون رقم 47 فإن " مع الاحتفاظ بحق الدفاع المنصوص عليه في القوانين النافذة، لا تتقيد محاكم أمن الدولة بالإجراءات الأصولية المنصوص عليها في التشريعات النافذة وذلك في جميع أدوار وإجراءات الملاحقة والتحقيق والمحاكمة.”، لمزيد من التفاصيل حول محاكم أمن الدولة، انظر هيومن رايتس ووتش/الشرق الأوسط، سوريا – ثمن المعارضة.

    27  لمزيد من التفاصيل، انظر ميدل إيست ووتش، سوريا: العاملون بحقوق الإنسان في المحاكمة، صفحة 5 و6.

    28  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد أعضاء المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان (تم حجب الاسم)، دمشق، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

    29  كما يعتبر التطبيق المستمر لقانون الطوارئ غير صحيح حسب أحكامه الواردة فيه. ومصدر هذا القانون، وهو المرسوم التشريعي رقم 51(5) لعام 1962 يقول إنه: " يجوز لمجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية توسيع دائرة القيود والتدابير المنصوص عليها في المادة السابقة عند الاقتضاء بمرسوم يعرض على مجلس النواب في أول اجتماع له" (مادة 2(أ) من قانون الطوارئ)، لكن قانون 1963 صدر بموجب قرار عسكري، ولم تتم الموافقة عليه من قبل الحكومة، ولم يتم تقديمه أبداً إلى مجلس الشعب.

    30  لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف عملاً بالمادة 40 من العهد. التقرير الدوري الثاني للدول الأطراف في عام 1984، الجمهورية العربية السورية، 25 أغسطس/آب 2000، على: http://www.arabhumanrights.org/countries/syria/ccpr/ccpr-c-syr-2000-2e.pdf (تم الاطلاع عليه في 10 أغسطس/آب 2007).

    31  لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف عملاً بالمادة 40 من العهد. الملاحظات الختامية للجنة حقوق الإنسان، الجمهورية العربية السورية، CCPR/CO/84/SYR، 9 أغسطس/آب 2005، على: http://www.ohchr.org/english/bodies/hrc/hrcs84.htm (تم الاطلاع عليه في 10 أغسطس/آب 2007).

    32  لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف عملاً بالمادة 40 من العهد، سوريا، إضافة، تعليقات مقدمة من الحكومة السورية على الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحقوق الإنسان، 15 سبتمبر/أيلول 2006، على: www.ohchr.org/english/bodies/hrc/docs/AdvanceDocs/CCPR.CO.84.SYR.Add.1.pdf (تم الاطلاع عليه في 29 مايو/أيار 2007).

    33  كان القانون الذي تم تبنيه عام 1958 أكثر تقييداً من السابق عليه. انظر التحليل التاريخي لقانون الجمعيات في سوريا، ليلى الجبيري، "موقف الحرية فيما يتعلق بقوانين الجمعيات العربية – سوريا"، توجد نسخة مسجلة لدى هيومن رايتس ووتش.

    34  المرسوم التشريعي رقم 224، 21 سبتمبر/أيلول 1969.

    35  اللائحة التنفيذية الصادرة بموجب مرسوم رقم 1330 في 13 أكتوبر/تشرين الأول 1958.

    36  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد أعضاء لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا (تم حجب الاسم)، دمشق، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

    37  تمت إضافة هذا الحكم بموجب مرسوم تشريعي رقم 224 في 21 سبتمبر/ايلول 1969.

    38  بيان مشترك من منظمات حقوق الإنسان السورية بخصوص حل جمعية المبادرة الاجتماعية، 7 فبراير/شباط 2007 (توجد نسخة مسجلة لدى هيومن رايتس ووتش).

    39  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مشارك أوروبي (تم حجب الاسم)، دمشق، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

    40  لمزيد من التفاصيل حول ورشة العمل، انظر جون غارد، "قانون المنظمات غير الحكومية ومشروع المجتمع المدني في سوريا، التقرير النهائي" (جامعة نوتردام، برنامج إدارة المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، وروبرت لاثام، "تقرير عن ورشة عمل مراجعة قانون الجمعيات (22 و23 مارس/آذار 2005)"، توجد نسخة مسجلة لدى هيومن رايتس ووتش.

    41  غارد، "قانون المنظمات غير الحكومية ومشروع المجتمع المدني في سوريا، التقرير النهائي"، صفحة 37.

    42  لاثام، "تقرير عن ورشة عمل مراجعة قانون الجمعيات (22 و23 مارس/آذار 2005)"

    43  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع دبلوماسي أوروبي (تم حجب الاسم)، دمشق، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2007.


  •