Israel and the Occupied Palestinian Territories



Israel and the Occupied Palestinian Territories Israel and the Occupied Palestinian Territories
  

IV. قصور الرد المؤسساتي على العنف ضد النساء والفتيات

"أعتقد أن اهتمام المجتمع والمؤسسات بالعنف ضد المرأة يتزايد شيئاً فشيئاً، ويحاول بعض الوزراء أن يكونوا متعاونين... لكننا نفتقر إلى الأنظمة التي تسمح بتطبيق تدابير الحماية الأساسية الموجودة في القانون".

- سعاد أبو دية، رئيسة الوحدة الاجتماعية في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، القدس الشرقية، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005

فشلت السلطة الفلسطينية في إيجاد إطار مؤسساتي فاعل لمنع العنف ضد النساء والفتيات ولمعاقبة مرتكبي الإساءات عند حدوثها وتشجيع الضحايا على الإبلاغ عن أفعال العنف وحمايتهن من التعرض له مجدداً. كما وتفتقر الشرطة الفلسطينية إلى الخبرة (وإلى الإرادة أيضاً كما هو واضح) في التعامل مع قضايا العنف ضد النساء بطريقةٍ فعالةٍ تتحسس حاجات الضحايا وتحترم خصوصيتهن. كما أن غياب إرشادات طبية مخصصة للأطباء يؤثر تأثيراً خطيراً على جودة المعالجة المقدمة لضحايا العنف من الإناث.

أما القلة من النساء والفتيات الفلسطينيات اللواتي يقررن إبلاغ السلطات بما يتعرضن له من إساءة فيجدن أنفسهن أمام عقباتٍ مؤسساتيةٍ جدية تضع سمعة العائلة في المجتمع في المقام الأول على حساب صحة الضحايا وأرواحهن. وقد علمت هيومن رايتس ووتش أن أحد أهداف نظام العدالة الجزائية الفلسطينية فيما يخص قضايا العنف الأسري هو تفادي "الفضيحة العامة" مهما يكن الثمن. ورغم حقيقة أن الدعاية غير المرغوبة يمكن أن تزيد من الشعور بالعار لدى الأسرة، مما يمكن أن يدفعها إلى مزيدٍ من العنف، فإن الرد المناسب هو تمكين الضحية من تقديم الاتهام مع احترام الطبيعة السرية للقضية. وبدلاً من ذلك، غالباً ما يقوم رجال الشرطة "بالتوسط" و"حل" هذه القضايا في مخافر الشرطة، وهم يقترحون تزويج الضحية كحلٍّ لحالات الاغتصاب. والمعتقد الشائع الذي يدعم هذا السلوك هو أنه لا "أذى" ولا "عار" في الاغتصاب إذا ما عمل المغتصب على استعادة "شرف" ضحيته وأسرتها من خلال زواجه بها. أما عدد حالات الاغتصاب والسفاح التي "تحلها" الشرطة كل عام في الأراضي الفلسطينية المحتلة فهو غير معروف. وقد أخبرتنا إحدى ناشطات حقوق المرأة أن الشرطة لا تسجل هذه الحالات ولا تبلغ المحاكم بها.185

وضحايا العنف الجنسي خاصةً هن من يدفعن باستمرار ثمن الإساءة التي يتعرضن لها. وفي تشويهٍ كاملٍ للعدالة، يمكن أن تجبر المرأة التي تبلغ أسرتها أو السلطات بما تعرضت له من إساءةٍ، على الزواج من مغتصبها أو من أي غريب "لإزالة" الضرر قبل انكشاف الأمر على الملأ. وتقول إحدى المراقبات أن هذه الزيجات القسرية "تعفي المجتمع من مسؤولية التعامل مع هذه الجرائم".186 وعلى جميع المستويات الحكومية الفلسطينية، حتى عندما تكون الدولة في موقع الوصي على القاصر كما هي الحال في بيت الفتيات ببيت لحم (يرد الحديث عنه أدناه)، يُطرح الزواج كحلٍّ لمشكلة الاغتصاب.187

إن من يقدمون الخدمات الاجتماعية من خلال العمل في المنظمات غير الحكومية يتعرضون لخطر العنف أيضاً. وتقول كثير من الأخصائيات الاجتماعيات في هذه المنظمات (ممن فضلن عدم الكشف عن هوياتهن) أن أفراد أسر زبائنهن يقومون أحياناً بتهديدهن وتخويفهن، بل ويمارسون العنف ضدهن أيضاً. وتتحمل الأخصائيات الاجتماعيات مخاطرةً شخصيةً كبيرة عندما يساعدن النساء والفتيات على الهرب من الأسر التي تسيء إليهن وعندما يواجهن مرتكبي هذه الإساءات. وقد تحدث مع هيومن رايتس ووتش عددٌ من ناشطات حقوق المرأة عن فشل السلطة الفلسطينية لا في حماية ضحايا العنف فقط، بل في حماية الناشطات أنفسهن بوصفهن من مقدمي الخدمات الاجتماعية. وتقول إحدى العاملات الاجتماعيات: "لا يوجد قانونٌ يحمي ضحايا العنف من النساء أو يحمينا بوصفنا عاملات اجتماعيات. إنهم [مرتكبو العنف] يهددوننا ويخوفوننا دون أن يحمينا القانون منهم".188

وتصف عاملةٌ اجتماعيةٍ أخرى كيف حاولت أسرة إحدى الضحايا (وهي من ضحايا العنف الأسري) تخويفها لمنع تدخلها: "لقد اتصلوا بي [أسرة الضحية] وأتوا إلى منزلي. وقالوا أنهم سيشعلون النار في المنزل، وأنهم سيختطفونني مع أطفالي

دور الشرطة

"يتعاون بعض رجال الشرطة معنا حقيقةً. لكن المشكلة هي أننا لا نعمل مع الشرطة كلها، فهؤلاء مجرد أفراد. وليس لدينا أشخاصٌ متخصصون بالتعامل مع ضحايا العنف [المستند إلى النوع الاجتماعي] ولا وحدات خاصة بذلك. ويمكن أن يعرف الجميع [بالقضية]، فليس هناك مجالٌ [محدد] يجري الحفاظ على السرية ضمنه".

- سعاد أبو دية، رئيسة الوحدة الاجتماعية في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، القدس الشرقية، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005

أثبتت الشرطة الفلسطينية عدم قدرتها، أو عدم استعدادها للتعامل الفاعل مع قضايا العنف ضد المرأة. ومع أن وزارة الداخلية وضعت تعليمات أساسية تضمن وجود شرطية أثناء قيام الضحية بإبلاغ الشرطة عن العنف الذي تعرضت له، فإن ثمة غياباً كاملاً للخبرة التخصصية التي تضمن التعامل الصائب مع شكاوى العنف الأسري. ونتيجةً لذلك غالباً ما تلجأ الشرطة إلى التوسط بين الطرفين (وذلك بالتعاون أحياناً مع نظام العدالة غير الرسمي ومع المخاتير وزعماء العشائر النافذين) من أجل "حل" المشكلة. وفي حالاتٍ كثيرة تقوم الشرطة بإعادة المرأة إلى أسرتها حتى عند وجود خطر حقيقي من تعرضها إلى مزيدٍ من العنف.190 وليس من الواضح مقدار ما تملكه المرأة من سلطة اتخاذ القرار في هذه العملية، إن كان لها أن تقرر شيئاً.

إن تحيز الشرطة ضد ضحايا العنف المستند إلى النوع الاجتماعي، وكذلك افتقارهم لخبرة التعامل مع هذه الحالات، يدفع بكثيرٍ من الأخصائيات الاجتماعيات إلى مرافقة الضحايا إلى مخفر الشرطة للتأكد من تحرير المحضر بصورة سليمة. وقد قالت لنا سعاد أبو دية من مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي: "إنهم غير مدربين [على التعامل مع العنف ضد المرأة]. وليست لديهم تعليمات بهذا الخصوص. وهكذا فهم يميلون إلى الطريقة العشائرية [التنسيق مع زعماء العشائر] فليس لهم ما يلجئون إليه غيرهم. وهذا ما سوف يفعلونه إذا لم نكن حاضرين".191

وقد أكد كثيرٌ من مقدمي الخدمة الاجتماعية الذين قابلناهم أنه من المعروف عن الشرطة عدم احترام خصوصية المرأة أو الفتاة. وقالت إحدى العاملات الاجتماعيات لنا: "نعرف أن الفضيحة واقعة لا محال عندما نذهب إلى الشرطة. ثمة أزمة ثقة مع الشرطة. لا توجد سريةٌ في مخافر الشرطة، فسوف يستمع 15 شخصاً لما يجري".192 وتقول عاملةٌ اجتماعيةٌ أخرى أن امرأة عمرها 35 عاماً حملت من غير زواج فأجبرت على الهرب إلى الأردن بعد أن تحدث رجل شرطة عن حالتها على الملأ. "عندما ذهبت المرأة إلى مستشفى الرفيدي [في نابلس] محاولةً الحصول على الإجهاض، شعر الأطباء بالخوف واتصلوا بالشرطة. لكن شرطياً كان موجوداً هناك لحمايتها أخبر كل من في البلدة [عن حالتها]".193 وقد عاشت امرأةٌ أخرى، هي مريم إسماعيل (اسم مستعار)، حالة واضحة من انعدام السرية. وهي تقول:

لم أشأ أبداً أن أذهب إلى الشرطة لأنني لم أكن أرغب بأن تعرف عائلتي بالإساءة الجنسية التي تعرضت لها. وكان أملي أن تحتفظ الشرطة بسرية الأمر بعد الاستجواب. لكن القصة انتشرت في اليوم التالي وعرف الجميع أن زوجي كان يجبرني على النوم مع رجالٍ آخرين.194

وبعد يومٍ واحد من ذهاب مريم إلى الشرطة نشرت الصحف أخبار قضيتها بطريقةٍ كشفت عن هويتها.

ويقر قائد شرطة الضفة الغربية وغزة أن السرية تمثل مشكلةً: "يصعب ضبط الوضع ضمن الظروف الراهنة، ويصعب الحفاظ على سرية القضايا".195 لكن السلطات لم تعاقب إلا عدداً قليلاً من عناصر الشرطة بسبب كشفهم عن معلومات سرية. ولم يسمع مدير كلية الشرطة في أريحا إلا عن ستة أو سبعة عناصر شرطة جرى اتخاذ تدابير تأديبية بحقهم خلال السنوات التسع الماضية بسبب إفشائهم معلومات سرية تتعلق بإحدى القضايا، إضافةً إلى طرد شرطي واحد.196

كما أشار المحامون والعاملون الاجتماعيون إلى أن زعماء العشائر النافذين وأفراد النخبة السياسية وأصحاب الرتب العالية في الأجهزة الأمنية الفلسطينية هم "فوق القانون"، وهم قادرون على إغلاق محاضر الشرطة التي تشير إلى تورطهم في سلوكٍ غير قانوني. وقال لنا أحد المحامين: "عندما يرتكب أحدا أفراد عائلة قوية جريمةً ما، يفكر أفراد الشرطة مائة مرة في ما قد يصيبهم قبل أن يشرعوا بمتابعة القضية".197 وقالت لنا عاملةٌ اجتماعية أنها لم تجد ما تفعله إزاء قضيةٍ كان فيها أحد الرجال النافذين يغتصب ابنته (وهي طالبة جامعية) إلا أن تطلب من جدتها أن تنام معها في نفس الغرفة لمنع الأب صاحب العلاقات السياسية القوية من مواصلة الإساءة إلى الفتاة.198

لكن ضباط الشرطة، ومن بينهم ضباط كبار في الشرطة المدنية، يقللون من أهمية العنف ضد النساء. وقد قال لنا مدير كلية الشركة في أريحا:

القانون والعدالة أهم من العنف ضد النساء. وإذا كان هناك مريض مصاب بالسرطان ولديه ثؤلول أيضاً، فلن تهتم بالثؤلول إذ أن هناك ما هو أهم منه

كما شكك أيضاً في الحاجة إلى قيام الشرطة بنشر معلومات لمساعدة ضحايا العنف على الإبلاغ عن الإساءات التي تصيبهن: "لا نستطيع أن نمارس الدعاية. فهذا صعبٌ علينا. وسوف يجعلنا ذلك نبدو وكأننا نشجع المرأة على الذهاب إلى الشرطة. أما القول بأن العنف ضد المرأة جريمة فهو دور وزارة الشئون الاجتماعية والمنظمات النسائية".200

ولم يكن ضباط الشرطة أقل حماسةً في التماس الأعذار لمحاولتهم التوسط وتشجيعهم على حل الأمر بالزواج في حالات الاغتصاب. ويقول علاء حسني، قائد شرطة الضفة الغربية وغزة:

يجري حل معظم القضايا بطريقةٍ تكون في صالح الشخص وبشكلٍ يحمي الفتاة. أستطيع أن أحصل لها عن حقها، لكنني لا أريد قتلها من أجل حمايتها. إن ذهابها إلى المحكمة يقتلها اجتماعياً. [وبدلاً من ذلك] فإننا نستطيع اتخاذ إجراء تأديبي ضد الرجل، ونستطيع تطويق المشكلة من خلال العائلة

ويكرر وجهة النظر نفسها قائد شرطة رام الله تيسير منصور (أبو العز):

إذا اكتشفنا أن رجلاً يقيم علاقةً مع امرأة، فإن معظم الحالات تنتهي بزواجهما. إننا نحاول تحجيم المشكلة

 كما كشفت المقابلات التي أجريت مع ضباط الشرطة الفلسطينيين عن ميلٍ إلى اعتبار العنف الجنسي الجاري ضمن الأسرة أمراً يتم بالرضى. فقد قال لنا قائد شرطة رام الله:

الأمر ليس اغتصاباً. إنه الكبت والشعور بالاختناق والجهل. وهذا ناتجٌ عن الاحتلال. لست ألقي بلائمة الأمر كله على الاحتلال، لكنه يلعب دوراً في هذا. يذهب الأب إلى العمل في إسرائيل، وهي مجتمع مفتوح. وهو يشاهد فيها أفلاماً إباحية، أما زوجته في القرية فهي غير معتادةٍ على ذلك. وقد يذهب إلى العمل ويترك الفيلم في المنزل فيشاهده الإخوة والأخوات وأبناء العم ويتأثرون به. ومن الطبيعي أن الأمر يكون بالرضى بعد مشاهدة الأفلام. فهل هناك أخٌ يرغب بالنوم مع أخته؟203

ويكرر مدير سجن نابلس، توفيق منصور (أبو محمد) نفس الآراء. وقد تحدث إلينا عن إحدى النزيلات، وهي امرأةٌ في الثلاثين نقلت إلى السجن قبل يومٍ واحد من لقاءنا معه. وقد حملت المرأة بعد أن ورّطها والدها فيما يعتبره توفيق منصور علاقةً جنسيةً رضائية. وهو يقول: "إذا كان قد اغتصبها فلماذا لم تبلغ الشرطة بالأمر؟ وإذا اغتصب شخصٌ أحد أفراد أسرته فإن المجتمع يقتله وينتهي الأمر". وتحدث أيضاً عن حالةٍ أخرى يعتقد أنها ليست اغتصاباً: "لدي قضيةٌ تتعلق بامرأةٍ قتلت زوجها لادعائها باعتدائه على ابنتهما. لكنني رأيتهما. إن الفتاة تبدو أقوى منه".204

وقد وصفت لنا كثيرٌ من النساء حالات المعاملة المهينة التي لقينها في مخافر الشرطة. وعندما تحدثنا مع ريم حمد (اسم مستعار) كان قد مضى عليها خمسة أشهر في نابلس ضمن الملجأ الوحيد للنساء في الأراضي الفلسطينية المحتلة.205 وقالت لنا أن والدها كان يضربها، وأنه حاول اغتصابها عدة مرات. وبعد واحدٍ من هذه المحاولات ذهبت إلى الشرطة في نابلس طلباً للمساعدة. وتقول أن رجال الشرطة سخروا منها بسبب سمرتها الشديدة: "عندما ذهبت إلى الشرطة قال لي واحدٌ منهم: ’هل ترين نفسك جميلةً جداً حتى يفعل والدك ذلك بك؟‘".206

يعمل مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي منذ أوائل عام 2005 على توفير التدريب التخصصي للشرطة بما في ذلك دورتين تدريبيتين لمدة 80 ساعة حول كيفية التعامل مع قضايا العنف الأسري. كما ساعد المركز على تدريب العاملين في الشرطة على التعاون مع الملجأ الجديد المقام في مدينةٍ (لم يحدد اسمها) في الضفة الغربية، وهو يقول أن هذا التعاون يسير على نحوٍ طيّب وهو أمرٌ أساسي لنجاح الملجأ. لكن المركز يشعر بالإحباط لتأخر تنفيذ توصيات المنظمات غير الحكومية لعام 2005 والتي حظيت بدعم مجموعة من ضباط الشرطة المتدربين لدى المركز، ثم تبنتها وزارة الداخلية الفلسطينية، وهي تقضي بإقامة وحدة متخصصة في كل مخفر شرطة للتعامل مع شكاوى العنف الأسري.207

دور الأخصائيين الصحيين

عادةً ما يكون نظام الرعاية الصحية أول مؤسسة حكومية تحتك بها ضحايا العنف من النساء، بل هو المؤسسة الوحيدة أحياناً. والمؤسف أن هذا النظام غير مجهزٍ جيداً للتعامل مع هذه الحالات بالمستوى المطلوب من التخصص والحساسية. وتشير نتائج الدراسات إلى الانتشار الواسع للمعلومات الخاطئة والمواقف المتحاملة تجاه ضحايا العنف من النساء في أوساط الأطباء الفلسطينيين. ويؤدي اجتماع الموقف المتحيز مع غياب التعليمات والإرشادات الطبية والافتقار إلى التدريب الكافي حول كيفية معالجة ضحايا العنف إلى عدم حصول الضحايا على العون الكافي من قطاع الرعاية الصحية.

غياب الإرشادات الطبية، وخرق السرية

لا توجد تعليمات أو أنظمة وزارية بشأن التعامل مع قضايا العنف الأسري. ويفتقر معظم الأطباء إلى التدريب المتخصص على معالجة ضحايا العنف وأهمية الحفاظ على السرية. وتفتقر السلطة الفلسطينية إلى وجود نظام أو قانون للأخلاق الطبية يحكم سلوك الأطباء.

 وتعرف أهيلة شومر، مديرة مؤسسة "سوا" المقدسية المناهضة للعنف الجنسي، كيف يسيء غياب هذه القوانين والأنظمة الطبية إلى جودة الرعاية الصحية المقدمة لضحايا العنف الأسري من النساء: "لا يعرف الناس [الأطباء والممرضات] في غرف الإسعاف كيف يتعاملون مع الضحايا. لذلك فهم يعطونهم حبوباً مهدئة للأعصاب ويرسلونهم إلى البيت. وبعض النساء يتعرضن للأذى ثانيةً في المستشفى".208

أما مركز بيسان للبحوث والتنمية، وهو منظمة لبناء القدرات مقرها في رام الله، فقد عقد أربع ورشات عمل للعاملين في قطاع الرعاية الصحية تتناول كيفية التعامل مع حالات العنف ضد النساء. ومن خلال هذا المشروع، درب المركز 20 طبيباً من نابلس ورام الله وبيت لحم، إضافةً إلى 44 طبيباً من غزة. وتقول خبيرة المشروع رحمة منصور أن هؤلاء المتدربين من العاملين الصحيين لم يصدقوا مستوى العنف الموجود ضد النساء.209 كما لم يكونوا يعرفون كيف يميزون ضحايا العنف الأسري عن غيرهن وكيف يتعاملون مع حالاتهن. وقد قالت لنا: "عندما بدأنا الحديث عن ذلك كان من الواضح أنهم لا يملكون المهارات والمعارف المتعلقة بالتعامل مع الضحايا. وكان لابد من تدريبهم على فكرة أنه يمكن تعرض الضحية للعنف حتى مع عدم وجود علامات مادية تدل عليه".210

وكان من نتيجة ورشات العمل هذه أن أصدر مركز بيسان في عام 2003 تقريراً بعنوان "تعامل الأطباء الفلسطينيين مع حالات الإساءة إلى الزوجات".211 ولتنفيذ هذه الدراسة، أجرى الباحثون مقابلات ووزعوا استبياناً على 396 طبيباً فلسطينياً في فترة سبتمبر/أيلول 2001 – أبريل/نيسان 2002.212 وكانت النتائج مفاجئةً تماماً. فقد وافق قرابة نصف الأطباء (44%) على عبارةٍ تقول: "إن نسبة النساء الفلسطينيات اللواتي يتعرضن إلى الإساءة على يد أزواجهن منخفضةٌ جداً".213 واعتبر حوالي 63% من الأطباء أن إساءة المعاملة على نحوٍ عنيفٍ ومستمر هي وحدها ما يعتبر عنفاً منزلياً؛ بينما صاغ 47% من الأطباء "إجاباتهم بطريقةٍ يمكن اعتبار أنها تلقي بلائمة سلوك الزوج العنيف على المرأة ضمناً أو بشكلٍ واضح...".214 وقد أظهر الأطباء قدراً كبيراً من التفهم تجاه مرتكبي العنف وقدراً قليلاً من التعاطف مع الضحايا: فقد وجد 38% أنه "إذا فهمت المرأة ظروف زوجها فمن المرجح أنه لن يسيء إليها"؛ ورأى 29% منهم أن "الزوجات يتعرضن للإساءة بسبب طريقتهن غير الطبيعة في التعامل مع أزواجهن"؛ بينما كان رأي 16% أن "معظم الزوجات اللواتي يتعرضن للإساءة تستحققن المعاملة العنيفة من جانب أزواجهن"؛ ورأى 10% أن "معظم الزوجات المساء إليهن يشعرن بالراحة بعد أن يضربهن الزوج".215

ومعظم الأطباء لا يسجلون ما يأتيهم من حالات العنف ضد النساء والفتيات. وقد قال مدير مستشفى رام الله العام لهيومن رايتس ووتش:

نستقبل حالتين أو ثلاث حالات  كل يوم، ومن بينها حوادث السير وإصابات العمل. ولدينا أقل من 10 حالات عنف منزلي سنوياً. ليست لدي إحصائيات متخصصة. ونحن لا نصنف هذه الحالات، ولا نكتب في التقرير إلا أن المرأة تعرضت للضرب على يد أشخاص آخرين

ويفتقر المستشفى افتقاراً تاماً إلى الخبرة المتخصصة في معالجة ضحايا العنف ومساعدتهن. ويقول مدير المستشفى: "لدينا عاملة رعاية اجتماعية واحدة، وهي تؤدي أعمالاً كتابية لأنها غير مؤهلة للإشراف على هذه الحالات".

وقد وثّقت منظمات حقوق المرأة الفلسطينية قيام أطباء في المستشفيات الفلسطينية بالكشف عن معلومات المرضى السرية دون موافقة هؤلاء المرضى؛ وهذا ما يردع النساء عن الإبلاغ عما تعرضن له من إساءة، وما يمكن أن يكلفهن أرواحهن إذا شاعت أخبارهن. وتصف المحامية في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي حليمة أبو صلب واحدةً من هذه الحالات في عام 2002، وهي حالة فتاة في السادسة عشر من رام الله ذهبت إلى المستشفى مع والدتها لكي تعالج إصابةً في ساقها.217 وبعد أن قام الطبيب بمعاينة الفتاة خرج إلى غرفة الانتظار المكتظة بالمرضى وقال للأم: "كيف أستطيع أخذ صورة أشعة؟ ابنتك حامل في الشهر الثامن".218 وكان حمل الفتاة ناجماً عن اغتصابها عدة مرات من قبل شقيقيها البالغين 16 و21 عاماً.219 وفيما بعد، قتلت الأم ابنتها قائلةً أن الضغط الاجتماعي عليها لقتل الفتاة كان كبيراً جداً بعد الكلام الذي دار في غرفة الانتظار بالمستشفى.220 وفي حين يمضي الشقيقان حكماً بالحبس بسبب الاغتصاب، حكم على الأم بالحبس لشهر واحد بسبب قتل الفتاة، ولم يحكم على الأب إلا بأسبوع واحد بسبب مشاركته في القتل.221

وقد قال لنا مدير مستشفى رام الله أن على الأطباء عندما يشتبهون في أن المريضة كانت ضحيةً لأي نوعٍ من الجرائم إبلاغ نقطة الشرطة المجاورة للمستشفى بالأمر سواءٌ وافقت المريضة على ذلك أو لم توافق: "لدى بعض الأطباء قدرٌ من الوعي. فهم يتحدثون مع المرأة وينصحونها بالتوجه إلى جهاتٍ معينة. ومعظم هؤلاء من الأطباء الخصوصيين. أما في المستشفيات العامة فالأطباء يتصلون بالشرطة فوراً، فهم لا يريدون حمل هذه المسئولية".222 إن أطباء القطاع الخاص في الأراضي الفلسطينية المحتلة يتمتعون عموماً بقدرٍ أكبر من إمكانية الوصول إلى الموارد الفنية والمالية إضافةً إلى بعدهم عن السلطات من الناحية المؤسساتية، وهذا ما يمكن أن يفسر هذا الفارق في أسلوب التصرف.

يقدم الاتحاد الدولي لطب النساء والتوليد، وهو منظمةٌ دولية تمثل أطباء التوليد وأمراض النساء في أكثر من مئة بلد، إرشاداتٍ واضحة إلى العاملين الصحيين الذين يعالجون ضحايا العنف. وفي قرارٍ يتعلق بالعنف ضد النساء تبناه عام 1997، يرى الاتحاد أن الأطباء ملزمون أخلاقياً بأن: "يثقفوا أنفسهم وغيرهم من العاملين الصحيين والاجتماعيين بأنواع العنف ضد النساء ومداه ونتائجه السلبية، وأن يزيدوا قدرتهم على تمييز المرأة التي تتعرض للعنف وتقديم المشورة الداعمة لها وتقديم العلاج المناسب وإحالتها إلى الجهات المناسبة، وعليهم أن يعملوا مع الآخرين لتحسين فهم المشكلة عبر توثيق علائم العنف ضد المرأة وما يترتب عليه من عواقب مؤذية، إضافةً إلى تقديم المساعدة عند عرض قضايا الاغتصاب والإساءات الجنسية على القضاء وذلك من خلال التوثيق الدقيق للأدلة، فضلاً عن تقديم الدعم لمن يعملون على إنهاء العنف ضد النساء في أسرهم ومجتمعاتهم".223 ومن الواجب إدخال هذه الالتزامات الأخلاقية، وغيرها، ضمن التعليمات الصحية التي تضعها وزارة الصحة الفلسطينية.

الأطباء الشرعيون واختبار العذرية القسري

"تعني سلامة غشاء البكارة إمكانية السكوت على الإساءة وإخفائها وإنكار وقوعها".

- د. ناذرة شلهوب كيفوركيان224

عادةً ما تطلب الشرطة والنيابة العامة في الضفة الغربية وغزة إخضاع النساء والفتيات غير المتزوجات اللواتي يقعن ضحية الإساءات الجنسية إلى اختبار العذرية الذي يجريه أطباء شرعيون غالبيتهم الساحقة من الذكور.225 وتستهدف هذه الاختبارات تحديد ما إذا كانت الضحية عذراء أم لا عبر الكشف على سلامة غشاء البكارة، وذلك لمعرفة ما إذا كان قد تمزق نتيجةً لوقوع الجماع ولمعرفة تاريخ تمزقه. ويقول نائبٌ عام من الخليل: "لا يجري تحويل جميع حالات الاعتداء الجنسي إلى اختبار العذرية. فالأمر يعتمد على طبيعة الادعاء. فإذا قالوا أن الجماع لم يحدث فلا مبرر للاختبار. أما إذا كانت المرأة قاصراً أو ادعت أنها اغتصبت، فإننا نجري الاختبار لأن المرأة قد لا تعرف حقيقةً ما إذا كان غشاء البكارة قد تمزق أم لا".226 ويقول نائبٌ عام آخر في رام الله أن الأطباء الشرعيين غالباً ما يجرون هذه الاختبارات في جميع حالات العنف الجنسي (وذلك بطلبٍ من النيابة العامة)، أما النساء والفتيات اللواتي يدعين التعرض للاغتصاب فيخضعن إلى اختبار الحمض النووي "دي إن إيه" أيضاً.227

وفي بعض الأحيان تأمر النيابة بإجراء هذه الاختبارات دون موافقة الضحية. وقد قال أحد النواب العامين لنا: "إذا كان الاختبار ضرورياً في القضية وكنا بحاجةٍ له فعلاً، فإننا نأمر بإجرائه حتى بدون موافقة صاحبة العلاقة. ففي حالة ادعاء الاغتصاب مثلاً نكون بحاجةٍ لاختبار العذرية للتأكد

وتأمر نيابة الطب الشرعي بإجراء اختبار العذرية على جثة المرأة أو الفتاة التي يعتقد أنها وقعت ضحيةً لإحدى "جرائم الشرف"، وذلك للتثبت من عذريتها قبل موتها. ويمكن للمحكمة استخدام هذه المعلومات لكي تقرر ما إذا كان بوسع مرتكب الجريمة (أو مرتكبيها) الاستفادة من الأعذار المخففة. وإذا وجد الطبيب الشرعي الضحية غير عذراء، حتى لو أمكنت نسبة فقدان العذرية إلى الاغتصاب أو السفاح، يكون بوسع القاضي تخفيف الحكم بحق القاتل. وقد قال أحد النواب العامين لهيومن رايتس ووتش:

عند تشريح الجثة يقوم الأطباء بفحصها من الرأس إلى القدم، بما في ذلك إجراء اختباري الحمل والعذرية. ثم يقدمون تقريراً كاملاً يتضمن نتائج الاختبارات. وأؤكد أن هذا الأمر جزءٌ من التشريح العام وأن من يجري التشريح يقدم لنا جميع النتائج. لكن ما يستقطب الاهتمام عند التحقيق في ما يسمى جريمة شرف هو اختبار العذرية. ومن وجهة نظرنا كنيابة، فإننا لا نهتم بما إذا كانت الضحية عذراء أو لا لأننا نتعامل مع الأمر كجريمة قتل. لكن المشكلة تكمن في المحكمة، وذلك بسبب النص القانوني الخاص بالأعذار المخففة. فالمحكمة تنظر في كل شيء بما في ذلك الدوافع والظروف، إلخ.

وترتبط اختبارات العذرية بما يسمى “جرائم الشرف” بحق النساء والفتيات الفلسطينيات ارتباطاً وثيقاً. وفي بعض الحالات يجبر أفراد الأسرة ضحايا الإساءة الجنسية والنساء والفتيات المشتبه في ممارستهن الجنس خارج الزواج على الخضوع لاختبار العذرية.229 وتمثل نتيجة الاختبار قضية حياة أو موت، لأن هناك “جرائم شرف” كثيرة يرتكبها أفراد الأسرة ضد النساء والفتيات الفلسطينيات بعد ظهور النتيجة.230 ويقول بعض أنصار حقوق المرأة الفلسطينيين ممن فضلوا عدم الكشف عن هواياتهم أن أطباء المستشفيات العامة غالباً ما يتسترون على أسباب الإصابات أو الوفاة عندما تصادفهم حالات العنف الأسري ويسجلون أسباباً كاذبة على شهادات الوفاة في حالة “جرائم الشرف”.

كما تقوم الأسر بإجبار الأطباء على تسجيل عدم عذرية المرأة بغية تعزيز الدفاع المستند إلى أن القتل كان “جريمة شرف”. ويقول المدير السابق لمعهد الطب الشرعي في أبو ديس د. جلال عبد الجبار أنه كان يجري كثيراً من اختبارات العذرية على ضحايا “جرائم الشرف” المزعومة أو على ضحايا الاعتداءات الجنسية.231 وقد أجرى هذه الاختبارات أيضاً على جثث نساء وفتيات قتلن على يد أسرهن. وفي الحالات التي يتبين فيها أن المرأة عذراء بشكلٍ يكذب ادعاء الأسرة بوجود علاقة جنسية غير شرعية، غالباً ما يعمد أفراد الأسرة إلى تخويف الطبيب لكي يغير النتائج ويسجل أن المرأة لم تكن عذراء بحيث ينال القاتل حكماً مخففاً:

عندما نفحص امرأة قتلت في “جريمة شرف” ويتبين لنا أنها عذراء، يحاول الناس تخويفنا ودفعنا للقول بأنها لم تكن كذلك. فهم يعرفون أن القاتل سيحكم 17 عاماً إذا كانت القتيلة عذراء بدلاً من حصوله على حكمٍ أقل بفعل الأعذار المخففة.232

ويقول د. عبد الجبار أن النيابة العامة لا ترسل إلى معهد الطب الشرعي إلا قلةً من الحالات لأن أفراد الأسرة يقومون أحياناً بدفن المرأة أو الفتاة القتيلة سراً.233 وقال لنا أيضاً أنهم كانوا يجرون اختبار العذرية بموافقة المرأة عندما كان في المعهد، وأنهم كانوا يجرونه دائماً في حضور سكرتيرة المعهد أو إحدى الممرضات:

أنا في صف المرأة دائماً. وأنا أريد مساعدة الناس. ولا يعني كون المرأة غير عذراء أنها امرأة سيئة. يمكن أن تولد المرأة دون غشاء البكارة

وبالنسبة لبعض ضحايا العنف يكون الخضوع لاختبار العذرية المؤلم المهين الذي ينتهك خصوصيتهن أمراً لا يقل إساءةً عن العنف الذي تعرضن له. وتخلف هذه التجربة أثراً لا يمحى في نفوس بعض النساء والفتيات. فقد أجبرت الشرطة ريم حمد (اسم مستعار) على الخضوع لاختبار العذرية عندما أبلغت الشرطة بمحاولات والدها اغتصابها:

عندها عرفت أن الشرطة ليست في خدمة الشعب. إنهم قذرون جميعاً. لقد فحصوني ولم يجدوا شيئاً فقالوا أنني أكذب. كانت تلك المرة الأولى التي ينظر فيها أحدٌ بداخلي. لقد شعرت بالإذلال. إن أكبر جرائم والدي هو أنه تسبب في فحصي من قبل شخص غريب.235

تؤكد هيومن رايتس ووتش أن هذه الاختبارات غير مبررة وأن هذا التركيز على عذرية الأنثى ممارسةٌ تمييزية في حد ذاتها. وهي تؤكد على أن العذرية لا علاقة لها بإقامة الدليل على الاعتداء الجنسي في أي حالٍ من الأحوال. وقد يكون الفحص النسائي الطوعي أمراً شرعياً إذا جرى من أجل الحصول على أدلة تتعلق بتوجيه تهمة الاغتصاب مثلاً. لكن ما من سببٍ مشروع لإجراء اختبارات العذرية. بل أن هذه الاختبارات تكشف عن انشغالٍ زائدٍ في غير محله بعذرية الضحية وتعكس المعتقدات الخاطئة الشائعة حول التحقق من العذرية طبياً. ويؤكد الخبراء أن حالة غشاء البكارة ليست مؤشراً موثوقاً على وقوع الجماع منذ فترةٍ قريبة أو على كونه رضائياً أو غير رضائي.236 إن درجة مرونة ومطاوعة وسماكة غشاء البكارة، إضافةً إلى موقعه ضمن القناة المهبلية، وبالتالي مقدار تعرضه للتمزق أو التأذي، تختلف من شخصٍ لآخر.237

نظام العدالة غير الرسمي

فقد الفلسطينيون إيمانهم بإصلاح النظام القضائي وتزايدت عودتهم إلى الوسائل "التقليدية" في تسوية النزاعات من خلال نظام العدالة غير الرسمي.238 ويسير هذا النظام بالتوازي مع النظام الرسمي، وهو يستهدف إصلاح ذات البين بدلاً من اللجوء إلى تحقيق العدالة عبر القضاء. ويدير هذا النظام "قضاة غير رسميين" عادةً ما يرثون هذا الدور عن آبائهم وأجدادهم، حيث يجب أن يكونوا أشخاصاً يتمتعون باحترامٍ ونفوذٍ واسعين بين الأهالي. ويقيم هؤلاء القضاة غير الرسميين سلسلةً من الجلسات لمعالجة جملةٍ من النزاعات (كالاعتداءات والنزاع المالي أو العقاري) بين أفراد المجتمع المحلي، وذلك بهدف التوصل إلى اتفاق أو عقد مصالحة يوقع عليه الأطراف المعنيون. وإذا خرق أحد الفريقين شروط الاتفاق فإنه يلقى العقاب الذي عادةً ما يكون بدفع غرامةٍ مالية إلى الفريق الآخر.

وتقول دعاء منصور منسقة الدراسة حول نظام العدالة غير الرسمي والتي ستصدر عن جامعة بير زيت:

لا يعمل القضاة غير الرسميين وفقاً لقانونٍ محدد أو نظام للمحاكمات أو استناداً إلى السوابق في القضايا المماثلة. ومن هنا فإن شكل جلسات المحاكمة العلنية والصيغة المطبقة في كل حالة يعتمدان إلى حدٍّ كبير على رأي القاضي المعني وخبرته. ولا توجد حلولٌ نمطية لأي نوعٍ من القضايا.239

وتتحدث دراسةٌ أخرى تتناول العدالة غير الرسمية عن نوعٍ من القانون العشائري (العرفي) غير المكتوب يستخدم إطاراً مرجعياً في نظام العدالة غير الرسمي.240 وليست لقرارات هذا النظام قوة الإلزام القانوني، فهي "تُفرض" من خلال الضغط الاجتماعي ومن خلال احترام أطراف القضية مكانة القضاة وقراراتهم.

وليس نظام العدالة غير الرسمي جزءاً من نظام العدالة الرسمي المستند إلى القانون في الأراضي الفلسطينية المحتلة. لكن المسئولين في نظام العدالة الجزائية الرسمي وبعض العاملين فيه يكونون أحياناً من القضاة غير الرسميين في مناطقهم الأصلية.241 وتؤكد دراسة جامعة بير زيت أن الفلسطينيين يلجئون إلى العدالة غير الرسمية أكثر من لجوئهم إلى العدالة الرسمية العادية؛ وأن ياسر عرفات كان يساند النظام غير الرسمي بإرساله كبار المسئولين للحكم بين الناس في قضايا تتميز بصعوبةٍ خاصة، أو بتقديمه مساهمةً مالية في الغرامة التي يتوجب دفعها في بعض القضايا.242

وبما أن القضاة غير الرسميين نادراً ما يتدخلون في النزاعات الأسرية، فإن هذا النظام لا يكاد يتناول قضايا العنف ضد النساء داخل الأسرة. وعندما يقوم احتمال وقوع “جريمة شرف”، حيث تكون حياة المرأة معرضةً للخطر، يلجأ الناس أحياناً إلى آليات نظام العدالة غير الرسمي. وتقول إحدى المراقبات أنه "يُعهد بأصعب القضايا الاجتماعية (أي حوادث القتل وقتل النساء) إلى أكثر زعماء العشائر احتراماً ونفوذاً وشهرةً".243 وكثيراً ما ينظر هؤلاء الزعماء في النزاعات الاجتماعية التي تتضمن ادعاءاً بالاعتداء على "العرض" بوصفها أخطر أنواع الجرائم.244 وقد يحاول القضاة غير الرسميين رعاية صفقةٍ تتعهد العائلة بموجبها بعدم إيذاء الفتاة أو المرأة أو بالبحث عن شخص في العشيرة أو العائلة الممتدة يكون قادراً على إيواء الفتاة في منزله. لكن دراسةً للمركز النسائي للمعونة والاستشارة القانونية تقول أن القضاة غير الرسميين، وهم من الذكور دائماً، غالباً ما يبدون تعاطفاً مع المعتدي الذكر حتى في حالات القتل لدواعي الشرف. ويقول قاضٍ قابله معدّو هذه الدراسة:

عندما تحوم الشكوك حول المرأة، فهذا يدل على أنها ارتكبت أمراً خطيراً. وأنا أستجوب المرأة حتى أقرر مدى صدق ما تقوله لي. وأنا أستطيع تمييز المرأة الكاذبة من الصادقة. وتمكنني خبرتي من اكتشاف الحقيقة عندما أنظر في عيني المرأة. وفي الغالبية الساحقة من الحالات المتعلقة بالنساء، يكون سلوك المرأة المنحرف هو السبب في موتها. فالرجل لا يعاقب المرأة ولا يقتلها من غير سبب.245

وقد أخبرنا رجال الشرطة أنهم عادةً ما ينسقون مع زعماء العشائر في المدينة أو القرية التي يقع الحادث فيها.246 وتقول إحدى ناشطات حقوق المرأة الفلسطينية أيضاً أن رجال الشرطة طلبوا من عددٍ من زبائنها الذهاب بقضاياهم إلى زعماء عشائرهم للتوسط فيها.247 وبما أن هذا النظام غير قضائي وغير منظم، فما من سبيلٍ لضمان الحفاظ على الحقوق القانونية للمرأة.

وتقول إحدى العاملات الاجتماعيات أنها تعرف من تجربتها أن زعماء العشائر غالباً ما يتصلون بالشرطة بمجرد وصول قضية تخص أحد أفراد العشيرة إلى المخفر: "وإذا لم يحصلوا على إجابة تعجبهم، فإنهم يتصلون بمن هم أعلى رتبةً في الشرطة. إن لديهم سلطةً كبيرةً ومجالاً واسعاً للحركة يتجاوز حتى ما لدى السلطة الفلسطينية

دور المخاتير في نظام العدالة غير الرسمي

"أنا ضد هذا النظام. يجب أن تذهب جميع القضايا إلى المحاكم. لكن هذا نتيجة للوضع الصعب الذي يعيشه القضاء. يريد الناس حلولاً سريعة فيذهبون إلى المخاتير. وهذه نتيجةٌ لفشل القضاء الجزائي. وإذا كانت لديك قضية، حتى لو كانت صغيرة، فهي تستغرق خمس سنوات. فما الذي تفعله؟"

- سهى علايا، معاونة قانونية في وزارة العدل، رام الله، 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2005

إن المخاتير في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذين تعينهم السلطة التنفيذية ويعملون كممثلين للرئيس لمددٍ غير محددة، يلعبون دوراً أيضاً في نظام العدالة غير الرسمي. وتتباين مواقعهم (وبالتالي قدرتهم على التدخل في النزاعات) تبعاً لقربهم من الرئيس.249 وخلال الانتفاضة كان عمل المحاكم النظامية معطلاً إلى حدٍّ كبير، فكان الفلسطينيون يذهبون غالباً إلى المختار من أجل حل النزاعات بسرعة. وقد أكد لنا الباحثون في معهد الحقوق بجامعة بير زيت أن القانون لا يمنح المخاتير سلطاتٍ قضائية رسمية، بل إنهم غالباً ما يكونون جزءاً من نظام العدالة غير الرسمي.250 ويقول مراقبٌ آخر لدور المخاتير في حل النزاعات أنهم يحاولون تبرير تدخلهم في النظام القضائي استناداً إلى بعض أحكام واردة في القوانين والأنظمة البالية.251 وتتضمن هذه القوانين تشريعاتٍ أردنية مثل قانون تنظيم التقسيمات الإدارية رقم 1 لعام 1966 وقانون منع الجريمة لعام 1954 الذي يمنح المخاتير صلاحية التدخل في الحالات الطارئة لمنع الجريمة.252

ويساهم المخاتير في "حل" قضايا العنف ضد النساء والفتيات. وتذهب ضحايا هذا العنف أحياناً إلى مكتب المختار في المدينة بغية تجنب وصمة الذهاب إلى مخفر الشرطة.253 فضحايا الاغتصاب وسفاح القربى، وكذلك الحوامل غير المتزوجات وغيرهن من المعرضات لخطرٍ من جانب الأسرة، تذهبن إلى مكتب المختار طلباً للحماية.254 وفي بعض الحالات يقدم المخاتير ملجأ لهاته النسوة.255

وتقول لينا عبد الهادي، المستشارة القانونية لمحافظ نابلس، أن المحافظة تتلقى مئات التقارير عن سفاح القربى. وقد قالت لنا:

شهد العامان الماضيان زيادةً في حالات السفاح بسبب الاشتراك في المسكن وبسبب عدم قدرة الرجال على الزواج

ورغم ادعاء لينا عبد الهادي أن من صلاحية مكتب المحافظ احتجاز المرتكبين لمدةٍ تصل عاماً واحداً، فإن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من العثور على مرجعٍ تشريعي يؤكد قولها. فقد قالت: "نستخدم الأحكام القانونية التي تسمح لنا بحبس الناس لسنةٍ واحدة وخاصةً في القضايا الأخلاقية. ويمكن أن يستغرق الأمر سنوات في المحاكم العادية

ومع أن بعض المخاتير يبدون ميلاً إلى مساعدة النساء اللواتي يبلغنهم بما تعرضن له من إساءات، فإن مخاتير آخرين يظهرون تحيزاً ضد المرأة في تعاملهم مع قضايا العنف ضد النساء. وقد تحدثت إلينا منال عواد، مديرة برنامج دعم وتأهيل المرأة في برنامج غزة للصحة النفسية، حول تجربتها في العمل مع المخاتير: "تكتفي الشرطة بطلب المختار الذي يتولى حل المشكلة. إنهم يحملون المرأة مسئولية المشكلة. ونحن نعاني بعض الصعوبات عند الحديث معهم، فبعضهم يعتقد أن المرأة مخطئةٌ دائماً".258 وتقول مراقبةٌ أخرى لدور المخاتير: "غالباً ما يفسر المختار القانون وفقاً لما يمكن أن يسميه توجهاً وطنياً

وفي بعض القضايا التي يُخشى فيها خطر وقوع جريمة شرف، يرعى المختار عقد صفقة مع أفراد الأسرة الذين يعدون بعدم إيذاء المرأة إذا عادت معهم إلى المنزل. وقد أدت هذه الصفقات إلى مقتل كثيرٍ من النساء والفتيات. ورغم معاقبة المحافظين والمحاكم المحلية بعض مرتكبي هذه الجرائم من أفراد الأسرة (بأحكامٍ مخففة غالباً)، فإن الشرطة والنيابة العامة لا تحقق أبداً مع المخاتير أو غيرهم ممن يمكن أن يتحملوا قسطاً من المسئولية عن هذه الجرائم. والواقع أنه لا توجد آليةٌ لمراقبة سلوك هؤلاء الموظفين الحكوميين غير الرسميين أو لمحاسبتهم على أفعالهم.

ويوجه بعض الوزراء والقضاة النقد لاستخدام آليات لا تسلك سبيل القضاء العادي لحل النزاعات القانونية. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2005، قال لنا وزير العدل آنذاك فريد الجلاد: "لا أعتقد أن هذه هي الطريقة الصحيحة لحل المشاكل. يجب احترام القضاء. وعلى الشرطة إحالة جميع القضايا إلى المحاكم، باستثناء القضايا البسيطة التي تتضمن حقاً شخصياً بسيطاً".260 ويقول قاضٍ لم يرغب بالكشف عن هويته: "قبل الانتفاضة، كانت جميع القضايا تذهب إلى المحاكم. لكنها تحل الآن عن طريق ’التوسط‘ في مخافر الشرطة. وكثيرةٌ هي القضايا التي تصل إلى المحكمة. ويقوم المختار أيضاً ’بحل‘ كثير من هذه القضايا. توجد شرطة وتوجد محاكم، وعلى المخاتير ألا يفعلوا ذلك". ورغم هذا الرأي، قال لنا وزير العدل أن أي إجراءٍ لم يتخذ للجم النشاطات شبه القضائية التي يمارسها المخاتير.261

عدم إتاحة الملاجئ لضحايا العنف

"لماذا تقع الجريمة؟ لأنه لا يوجد مكانٌ لحماية النساء"

- هاني الناطور، القاضي بمحكمة التمييز، رام الله، 1 ديسمبر/كانون الأول 2005

فشلت السلطة الفلسطينية في إيجاد آلية حماية كافية لتوفير الملجأ من أجل ضحايا العنف. ورغم الطبيعة المنتظمة للعنف ضد المرأة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لم يكن في الضفة الغربية إلا ملجأ واحد مخصص حصراً لضحايا العنف من النساء وقت إجراء الأبحاث الخاصة بهذا التقرير في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول من عام 2005.262

والملجأ موجودٌ في مدينة نابلس بالضفة الغربية، وهو يستوعب 25 امرأة فقط لفترة ستة أشهر. لكنه لا يستطيع استقبال أطفالهن. ويؤوي منزلٌ للفتيات في بيت لحم (بيت الفتيات) بعض ضحايا العنف الجسدي والجنسي، لكن مهمته أوسع نطاقاً إذ تشمل إيواء الفتيات اللواتي لا يستطيع أهلهن رعايتهن جسدياً أو مالياً. وقد أجبر نقص الملاجئ المنظمات النسائية والشرطة على ابتداع حلول خلاقة، وإن تكن خطيرةً في معظم الأحوال، من أجل ضحايا العنف. ومن هذه الحلول إيواءهن في مخافر الشرطة ومكاتب المخاتير وفي البيوت الخاصة وبعض المؤسسات كمدارس المكفوفين وملاجئ الأيتام.

وقبل الانتفاضة الثانية خاصةً، كانت الشرطة تحتجز بعض النساء والفتيات المعرضات لخطر العنف احتجازاً "وقائياً" في أجنحة النساء في السجون الفلسطينية. لكن الشرطة كفت عن ذلك بسبب الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت السجون أثناء الانتفاضة وبسبب تأكيد وزارة الداخلية على عدم قيام الشرطة باحتجاز أيٍّ كان من غير أمرٍ من المحكمة. لكن هيومن رايتس ووتش وجدت أثناء زيارتها إلى سجن نابلس في نوفمبر/تشرين الثاني 2005 أن اثنتين من أصل 14 امرأة محتجزة في ذلك السجن موجودتان هناك لحمايتهما من عنف ذويهما. ويقول مدير جناح النساء في السجن أن الشرطة اشتبهت في أن واحدةً من هاتين السجينتين تقيم علاقةً خارج الزواج وتخون زوجها. ومع أن هذه المرأة ترغب بالخروج من السجن وتقول أن أسرتها لن تؤذيها أبداً، فإن مدير إدارة السجون وقائد الشرطة والقاضي الذي نظر في قضيتها مقتنعون جميعاً بوجوب إبقائها خلف القضبان ريثما يطمئنون إلى أن الأسرة لن تحاول قتلها. وقد قررت السلطة نقلها (ونقل الرجل الذي اتهمت بإقامة علاقةٍ معه، وهو محتجزٌ أيضاً) من الضفة الغربية إلى غزة بعد ما قيل عن قيام أفراد من أسرتها بإطلاق النار على مكتب المختار الذي كانا محتجزين فيه. والظاهر أن شابةً أخرى في سجن نابلس موجودةٌ هناك لأنها هجرت منزل ذويها دون موافقتهم مما جعلها معرضةً للخطر من جانبهم.263

وتجعل القيود المفروضة على الانتقال بين الضفة الغربية وغزة وداخل كلٍّ منهما من المستحيل عملياً على بعض ضحايا العنف أن يذهبن إلى أحد الملجأين الموجودين في نابلس وبيت لحم؛ وهذا ما يتركهن دون ملجأ من العنف.264 وفي الحالات الطارئة، تقوم المنظمات غير الحكومية والشرطة (وعلى نحوٍ غير قانوني) بإرسال النساء والفتيات المعرضات لخطر العنف إلى الأردن أو إسرائيل من أجل سلامتهن. لكن زيادة الإجراءات الأمنية عند الحدود وقيام الجدار العازل يجعلان من هذا الخيار أمراً متزايد الصعوبة. وقد قالت لنا المحامية غدير الشيخ من طولكرم: "ليس في طولكرم ملجأ لحماية النساء؛ فليس للمرأة مكانٌ يحميها حتى وإن قمت بتمكينها. والمرأة ترى أن جميع الحالات المماثلة لحالتها تنتهي بالقتل".265

وتؤدي التوغلات العسكرية الإسرائيلية والقيود المفروضة على الحركة إلى عزل بعض النساء الفلسطينيات ضمن حيزٍ يزداد ضيقاً، وخاصةً في المناطق الريفية حيث تجد النساء صعوبةً كبيرة في الوصول إلى شبكات العائلات الممتدة أو إلى الخدمات الاجتماعية والوقائية. ويتبين هذا الميل من خلال العدد الصغير من الفتيات المقيمات في بيت الفتيات ببيت لحم وفي ملجأ النساء بنابلس. وقالت لنا مديرة بيت الفتيات ببيت لحم أن عام 1999 شهد إيواء 49 فتاة في وقتٍ واحد، ولكن لم يكن فيه سوى 12 حالة أثناء زيارة هيومن رايتس ووتش في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، وهذا ما يعود (جزئياً على الأقل) إلى صعوبة وصول الفتيات إليه.266

وتعيش ضحايا العنف الأسري في غزة أوضاعاً سيئة على نحوٍ خاص لأن من المستحيل عملياً على سكان غزة الذهاب إلى الضفة الغربية، ولأنه لا يوجد ملجأ في غزة. ويؤدي غياب ملجأ لضحايا العنف في غزة إلى إجبار المنظمات النسائية على اللجوء إلى حلولٍ لا تقبل بها من الناحية الإيديولوجية. وقد قالت منال عواد، مديرة برنامج دعم وتأهيل المرأة غير الحكومي: "تتصل بنا الشرطة أحياناً لتقول لنا أن امرأة اغتصبت وأنه لا يوجد مكانٌ لحمايتها. وعند ذلك نضطر إلى طلب مساعدة المختار رغم معارضتنا لهذا النظام لأنه ضد المرأة عموماً. فعادةً ما يطلب المختار من المرأة أن تتزوج مغتصبها إذا عُرفت هويته".267

أما فيما يخص الملجئين الموجودين في الضفة الغربية، فإن منظمات حقوق المرأة تعبر عن قلقها من أن معاملة القبول الطويلة فيهما، والتي تفرضها وزارة الشئون الاجتماعية، تمنع الضحايا من تلقي المساعدة العاجلة. كما اشتكت بعض المحاميات والعاملات الاجتماعيات من أن الوزارة لا تسمح لهن بمتابعة أحوال النساء أو الالتقاء بهن لأنهن صرن في عهدتها.

ويقر ممثلو الوزارة بأن هناك نقاط ضعف في معالجة الوزارة لقضايا العنف ضد المرأة. وقد قال لنا أحد كبار العاملين في الوزارة: "إننا نتعامل مع هذه الحالات ونحمي نساء كثيرات من القتل، لكننا لا نتعامل مع هذه الحالات بتخصص بسبب عدم وجود أخصائيين اجتماعيين وعدم توفر الوقت للتعامل مع هذه الحالات".268

لقد أدى اجتماع عدد من الصعوبات المالية والإدارية إلى وقف الجهود الرامية لإقامة ملاجئ جديدة في الضفة الغربية وغزة بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية. وقام مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي بتأمين التمويل ثم ببناء ملجأ للنساء وأطفالهن في بيت لحم، لكنه لم يبدأ نشاطه بعد. وفي أوائل 2006، وبعد انتهاء البحث الميداني من أجل إعداد هذا التقرير، وقّع المركز المذكور مذكرة تفاهم مع وزارة الشئون الاجتماعية وبدأ تشغيل ملجأ للحالات الطارئة في إحدى مدن الضفة الغربية التي لم يكشف عن اسمها بغية توفير مزيد من الحماية للنساء والفتيات الراغبات بالاستفادة من هذا الملجأ. وملجأ الطوارئ هذا مكانٌ تستطيع النساء الباحثات عن مأمن من العنف أن يذهبن إليه بسرعةٍ من غير معاملاتٍ بيروقراطية مرهقة. وبعد عامين من المفاوضات الصعبة مع وزارة الشؤون الاجتماعية حول شروط القبول وأنظمة إدارة الملجأ، أبلغنا مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في يونيو/حزيران 2006 أن الوزارة وافقت في النهاية على النقاط التي سعى المركز لاعتمادها، وأنه راضٍ عن العلاقة القائمة بين الملجأ الجديد وبين الشرطة المحلية وموظفي وزارة الشئون الاجتماعية في المنطقة.269 وقد قامت الوزارة أيضاً ببناء وتجهيز ملجأ للفتيات تحت 18 عاماً في مدينة جنين، لكن ثلاث سنوات مرت دون افتتاحه.270 ولم يتمكن موظفو الوزارة من إعطاء هيومن رايتس ووتش سبباً واضحاً لعدم افتتاح الملجأ حتى الآن، لكن مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي يقول أن الأمر عائدٌ إلى عقباتٍ مالية وسياسية.271

ملجأ نابلس

يعمل ملجأ نابلس على نحوٍ سري مع أننا لا نرغب بهذه السرية. إن المحافظة على سرية الحالات أمرٌ ضروري طبعاً، أما سرية القضية فلا معنى لها. يجب طرح مسألة العنف. وبعض الناس في الوزارة [الشؤون الاجتماعية] ضد هذا الرأي لأنهم يفضلون إبقاء الأمر [العنف ضد المرأة] طي الكتمان.

- ديانا مبارك، وزارة الشئون الاجتماعية، العيزرية (ضواحي القدس)، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2005

تتولى جمعية الدفاع عن الأسرة، وهي منظمة غير حكومية تتلقى مساعدة مالية محدودة من وزارة الشؤون الاجتماعية، إدارة ملجأ ضحايا العنف في نابلس. وأثناء زيارة هيومن رايتس ووتش إلى الملجأ في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، كان فيه أربع نساء، في حين يمكنه استيعاب 25 امرأة. ويمكن للنزيلات الإقامة في الملجأ ستة أشهر، لكن من حق لجنة مكونة من الوزارة وجمعية الدفاع عن الأسرة تمديد هذه الفترة.272 وتتولى الوزارة قبول الطلبات وإحالة المقبولات إلى الملجأ. وهي مسئولة أيضاً عن النظام الأساسي للملجأ.273 وقبل إقامة ملجأ نابلس، كانت ضحايا العنف والنساء المهددات بما يسمى “جرائم الشرف” عادةً ما ينمن في مخفر الشرطة أو في الوزارة، أو كن يحتجزن "وقائياً" في السجون.274

وحتى تكون المرأة مؤهلةً للإقامة في الملجأ، يجب أن تلبي مجموعةً من المعايير الصارمة التي وضعتها الوزارة. فالملجأ لا يقبل من يشتبه في أنها مدمنةٌ على المخدرات أو مريضة عقلياً، أو من يشتبه بممارستها الدعارة، إضافةً إلى عدم قبول من يعتبر أنها تمثل خطراً جسدياً على باقي النزيلات.275 وقد قالت لنا الناشطات الاجتماعيات في أحد أبرز منظمات حقوق المرأة أنهن غالباً ما يترددن قبل إحالة الضحايا إلى ملجأ نابلس بسبب طول فترة الإجراءات التي تفرضها الوزارة. وقالت إحداهن أنها اضطرت إلى إيواء امرأة تتعرض للخطر من جانب أسرتها في مكتبها الخاص عدة أيام ريثما تدرس الوزارة ملفها، مع ما يحمله ذلك من خطرٍ محتمل على المرأة نفسها وعلى العاملين في المكتب.276 ومن بين شروط القبول في الملجأ إجراء اختباري نقص المناعة المكتسب/الإيدز والحمل، وكذلك اختبار العذرية لتحديد حالة غشاء البكارة.277 علماً أن الملجأ يقبل العذراوات وغير العذراوات. وقالت النساء والفتيات اللواتي تحدثنا إليهن أنهن يعتبرن هذه الاختبارات إجباريةً ويعتقدن أن لا مناص منها. وقالت لنا واحدةٌ منهن: "لديهم قانون يفرض إجراء الاختبار على كل فتاة تأتي إلى هنا".278 ولا يقدم المركز للنزيلات أية استشارة تتعلق بهذه الاختبارات.

بيت الفتيات في بيت لحم

أقامت وزارة الشؤون الاجتماعية "بيت الفتيات" في بيت لحم عام 1985 من أجل "حماية وإعادة تأهيل" الفتيات بين 12 و18 عاماً. ويستقبل البيت ضحايا سفاح القربى إضافةً إلى الحوامل غير المتزوجات اللواتي يتعرضن للخطر من جانب أسرهن، وكذلك الفتيات اللواتي سُجن ذويهنّ أو لم يعودوا قادرين على إعالتهنّ. وتشرف الوزارة على إحالة الفتيات إلى هذا البيت. وتذهب الفتيات إلى المدرسة في النهار إذا رأت الإدارة ذلك مأموناً. أما الفتيات من مدينة بيت لحم وجوارها واللواتي يتعرضن لخطر أسرهن، فلا يذهبن إلى المدرسة لكنهن يتلقين تدريباً على الخياطة وتصفيف الشعر داخل البيت. وتقول مديرة البيت بوضوح أنها لا تسمح للفتيات بمغادرة البيت حتى عند بلوغهن سن الرشد (18 عاماً) إلا إذا وافق ذووهن على تولي الوصاية عليهن، أو إذا تزوجن.279 وقالت أنها لا تسمح للنساء الراشدات بالعيش بمفردهن تحت أي ظرفٍ من الظروف.280 وعند إثارة الأمر مع وزير الشؤون الاجتماعية حسن أبو لبدة أبدى استغراباً شديداً وقال أن هذا السلوك ليس من سياسة الوزارة.281

وعندما يستلم بيت الفتيات فتاة غير متزوجة حملت نتيجة الاغتصاب، يحاول العاملون عادةً التوسط بين المغتصب وأسرة الفتاة. وقالت مديرة البيت لنا أن الزواج هو الحل المثالي لقضايا الاغتصاب.282 وعند سؤالها عما يحدث إذا لم تكن الفتاة راغبةً بالزواج من مغتصبها وفضلت توجيه الاتهام إليه قالت أن هذا غير واردٍ أبداً. وفي حالات الحمل الناتج عن الاغتصاب، ترى الوزارة أن الزواج أمر ضروري لأن الطفل يكون بغير ذلك "غير شرعي" ولا يحق له الحصول على شهادة ميلاد. وفي هذه الحالة تأخذ الوزارة الطفل فوراً من أمه وتعرضه للتبني.283 وقد قالت لنا مديرة البيت:

تخبرنا المرأة باسم المغتصب. وإذا كان قد اغتصبها ثلاثة رجال فإننا نجري اختبار الحمض النووي دي إن إيه. ونحن نجبرها على الزواج. ولا يحق له تطليقها لمدة خمس سنوات

وخلال ست سنوات من إدارة جهاد أبو العين لبيت الفتيات في بيت لحم، لجأت إلى إجبار خمس فتيات على الزواج من مغتصبيهن.285 وتقول أخصائية اجتماعية عملت في البيت 15 عاماً أنها شهدت عدداً لا يحصى من هذه الحالات.286

ويطلق العاملون في بيت الفتيات على من يثبت الاختبار عدم عذريتها اسم "حالة خاصة"، كما تقول جهاد أبو العين:

نحن لا نتكلم عنهن. ولا تعلم جميع الأخصائيات الاجتماعيات بهذه الحالات. لا تعود ’الحالات الخاصة‘ إلى أسرهن. فنحن من يقوم بدور الأسرة هنا. تكمل الفتاة تعليمها أو نجد لها زوجاً

وقالت لنا أخصائية اجتماعية في بيت الفتيات: "إن الزواج هو أكثر عمليات إعادة التأهيل نجاحاً. أما الفتاة التي لا تريد الزواج فتبقى هنا".288



185 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال عواد، مديرة برنامج دعم وتأهيل المرأة، برنامج غزة للصحة النفسية، غزة، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

186 ناذرة شلهوب كيفوركيان، "نحو تعريف ثقافي للاغتصاب: معضلات التعامل مع ضحايا الاغتصاب في المجتمع الفلسطيني"، المنتدى الدولي للدراسات النسائية، مجلد 22، رقم 2 (1999)، ص: 176.

187 لمزيد من التفاصيل، انظر الفقرة الفرعية في الفصل 4 الخاصة ببيت الفتيات في بيت لحم.

188 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اعتدال الجريري، مديرة العمل الاجتماعي في جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، رام الله، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

190 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إحدى العاملات الاجتماعيات (تم حجب اسمها)، نابلس، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

191 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سعاد أبو دية، رئيسة الوحدة الاجتماعية، مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، القدس الشرقية، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

192 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إحدى العاملات الاجتماعيات (تم حجب اسمها)، نابلس، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

193 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العاملة الاجتماعية سعاد الشتوي، جمعية الدفاع عن الأسرة، نابلس، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. إن كل من قانوني العقوبات الأردني والمصري النافذين في الضفة الغربية وغزة على الترتيب يجرّمان الإجهاض في جميع الأحوال إلا عندما تكون صحة الأم أو حياتها معرضةً للخطر. والإجهاض غير قانوني في حالات الاغتصاب والسفاح.

194 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مريم إسماعيل (اسم مستعار)، نابلس، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

195 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قائد الشرطة علاء حسني، رام الله، 1 ديسمبر/كانون الأول 2005.

196 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمود رحال، مدير كلية الشرطة بأريحا، أريحا، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

197 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محامٍ فلسطيني [تم حجب اسمه]، رام الله، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

198 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عاملة اجتماعية [تم حجب اسمها]، نابلس، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

200 المصدر السابق.

203 المصدر السابق.

204 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع توفيق منصور (أبو محمد) مدير سجن نابلس، نابلس، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

205 لمزيدٍ من المعلومات عن الملاجئ في الأراضي الفلسطينية المحتلة، انظر الفقرة الفرعية بعنوان "عدم كفاية ملاجئ ضحايا العنف" ضمن الفصل الخامس.

206 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ريم حمد (اسم مستعار)، نابلس، 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

207 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مها أبو دية شماس، مديرة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، القدس الشرقية، 14 يونيو/حزيران 2005.

208 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أهيلة شومر، مديرة مؤسسة "سوا" في القدس الشرقية، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

209 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رحمة منصور، مديرة تنمية الاتصالات، مركز بيسان للبحوث والتنمية، رام الله، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

210 المصدر السابق.

211 انظر محمد م. حاج يحيى، "تعامل الأطباء الفلسطينيين مع حالات الإساءة إلى الزوجات"، (رام الله: مركز بيسان للبحوث والتنمية، 2003).

212 المصدر السابق.

213 مصدر سابق، رقم 211، ص 79.

214 مصدر سابق، رقم 211، ص 72.

215 مصدر سابق، رقم 211، ص 79.

217 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المحامية حليمة أبو صلب، مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، رام الله، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

218 المصدر السابق.

219 المصدر السابق.

220 المصدر السابق.

221 المصدر السابق.

222 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد العاملين الاجتماعيين [تم حجب اسمه]، نابلس، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

223 وافقت الجمعية العامة للاتحاد الدولي لطب النساء والتوليد على هذا القرار في المؤتمر الدولي الخامس عشر للتوليد وأمراض النساء، كوبنهاجن، الدانمرك، 3 – 8 أغسطس/آب 1997. انظر http://web.amnesty.org/pages/health-ethicsfigovaw-eng (تمت زيارة الرابط في 17 مايو/أيار 2006).

224 ناذرة شلهوب كيفوركيان، "سياسات الكشف عن الإساءة الجنسية بحق الإناث: دراسة حالة عن المجتمع الفلسطيني"، الإساءة إلى الأطفال وإهمالهم، المجلد 23، العدد 12، ص: 1282.

225 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نشأت عيوش، رئيس نيابة الخليل، بيت لحم، 15 مايو/أيار 2006.

226 المصدر السابق.

227 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف نصر الله، رئيس النيابة في الضفة الغربية سابقاً، رام الله، 22 مايو/أيار 2006.

229 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع د. جلال عبد الجبار، المدير السابق لمعهد الطب الشرعي في أبو ديس، بيت لحم، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

230 المصدر السابق.

231 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع د. جلال عبد الجبار، المجير السابق لمعهد أبو ديس للطب الشرعي. 15 نوفمبر/تشرين ثاني 2005

232 المصدر السابق.

233 المصدر السابق.

235 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ريم حمد (اسم مستعار)، نابلس، 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

236 يؤكد د. كريغ لاركن، أستاذ طب الطوارئ في المركز الطبي بجامعة تكساس الجنوبية الغربية، وخبير في ميدان التوثيق الطبي الشرعي في قضايا الاعتداء من جانب الشريك الجنسي، أنه ما من اختبار موثوق للعذرية. ويمكن أن يتمزق غشاء البكارة بفعل جملة واسعة من النشاطات المألوفة، كما أن سلامته لا تعني عدم وقوع جماع. رسالة بالبريد الإلكتروني من د. كريغ لاركن إلى هيومن رايتس ووتش، 14 فبراير/شباط 2006.

237 المصدر السابق.

238 تستند المعلومات الواردة في هذه الفقرة على نتائج دراسة أجراها عام 2005 معهد الحقوق في جامعة بير زيت بالضفة الغربية، إلا عند الإشارة إلى غير ذلك. وتحمل الدراسة عنوان: "العدالة غير الرسمية: حكم القانون وتسوية النزاعات في فلسطين"، وسوف تصدر عن المعهد المذكور. وقد حصلت هيومن رايتس ووتش على هذه المعلومات عبر لقائها مع منسقة الدراسة دعاء منصور، رام الله، 7 ديسمبر/كانون الأول 2005.

239 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع دعاء منصور، وحدة القانون والمجتمع، جامعة بير زيت، رام الله، 7 ديسمبر/كانون الأول 2005.

240 يقول كثيرٌ من الأشخاص البارزين في العشائر أن مصادر القانون العشائري هي التقاليد القديمة (منذ ما قبل الإسلام)، والشرع الإسلامي، والقانون المدني. انظر ناذرة شلهوب كيفوركيان، "رسم خريطة مشهد قتل النساء في المجتمع الفلسطيني وتحليلها"، (القدس: مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، 2004)، ص: 49.

241 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع دعاء منصور، وحدة القانون والمجتمع، جامعة بير زيت، رام الله، 7 ديسمبر/كانون الأول 2005.

242 المصدر السابق.

243 مصدر سابق، رقم 241، ص 48.

244 المصدر السابق.

245 المصدر السابق، ص 53.

246 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع تيسير منصور (أبو العز) قائد شرطة رام الله، رام الله، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

247 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال عواد، مديرة برنامج دعم وتأهيل المرأة، برنامج غزة للصحة النفسية، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2005.

249 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع غسان فرمند وعاصم خليل، معهد الحقوق بجامعة بير زيت، رام الله، 28 يوليو/تموز 2006.

250 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع غسان فرمند وعاصم خليل، معهد الحقوق بجامعة بير زيت، رام الله، 28 يوليو/تموز 2006.

251 انظر توباياس كيلي، "دراسة رقم 41، المدخل إلى العدالة: النظام القانوني الفلسطيني وتجزؤ سلطة القسر"، مركز أبحاث التنمية، مدرسة لندن للاقتصاد، مارس/آذار 2004.

252 المصدر السابق. يوجد القانون الأصلي باللغة العربية لدى هيومن رايتس ووتش.

253 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لينا عبد الهادي، المستشار القانوني لدى محافظ نابلس، نابلس، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

254 المصدر السابق.

255 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اعتدال الجريري، مديرة العمل الاجتماعي في جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، رام الله، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

258 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال عواد، مديرة برنامج دعم وتأهيل المرأة، برنامج غزة للصحة النفسية، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

260 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فريد الجلاد، وزير العدل السابق، رام الله، 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

261 المصدر السابق.

262 منذ ذلك الحين أبلغ مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي هيومن رايتس ووتش بافتتاح ملجأ ثانٍ بدأ يعمل بنجاح عام 2006.

263 تستند جميع المعلومات في هذه الفقرة على ما زودنا به توفيق منصور، مدير جناح النساء في سجن نابلس، نابلس، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

264 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال عواد، مديرة برنامج دعم وتأهيل المرأة، برنامج غزة للصحة النفسية، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

265 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المحامية غدير الشيخ، جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، طولكرم، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

266 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جهاد أبو العين، مديرة بيت الفتيات في بيت لحم، بيت لحم، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

267 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال عواد، مديرة برنامج دعم وتأهيل المرأة، برنامج غزة للصحة النفسية، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

268 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ديانا مبارك، وزارة الشؤون الاجتماعية، العيزرية، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

269 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مها أبو دية شماس، مديرة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، القدس الشرقية، 14 يونيو/حزيران 2006.

270 مصدر سابق، رقم 269.

271 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سعاد أبو دية، رئيسة الوحدة الاجتماعية، مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، القدس الشرقية، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

272 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أمل الأحمد، مديرة ملجأ نابلس، نابلس، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

273 المصدر السابق.

274 المصدر السابق.

275 المصدر السابق.

276 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اعتدال الجريري، مديرة العمل الاجتماعي في جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، رام الله، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

277 مصدر سابق، رقم 273

278 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع امرأة من نزيلات ملجأ نابلس [تم حجب اسمها]، 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

279 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جهاد أبو العين، مديرة بيت الفتيات في بيت لحم، بيت لحم، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

280 المصدر السابق.

281 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسن أبو لبدة، وزير الشئون الاجتماعية، رام الله، 1 ديسمبر/كانون الأول 2005.

282 المصدر السابق.

283 المصدر السابق.

285 المصدر السابق.

286 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اختصاصية اجتماعية في بيت الفتيات ببيت لحم، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

288 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اختصاصية اجتماعية في بيت الفتيات ببيت لحم، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.