Jordan



Jordan Jordan
  

IV. الاحتجاز التعسفي

يكون الاحتجاز تعسفياً إذا: (1) لم تقدم السلطات سنداً قانونياً يبرر التجريد من الحرية، كأن تبقي الشخص قيد الاحتجاز بعد فراغه من تنفيذ الحكم أو رغم صدور قانون عفو يشمله (الفئة الأولى)؛ (2) نتج التجريد من الحرية عن ممارسة الشخص حقوقه أو حرياته التي يكفلها القانون مثل حرية الاعتقاد أو حرية التعبير (الفئة الثانية)؛ (3) كانت انتهاكات المعايير الدولية للمحاكمة المنصفة جسيمةً إلى حدٍّ يسبغ طبيعةً تعسفية على التجريد من الحرية (الفئة الثالثة).87 ونستعرض هذه الفئات بمزيدٍ من التفصيل في فصل "المعايير القانونية" أدناه.

قامت دائرة المخابرات العامة باحتجاز عدنان محمد صادق أبو نجيلة من الزرقاء في أكتوبر/تشرين الأول 2003 وذلك بعد إعادته إلى الأردن من أذربيجان عقب اعتقاله هناك يوم 15 أغسطس/آب 2003.88 وتقول أسرته أنه سافر إلى الشيشان عام 1995. وأثناء شهر رمضان 2003 (أكتوبر/تشرين الأول – نوفمبر/تشرين الثاني)، جاء شخصٌ مجهول إلى منزل أسرة عدنان أبو نجيلة، التي لم تره منذ سنين ولم يكن لها معه إلا اتصالات متقطعة، وقال لهم أن عدنان محتجزٌ في المقر المركزي لدائرة المخابرات. لكن الدائرة أنكرت وجوده لديها عندما ذهبت الأسرة للاستعلام عنه بعد شهرين من ذلك، أي في أواخر 2003؛ فتوجهت الأسرة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر التماساً للمساعدة.

ولم تعلم الأسرة بتوجيه أي اتهام إلى أبو نجيلة، وكانت تقدم استرحاماً إلى كلٍّ من دائرة المخابرات والسلطات السياسية كل أسبوعين، لكنها لم تتلق جواباً. وفي يوليو/تموز 2004، وكلت الأسرة المحامي منتصر حسونة الذي تمكن من زيارة عدنان في مركز الاحتجاز في دائرة المخابرات وأكد للأسرة وجوده رهن الاعتقال.

وقال لنا شقيق عدنان، واسمه أحمد، أن دائرة المخابرات جلبت عدنان إلى منزله في الزرقاء في 24 أغسطس/آب 2004 بعد قضائه عشرة أشهر محتجزاً لديها في عمان. وبعد ثلاثة أيام، أي في 27 أغسطس/آب، عاد نفس رجال المخابرات الذين أطلقوا سراحه فزاروه قبل صلاة الجمعة طالبين التحدث معه "لنصف ساعة من أجل الإجابة على بعض الأسئلة"، كما أفاد زكريا الشقيق الثاني لعدنان الذي قال لنا أنه كان برفقته عندما عاد رجال المخابرات. وفيما بعد، قال عدنان لأسرته أثناء زيارتها له في سجن دائرة المخابرات أن العناصر أخذوه بالسيارة من الزرقاء إلى الدائرة في عمان. وهو لا يزال محتجزاً في سجنها دون توجيه تهمةٍ منذ 27 أغسطس/آب 2004. كما أخبر عدنان أسرته أنه لم يُستجوَب بعد اعتقاله الأخير.89 ولم تجب الحكومة الأردنية حتى الآن على استفسارٍ قدمته هيومن رايتس ووتش في أكتوبر/تشرين الأول 2005 حول أسباب احتجازه. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، كان عدنان ما يزال محتجزاً لثلاث سنوات تقريباً في سجن دائرة المخابرات دون توجيه تهمةٍ، ولم تقطع تلك المدة إلا الأيام الثلاثة التي أفرج عنه فيها.

وكانت الدائرة قد اعتقلت أحمد أبو نجيلة شقيق عدنان، لمجرد أنها كانت تبحث عن عدنان. وقد احتفظوا بأحمد أربعة أيام في شهر سبتمبر/أيلول 2002، واستجوبوه بشأن مكان وجود عدنان ونشاطاته في تركيا وأذربيجان والشيشان.90 وبعد إطلاق سراح أحمد، احتفظت الدائرة بجواز سفره، وهو يدّعي أنها أمرت مدير الفندق الفخم الذي كان يعمل فيه بأن يطرده. ويروي أحمد أن المدير قال له: "إنني آسف. لكنني تلقيت مكالمةً من دائرة المخابرات تأمرني بطردك. وأنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً".91 وفي حالةٍ مماثلة، اعتقلت دائرة المخابرات فهمي س وهو في السابعة عشر من عمره وشقيقٌ لرامي س الذي كان في المملكة العربية السعودية آنذاك. وقال فهمي لنا أن ضابطاً قال له أثناء اعتقاله: "إننا نأخذك بدلاً من أخيك".92

وفي مايو/أيار 2003، اتصلت دائرة المخابرات هاتفياً بمنزل الطالب الجامعي محمد م طالبةً منه مراجعتها. وعندما ذهب جرى استجوابه لعدة ساعات بشأن رحلةٍ قام بها إلى سوريا قبل شهرٍ من ذلك. وفي عام 2004، عادت الدائرة فاستدعت محمداً للاستجواب حيث أجبرته على الجلوس والوقوف في أوضاعٍ مجهدةٍ لثلاثين ساعة متواصلة.93 ويدّعي محمد أنهم لم يوجهوا إليه إلا بعض الأسئلة العارضة، مؤكداً أن الضباط طلبوا منه أن يمتنع عن المشاركة في جميع النشاطات السياسية في الجامعة وأن يصبح مخبراً لصالح الدائرة في أوساط الطلاب اليساريين. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2005، احتجزته الدائرة مرةً ثالثة لفترةٍ وجيزة بعد عودته من السعودية.94

وفي حالةٍ أخرى، احتجزت الشرطة العادية باسم ف لأنها ظنت أن الحافلة التي يقودها تحمل لوحاتٍ مزورة. وأخبرنا شقيق باسم أن عناصر المخابرات العامة حضروا إلى مخفر الشرطة الذي كان باسم محتجزاً فيه وقالوا للشرطة: "إنه لنا". ثم احتجزوه في سجن الدائرة المركزي مدعين أنه كان ينوي تفجير سفارات أجنبية.95 وقد أفرجوا عنه بعد أسبوعين دون توجيه تهمة.

ولا تستطيع هيومن رايتس ووتش الجزم بأن دائرة المخابرات العامة لم تكن تملك معلومات تتعلق بنشاطات إجرامية محددة مزعومة فيما يخص الأشخاص الستة عشر الذين يتناول هذا التقرير حالاتهم. لكن حقيقة قيامها بإطلاق سراح 8 محتجزين دون توجيه تهمةٍ إليهم، ثم إطلاق خمسة آخرين دون تقديمهم إلى القضاء، توحي بأن الدائرة لم تقم باعتقالهم استناداً إلى شكوكٍ معقولة. ولم تصل إلى مرحلة المحاكمة إلا حالةٌ واحدة من الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، وهي حالة زياد أ الذي برأته محكمة أمن الدولة من تهمة محاولة تهريب جوازات سفر عراقية مزورة.96 أما حقيقة كون جميع الأشخاص الذين تحرينا عن قضاياهم قد أفرج عنهم دون توجيه تهمة، أو وجهت إليهم اتهامات ولم تجر إحالتهم إلى القضاء، إضافةً إلى بقاء شخصين رهن الاحتجاز لأشهرٍ طويلة دون محاكمة (عدنان أبو نجيلة وعصام البرقاوي المعروف بأبي محمد المقدسي والذي نتناول حالته أدناه)، فتثير في المقام الأول أسئلةً عن الأساس القانوني لاعتقال هؤلاء الناس، إضافةً إلى أسئلةٍ عن شرعية وقانونية استمرار احتجاز أبو نجيلة والبرقاوي.

وفي جميع الحالات التي درسناها، قال جميع من كانوا محتجزين، إضافة لأسرتي الشخصين المحتجزين حتى الآن، أنهم لا يملكون أية فكرة عن جريمةٍ محددة تدّعي دائرة المخابرات ارتكابهم لها. وقالوا أن رجال الدائرة لم يبرزوا مذكرات اعتقال ولم يبلغوا المحتجزين بأسباب اعتقالهم. والاستثناء الوحيد هو حالة مصطفى ر، وهو مهندسٌ اعتقلته المخابرات العامة على الحدود الأردنية العراقية في أغسطس/آب 2004. فعند التوقف على الحدود، سأله رجال الأمن عن سبب سفره إلى العراق دون نقود ودون أن يعرف أحداً هناك. وعندما لم يستطع إقناع ضابط المخابرات بوجود أسباب مشروعة لسفره قام الأخير باحتجازه عند الحدود ثم طلب منه مراجعة مقر الدائرة في عمان. وعندما ذهب إليها احْتُجِز ووجه إليه الاتهام (انظر أدناه، فقرة "غياب الرقابة القضائية على توجيه الاتهام"). وكان بائع الأعشاب والتوابل محمد علي الشقفة، الذي ورد ذكره أعلاه، هو المحتجز السابق الوحيد، الذي قال أنه تحدى رجال المخابرات تحدياً مباشراً: "سألتهم عن سبب احتجازي، لكنهم لم يقدموا إجابةً".97

المعايير القانونية

الأردن دولةٌ عضو في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يوجب على الدول تحديد الأساس القانوني الذي يمكن بموجبه تجريد الأشخاص من الحرية، وكذلك الإجراءات المستخدمة في الاعتقال والاحتجاز (المادة 9). ولا يعتبر قانونياً ومشروعاً إلا الاعتقال والاحتجاز المنفذان بالتوافق مع هذه القاعدة. وهذا ما يقيد قدرة أفراد الضابطة العدلية على الاجتهاد أو الاستنساب. كما يعني الحظر المفروض على الاعتقال والاحتجاز التعسفيين أن التجريد من الحرية (حتى وإن جرى وفقاً لنص القانون) يجب أن يكون أمراً ضرورياً ومعقولاً وقابلاً للتوقع ومتناسباً مع أسباب الاعتقال.

ويكون الاعتقال أو الاحتجاز تعسفياً إذا لم يجر وفقاً للقانون، أو إذا كان القانون ذاته تعسفياً أو ذا صيغةٍ فضفاضة بحيث يسمح بالاعتقال والاحتجاز بسبب الممارسة السلمية للحقوق الأساسية كالحق في التعبير أو التنظيم.98

أما لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة التي تراقب التزام الدول بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وتقدم تفسيراتٍ ملزمة له، فتقول عند دراستها إحدى الحالات:

لا تجوز المساواة بين تعبيري ’التعسف‘ و’خلافاً للقانون‘. بل يجب تفسير التعبير الأول تفسيراً أوسع بحيث يشمل عناصر عدم الوجاهة وعدم العدل وعدم قابلية التوقع والتدابير القانونية السليمة

ويمكن أن تتغير حيثيات ما هو ضروري ومعقول من حالةٍ لأخرى، وهي تختلف بين قرار الاعتقال، وقرار توجيه التهمة، وقرار استمرار الحجز بالنسبة لمحتجزٍ مشتبهٍ فيه ومتهمٍ بجريمة.

وحتى يكون الاعتقال معقولاً، يجب أن تكفي الأدلة المتوفرة لإقناع مراقب موضوعي بوجود أساس منطقي للاعتقاد بارتكاب المشتبه فيه الجريمة المعنية.100 وينص قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على أن تنفيذ مذكرة الاعتقال يُوجب توفُّرَ "أساسٍ كافٍ لاتهام" المشتبه فيه بجريمةٍ لدى موظف الضابطة العدلية. وما لم تكن الشرطة قد شهدت وقوع الجريمة، فإن على النيابة العامة التي تصدر مذكرة الاعتقال أن تحقق هذا الشرط. ويفرض العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على الضابطة العدلية إبلاغ المحتجز فوراً بأسباب اعتقاله.

كما يفرض العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية على الضابطة العدلية إبلاغ المحتجزين بالتهم الموجهة إليهم على وجه السرعة. ويمكن قانونياً احتجاز الشخص دون تهمةٍ، لكن السؤال يتعلق بمدة الاحتجاز. فإذا احتجز شخصٌ للشك في ارتكابه جريمةً فيجب اتهامه ضمن مهلةٍ معقولة. وكما بينا أعلاه، فإن قانون محكمة أمن الدولة يسمح باحتجاز الأشخاص دون توجيه تهمة لمدة سبعة أيام. (لكن على النيابة الأردنية في الجرائم العادية توجيه الاتهام إلى المحتجزين خلال 24 ساعة، كما يفرض قانون أصول المحاكمات الجزائية "توفر الدليل الذي يربط [المشتبه فيه] بالجريمة المعنية" حتى يحق للنيابة الأمر باستمرار احتجازه.101 ويجيز قانون العقوبات الأردني أن توجه إلى الموظف الذي يحتجز في الحالات العادية شخصاً لأكثر من 24 ساعة دون تقديمه إلى النيابة تهمة ارتكاب جريمة التجريد التعسفي من الحرية102). وكما لاحظنا أعلاه، فإن واحداً من 16 محتجزاً حققت هيومن رايتس ووتش في حالاتهم، وهو عدنان محمد صادق أبو نجيلة، مضى عليه في الحجز حتى الآن قرابة عامين متواصلين دون توجيه تهمة. وقد وجدنا من بين تسعة محتجزين أطلق سراحهم دون توجيه تهمةٍ ستةً تجاوز احتجازهم حدّ الأيام السبعة التي ينص عليها قانون محكمة أمن الدولة.

وعندما يتهم شخصٌ بجريمةٍ، لا يصبح استمرار احتجازه أمراً تلقائياًً. فالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية يوجب أن يكون استمرار الاحتجاز استثناءاً وليس قاعدةً، وذلك لضمان القدرة على محاكمة الأشخاص الذين جرى اتهامهم ولم تجر إدانتهم بعد. وقبل الأمر بتمديد احتجاز المشتبه به، على السلطة القضائية (النيابة العامة بالنسبة للأردن) النظر إذا ما كان الاحتجاز متناسباً مع الجريمة المفترضة وهل يمكن اعتبار الإفراج بكفالة شرطاً كافياً لإطلاق سراح المتهم.103 وتتضمن الأسس المعقولة لاستمرار الاحتجاز عموماً دراسة احتمال ارتكاب المتهم جريمةً أخرى إذا أخلي سبيله، واحتمال فراره من العدالة، وكذلك احتمال تدخله في المحاكمة عن طريق تخويف الشهود أو إتلاف الأدلة مثلاً. وثمة وسائل لضمان تعاون المتهم مع المحاكمة منها وضع شروطٍ للكفالة من قبيل الكفالة المالية.

ويستبعد القانون الأردني تلقائياً إمكانية موافقة النيابة على الإفراج بكفالة قبل المحاكمة عن المحتجز المتهم بجرائم يمكن أن تستوجب عقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة أو الحبس المؤبد.104 ورغم منح المدعين العامين سلطةً تقديرية في الموافقة على الإفراج بكفالة في الحالات الأخرى، فإن القانون الأردني يسكت عن كيفية تقرير معقولية الاحتجاز.

كما أن القانون الدولي يمنح المحتجز حق تحدي قانونية احتجازه عن طريق تقديم التماس إلى السلطات القضائية المعنية لكي تنظر في الأساس القانوني للاحتجاز وفي معقوليته وضرورته. إن سلطات النيابة العامة في الأردن كافيةٌ للوفاء بالمعايير التي يوجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية توفرها في السلطة القضائية المختصة بالنظر في قانونية الاحتجاز.105 ويملك المدعي العام في الأردن صلاحية توجيه أمر ملزم، وليس مجرد توصية، بالإفراج عن السجين؛ كما أن من صلاحيته النظر في كلٍّ من قانونية الاحتجاز (أي مدى اتفاقه مع الإجراءات المقررة للاحتجاز والاعتقال) والأساس الملموس للاحتجاز (ضرورته ومعقوليته ـ انظر أدناه). لكن المشكلة تكمن في تقصير استقلالية، وليس صلاحية، المدعين العامين الأردنيين عن المعايير المطلوب توفرها في السلطة القضائية المختصة التي تنظر في قانون الاحتجاز. وكما ورد أعلاه، فالمدعي العام ليس مستقلاً ولا محايداً. فمن الناحية الإدارية، يخضع المدعي العام في محكمة أمن الدولة إلى التسلسل العسكري الذي هو جزءٌ من السلطة التنفيذية. كما أنه ليس محايداً أبداً، فهو يمارس دوراً فاعلاً في محاكمة المشتبه فيه، وذلك لصالح ضمان إدانته. وقد وجدت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عند دراستها حالة نظامٍ قانوني فيه دورٌ مماثلٌ لدور المدعي العام الأردني (وإن كان أكثر محدوديةً في واقع الأمر) أنها "لم تقتنع بإمكانية اعتبار المدعي العام حائزاً على الموضوعية والحيادية المؤسساتية اللازمة للنظر إليه ’كموظفٍ يخوله القانون ممارسة سلطاتٍ قضائية‘ بالمعنى الوارد في المادة 9 (3) من العهد الدولي".106

غياب الرقابة القضائية على توجيه الاتهام

إن صلاحية النيابة في اتخاذ قرار الاتهام وتوجيه التهمة دون رقابةٍ قضائية تحرم المحتجزين من حمايةٍ أساسية ضد الاعتقال التعسفي. فقانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني لا يفرض توفر معايير معينة في الأدلة المقدمة قبل توجيه التهمة للمشتبه فيه. فالنيابة توجه الاتهام، وفي نفس الوقت تأمر باحتجاز المتهم لمدةٍ تصل إلى 15 يوماً. وفي الجنايات يمكن تجديد الاحتجاز حتى ستة أشهر.107 ولا يخضع الأساس القانوني للاتهام إلى مراجعة جهة قضائية مستقلة.

لقد تم توجيه الاتهام في سبعةٍ من أصل 16 حالة حققت فيها هيومن رايتس ووتش. وفي ثلاثةٍ من هذه الحالات السبع قال المحتجزون لنا أنهم لم يبلغوا بالأدلة التي قامت عليها التهم. وقال مصطفى ر: "لم يفعل المدعي العام إلا التحقق من اسمي ووضعي، ثم قرأ الاتهام وسألني إن كنت أريد محامياً قبل أن يعيدني رجال المخابرات الواقفين في الخارج إلى زنزانتي".108

واعتقلت دائرة المخابرات العامة أبناء مهدي أحمد زيدان الأربعة في مناسباتٍ مختلفة. وقد وصف لنا أسرته بأنها شديدة التدين. وقال أنهم كانوا ينتمون إلى جماعة التكفير والهجرة سابقاً، وأنه هو لا يزال يحمل آراء معارضة لسياسية الحكومة. لكنهم لم يدعموا العنف ولم يشاركوا فيه.109 وقد أمضى عمر زيدان البالغ 35 عاماً ثلاثة أشهر في سجن الدائرة بعد اعتقاله في أغسطس/آب 2004. وأمضى شقيقه الأصغر محمد زيدان شهرين في ذلك السجن إثر اعتقاله بعد شهرٍ من اعتقال أخيه. وقد وجهت النيابة للأشقاء الأربعة تهمة التآمر على ارتكاب جريمة دون تحديد الجريمة المقصودة.110 ويقول مهدي زيدان أن المخابرات قالت لأبنائه بعد أشهرٍ من احتجازهم: "وقعوا على اعترافاتكم".111

ويقول مهدي أن المخابرات اعتقلت ابنه عمر 10 مرات، وتم ذلك أحياناً للاشتباه في إهانته الملك.112 وهو يقول أن السلطات، وعلى مر هذه السنين كلها، لم توجه اتهاماً رسمياً إلى أي فردٍ من العائلة، ولم يقدّم أحدٌ منهم إلى المحاكمة.113 وعقب اعتقال الشقيقين في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2004، أطلقت دائرة المخابرات العامة سراحهما بحدود نوفمبر/تشرين الثاني 2004 دون تقديمهما إلى القضاء.

وقال لنا محامي الدفاع سميح خريس أن 95% من الأدلة التي تعتمد عليها النيابة تقوم على الاعترافات وحدها. وتتيح الأيام السبعة التي يمكن خلالها احتجاز المتهم (والتي غالباً ما يتم تجاوزها كما ورد الإشارة أعلاه) فرصةً كافيةً كي تنتزع المخابرات الاعترافات تحت الضغط، لأنها تضع المحتجزين عملياً رهن الاحتجاز الانفرادي خلال تلك الفترة ولا تسمح لهم بتوكيل محامٍ أو بالاتصال بأسرهم أو بقنصلياتهم (إذا كانوا غير أردنيين). وتفرض المادة 36 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على النيابة إبلاغ المتهم "بحقه في عدم الإجابة [على الاتهام] إلا في حضور محامٍ". أما إذا رفض توكيل محامٍ أو إذا لم يحضر المحامي خلال 24 ساعة فإن "التحقيق يستمر دون حضوره". ويمكن للمحققين بدء استجواب المتهم "قبل أن يستدعي محاميه"، وذلك في "الحالات العاجلة التي يُخشى فيها ضياع الأدلة".114

وتبلغ بعض أحكام قانون العقوبات الأردني من الغموض حداً يسمح للمدعين العامين بتركيب اتهامات جزائية بحق المشتبه فيهم استناداً إلى أدلةٍ واهية. فالمادة 107 مثلاً تعرف المؤامرة بأنها "كل اتفاق تم بين شخصين أو أكثر على ارتكاب جريمة بوسائل معينة".115 وفي غياب رقابة قضائية مستقلة تنظر في الأدلة لتقرير مدى معقولية الاحتجاز، فإن ثمة خطراً من تحول توجيه الاتهام إلى مجرد إجراء شكلي لتبرير استمرار الاحتجاز.

إن المحتجز أبو محمد المقدسي واحدٌ من شيوخ السلفية البارزين، وله تاريخٌ طويل من الاحتجاز والأحكام الصادرة بحقه. وأبو مصعب الزرقاوي واحدٌ من أتباعه. وفي 27 ديسمبر/كانون الأول برأت محكمة أمن الدولة المقدسي (واسمه الحقيقي عصام محمد العتيبي البرقاوي) من تهمة التآمر لمهاجمة السفارة الأمريكية وعدد من الأهداف الأخرى. لكن السلطات لم تطلق سراحه حتى 28 يونيو/حزيران 2005 حين سمحت له بالعودة إلى بيته في الزرقاء.

ويقول ابنه محمد أن السلطات لم تفرض قيوداً على والده فيما يتعلق بإجراء المقابلات الصحفية بعد الإفراج عنه. وفي مكالمةٍ هاتفية مع دائرة المخابرات العامة بعد إخلاء سبيله، قال المقدسي لأبي هيثم (وهو الشخص الذي حقق معه في الدائرة) أنه سيجري مقابلةً مع قناة الجزيرة الفضائية، وذلك كما أخبرنا ابنه.116 لكن الدائرة قالت أنها تفضل أن تجري المقابلة مع محطةٍ أخرى. أما المقدسي فقال أنه مصممٌ على إجراء المقابلة مع الجزيرة. وقد جرت المقابلة فعلاً مساء 5 يوليو/تموز 2005.117 وبعد ساعاتٍ قليلة، أي بعد منتصف الليل بقليل، قام رجال دائرة المخابرات باعتقاله دون إبراز مذكرة اعتقال.118 وقال محمد لنا أن والده نُقل بين عددٍ من مخافر الشرطة الممتدة من جرش إلى البيادر قبل إعادته إلى مركز الاحتجاز في دائرة المخابرات العامة.119

ويقول محمد أن عناصر الدائرة قالوا للمقدسي: "ربما تكون المحكمة قد أطلقت سراحك، لكننا لم نطلق سراحك بعد".120 وفي مؤتمر صحفي عقده مروان المعشّر، نائب رئيس الوزراء آنذاك، قال أن المقدسي اعتقل بتهمة التآمر بعد إجرائه اتصالاتٍ هاتفية مع ما وصفها المعشر بأنها مجموعاتٌ إرهابية في الأردن وفي الخارج. وتدّعي أسرة المقدسي أن الضابط علي برجاق من دائرة المخابرات العامة قال لهم أثناء زيارتهم إلى سجن دائرة المخابرات يوم 8 يوليو/تموز أن الاعتقال كان نتيجةً للمقابلة مع محطة الجزيرة، وأن النيابة لم تكن قد وجهت اتهاماً للمقدسي حتى سبتمبر/أيلول 2005.121 وحتى تاريخ كتابة هذا التقرير، مضى على المقدسي أكثر من سنة في الحجز الانفرادي في سجن دائرة المخابرات.122

وفي مثالٍ آخر على توجيه الاتهام استناداً إلى غموض صياغة القانون، وجهت نيابة أمن الدولة إلى مصطفى ر تهمة "خرق أمن الدولة". ويشتمل عنوان "خرق أمن الدولة" في قانون العقوبات عدداً من المواد تتضمن جريمة الإرهاب. وتعرف المادة 147 الإرهاب بأنه:

استخدام العنف أو التهديد باستخدامه، أياً كانت بواعثه وأغراضه، يقع تنفيذاً لعمل فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر إذا كان من شأن ذلك إلقاء الرعب بين الناس وترويعهم أو تعريض حياتهم وأمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو المرافق والأملاك العامة أو الأملاك الخاصة...123

ومن الواضح أن النيابة لم تتهم مصطفى ر إلا بالاستناد إلى ما اعتبرته تفسيراً غير مقنع لرغبته في السفر إلى العراق. فقد أثارت محاولته دخول العراق شكوكاً عند الحدود، فمنعته المخابرات من المغادرة في 20 أغسطس/آب 2004 وأمرته بمراجعة المقر المركزي للمخابرات في عمان. وقد عاد في سيارة أجرة يوم 21 أغسطس/آب ومَثُل أمام دائرة المخابرات في اليوم التالي. فأصدر أحد ضباط المخابرات مذكرة اعتقالٍ بحقه على الفور.

وانتظرت الدائرة شهراً كاملاً قبل أن تفتش منزل مصطفى، الذي أخبرنا أن اهتمام المحققين كان منصباً خلال الأسبوعين الأولين لاحتجازه على معرفة أسماء أفراد الأسرة وأئمة المساجد. وأكد أن المحققين والمدعي العام لم يقدموا أية أدلة من شأنها إثارة الشك في ادعائه بأنه مسافرٌ إلى العراق للبحث عن عملٍ كمهندس.124

كما لم يحدد المدعي العام الأفعال التي يدعي أن مصطفى خطط لها والتي تبرر اتهامه "بخرق أمن الدولة". وأمضى مصطفى شهرين في سجن دائرة المخابرات العامة قبل أن تسقط النيابة التهمة عنه وتطلق سراحه.

تفتيش البيوت

لا يسمح قانون أصول المحاكمات الجزائية في الأردن بالدخول إلى بيت الشخص وتفتيشه إلا إذا كان مشبوهاً بجريمة ما أو يخفي شخصاً مشتكى عليه.125 وينص الدستور الأردني على أنه "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه". ولكن القانون يتيح قدرا من التساهل فيما يخص ضرورة وجود إذن بالتفتيش. فالمادة 94 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تحظر على الشرطة تفتيش المنازل إلا بحضور المختار (وهو زعيم حي أو قرية له احترامه يعمل كصلة وصل بين المواطنين والسلطات) أو حضور اثنين من السكان المحليين. لكنها لا تذكر صراحة ضرورة وجود إذن بالتفتيش في هذه الحالات. وتشترط المادة 83 من القانون المذكور وجود المختار إذا كان المشتبه به نفسه غير موجود.

وفي تسع من أصل ست عشرة حالة حققت فيها هيومن رايتس ووتش، قامت دائرة المخابرات العامة بتفتيش البيوت. وقال محتجزون سابقون أو أقارب لهم أن عناصر المخابرات صادروا بشكل رئيسي الكتب وأشرطة الفيديو. وفي ستة بيوت جرى تفتيشها كانت الشرطة المحلية موجودة مع عناصر من دائرة المخابرات. وأكد اثنان من المحتجزين السابقين أن المختار كان حاضراً خلال التفتيش وأنه وقع بصفة شاهد على قائمة بالأشياء التي تمت مصادرتها.126

وفي أربع حالات ذكر محتجزون سابقون أو أقارب لهم أن المخابرات طلبت منهم التوقيع على قائمة بالأشياء المصادرة.127 وذكر لنا إسماعيل عبد الرحمن أن عناصر دائرة المخابرات العامة لم يعطوه الوقت لقراءة إذن التفتيش أو لائحة الأشياء المصادرة بعد أن اعتقلوا ابنه عبد الكريم، وهو طالبٌ، في الساعات الأولى من يوم 6 يوليو/تموز 2005. وذكر إسماعيل أن المخابرات والشرطة قلبوا بيته رأساً على عقب دون أن يخبروه عما يبحثون، ودون أن يبدو أنهم يبحثون عن شيء محدد. وقال: "ضربوني، ثم أبرز ضابط بلباس مدني ورقة وطلب مني التوقيع عليها موضحاً أنها تقول "فتشنا البيت دون أن نتلف شيئاً. كنت خائفاً ولم يتسن لي أبداً قراءتها".128 وتسمح المادة 96 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بحصول المشتبه به على نسخة من قائمة الأشياء المصادرة، ولكنها لا تشترط ذلك.129

وقد أخبر ياسر أبو هلالة، مدير مكتب قناة الجزيرة في الأردن، هيومن رايتس ووتش، أن دائرة المخابرات العامة اعتقلته من منزله في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2002، وكان معهم تصريح بالتفتيش كان فارغاً وقام الضابط بملئه فيما بعد. وقد أطلقت المخابرات سراحه بعد وقت قصير دون توجيه تهمة. ويعتقد أبو هلاله، كما أخبرنا، أن الغاية من الاعتقال كانت مصادرة الفيلم الذي صوره عن الإضطرابات التي وقعت في مدينة معان الجنوبية، وذلك لمنع بثه.130

وتعتبر حيازة المتفجرات أو الأسلحة النارية بصورة غير شرعية جريمة من اختصاص محكمة أمن الدولة، حيث يقوم ضباط دائرة المخابرات العامة بالتحقيق فيها. وفي ثلاث حالات قال عناصر من المخابرات إنهم كانوا يبحثون عن أسلحة نارية أو متفجرات، وقال الأهالي إن العناصر كانوا يهددون المشتبه به حين لا يعثرون على شيء. وقد أخبر أحد المحتجزين السابقين هيومن رايتس ووتش: "جاؤوا في الليل وفتشوا كل مكان دون أن يعثروا على شيء. بعدها قال الضابط إن العواقب ستكون وخيمة ما لم أدلهم على مخبأ الأسلحة".131 وأكد أنهم لم يعثروا على أية أسلحة أو متفجرات. وفي حالة أخرى عثر العناصر أثناء التفتيش على بارودة صيد تعود ملكيتها إلى والد محمد علي شقفة. وقد قال شقفة لهيومن رايتس ووتش:

قلت لهم: "إذا لم تجدوا شيئاً، انتهى الأمر". قال الضابط: "لا بأس"، ولكن أحد العناصر قال: "سنأخذك على أي حال". عندها جلسنا جميعاَ وقال العناصر لي: "يا محمد، الأفضل لك أن تتعاون. أخبرنا الآن أين رشاشات الكلاشنكوف؟"132.

الحجز الانفرادي

إن السلطات الأردنية لا تطبق القانون الأردني للسجون على سجن دائرة المخابرات العامة.133 كما أن التشوش المستمر حيال ما هو النظام القانوني الذي ينطبق على السجن المذكور، ولماذا لا تمارس مصلحة السجون الرقابة عليه؛ قد سمح لعناصر الدائرة بالعمل في سرية مفروضة بحكم الأمر الواقع والاستمرار في ممارسة الحجز الانفرادي.

تمنح المادة 13 من قانون السجون الحالي الصادر عام 2004 المحتجزين عدداً من الحقوق الهامة التي تحميهم من الحجز الانفرادي مثل إعلام أهل السجين بمكان احتجازه، وحق هذا الأخير بالتحدث مع محام وبتلقي زيارات المحامين والأهل وأشخاص آخرين، والتواصل مع الأصدقاء والعائلة.134 إلا أن القانون لا يحدد فروقاً في ممارسة هذه الحقوق بين المحتجزين دون تهمة وأولئك الذين ينتظرون المحاكمة وأولئك الذين يقضون فترة حكمهم.

إن دائرة المخابرات العامة تحظر على المحتجز -خلال فترة الأيام السبعة الأولى المسموحة قانوناً للاحتفاظ بالمحتجز قبل توجيه تهمة- إعلام أي شخص باعتقاله أو بمكان تواجده . ولا يعطى المشتبه به فرصة التكلم إلى محام أو الحق بتلقي زيارة الأهل أو المحامي أو الحق بالصمت لكي لا يورط نفسه.

أكثر من ذلك، تحتفظ  دائرة المخابرات العامة ببعض المحتجزين في الحبس الانفرادي لمدة طويلة (في ثلاث حالات حققنا فيها، استمر الحجز الانفرادي عدة أشهر). فقد أمضى مصطفى ر. حوالي الشهرين في السجن المركزي لدائرة المخابرات العامة قبل أن يتمكن والده من زيارته. وأبقت الدائرة عدنان صادق أبو نجيلة في الحجز الانفرادي من خمسة إلى سبعة أشهر بعد عودته من أذربيجان (عائلته لا تعرف المدة بالضبط، إذ لم يخبرهم أحد بموعد عودته من أذربيجان). كما أمضى مظفر سميح أحمد الجوابرة حوالي ثلاثة أشهر في الحجز قبل أن يتمكن والده من زيارته.135

ويتعارض الحجز الانفرادي مع قانون حقوق الإنسان. فهو من جهة يسهل ممارسة التعذيب. ففي العام 1999 أشار السير نيغل رودلي، الذي كان حينها مقرر الأمم المتحدة الخاص عن التعذيب:

اعتماداً على المعلومات التي تلقاها خلال السنوات السبع المنصرمة، يرى المقرر الخاص أن الحجز الانفرادي هو العنصر الأهم في تحديد مدى خطورة تعرض المحتجز للتعذيب. وعليه فهو يشدد على توصية سلفه ويحث جميع الدول على اعتبار الحجز الانفرادي ممارسة غير قانونية.136

ترد مناقشة المزاعم المتعلقة بالتعذيب في معتقلات دائرة المخابرات العامة في فقرة لاحقة.

من جهة أخرى، يشكل الحجز الانفرادي انتهاكاً لحق المحتجز في الاجتماع مع محاميه كي يتمكن من تحضير دفاعه.

ففي عام 1994، قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة "تقريراً عن المعايير والمقاييس العالمية الحالية المتعلقة بحق المحاكمة العادلة".137 وهذه المعايير تضمن لجميع المحتجزين "الحق في تلقي زيارات من المحامي الاستشاري ومن الأشخاص الذين يساعدونه ومن العائلة والأصدقاء وغيرهم بفترات منتظمة وتحت الإشراف اللازم".138

الحصول على الاستشارة القانونية

يسمح القانون الأردني للمحتجزين بطلب الاستشارة القانونية ليس من لحظة التوقيف ولكن من لحظة توجيه التهمة. وحسب قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، للمحتجز "الحق أن لا يجيب [على التهم] إلا بحضور محام"، رغم أنه يمكن للمدعي العام متابعة التحقيق في ظروف خاصة.139

وقد أكد المدعي العام الأردني صبر الرواشدة لهيومن رايتس ووتش أنه "ليس من حق المحتجز توكيل محام" قبل أن يلتقيه النائب العام ويتم توجيه تهمة جنائية له.140 كما أكد محامي الدفاع سميح خريس، الذي يدافع بشكل منتظم عن المتهمين أمام محكمة أمن الدولة، أن دائرة المخابرات العامة لا تسمح للمحامين بزيارة موكليهم في الأيام السبعة الأولى من الاعتقال. ولم يطلب أحد من المحتجزين السابقين الذين قابلناهم توكيل محام حين اعتقل، ولكن هذا لا يعود إلى معرفتهم بأنه لا يحق لهم ذلك إلا بعد أن توجه التهم إليهم، بقدر ما يعود إلى اعتقادهم بأنهم مطلوبون فقط "للإجابة على بعض الأسئلة" لتوضيح سوء تفاهم وسرعان ما يتم إطلاق سراحهم.141

ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق المتهم بأن يعرف التهم الموجهة إليه وأن يحصل على مساعدة قانونية تحميه من تجريم نفسه. كما يقول المبدأ 93 من قواعد الحد الأدنى القياسية:

بغرض الدفاع عن نفسه، يسمح للسجين الذي لم يقدم إلى محاكمة طلب مساعدة قانونية مجانية حيثما أتيحت، وتلقي مساعدات من مستشاره القانوني في إطار دفاعه وإعداد تعليمات سريّة وتسليمها له. ولهذه الغاية، يجب تزويده بمستلزمات الكتابة، إذا رغب. ويمكن أن تكون لقاءات السجين مع مستشاره القانوني تحت نظر ولكن ليس على مسمع أي شرطي أو موظف حكومي.142

على هذا فإن القانون الأردني يخالف المعايير الدولية لقانون حقوق الإنسان الذي يعطي المحتجز حق الحصول على الاستشارة القانونية في أسرع وقت ممكن بعد الاعتقال.

لقد أفادنا المدعي العام صبر الرواشدة، وهو مدعي عام محكمة البدايات في عمّان، أن الأغلبية الساحقة من المحتجزين لا تمارس حقها في تعيين محام لدى اتهامهم بجرم ما.143 وقال لنا محتجزون سابقون إن مرد ذلك هو عدم توفر المال لديهم.144 وقال الرواشدة إنه حين تحال القضية إلى المحكمة تقوم هذه بتعيين محام في الجنايات، ولكن في الجنح التي يمكن مقاضاتها أمام محكمة أمن الدولة، لا يوجد مثل هذا الإجراء.145

ولكن المحامي زهير أبو الراغب، اشتكى لنا من منع مقابلة المحتجزين عموماً في سجون دائرة المخابرات العامة حتى بعد توجيه التهم إليهم: "من الصعب علينا نحن المحامين زيارة سجون الدائرة، رغم أن ذلك مكفول في قانون أصول المحاكمات الجزائية".146 إن قيام دائرة المخابرات العامة بمنع المحامين من رؤية موكليهم بعد أن يكون المدعي العام قد وجه إليهم التهم، يشكل خرقاً ليس فقط للمعايير الدولية، بل وللقانون الأردني. (للإطلاع على تعليقات الرواشدة على عواقب عدم الاتصال بالمحامين لإبلاغهم عن الإساءة وتأمين معالجتها، انظر الفصل الخامس لاحقاً).

إعلام الأهل والتواصل مع العالم الخارجي

يوجب قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على الضابط الذي يقوم بعملية الاعتقال إعداد مذكرة موقعة وإعلام المشتكى عليه أو محاميه عن تاريخ إلقاء القبض عليه ومكان الاحتجاز أو السجن.147 وتنص المادة 13 من قانون مراكز الإصلاح والتأهيل على أن من حق النزيل: "3- إعلام أهله عن مكان وجوده 4- التراسل مع أهله ومع أصدقائه وتسهيل سبل الاتصال له 5- تلقي الزوار، ما لم يكن هناك قرار مبرر متخذ من قبل مدير المركز يمنع هذه الزيارات".148

لكن دائرة المخابرات العامة لا تسمح للمحتجزين بالتواصل السريع مع عائلاتهم حتى بعد تقديم طلب بذلك. وفي الحالات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش لم يسمح ضباط الدائرة للمحتجزين بإعلام أهلهم لحظة الاعتقال أو مباشرة بعد نقلهم إلى السجن المركزي للدائرة في عمان. وقد أخبرنا فهمي س. أنه خلال فترة احتجازه التي دامت 20 يوماً لم يتلق أية زيارة، كما منعه عناصر الدائرة من إجراء أي اتصال هاتفي.149

كما أن الدائرة لا تقوم بأي مسعى لإبلاغ عائلات المحتجزين، بل وفي بعض الحالات لا تخبر العائلات التي تبحث عن أبنائها حقيقة أنها تحتجزهم لديها. ففي حالة محمد علي شقفة، اصطحبه العناصر إلى شقته لتفتيشها، بحضور والده والشرطة، قبل أن يأخذوه معهم مرة ثانية، ولكن في معظم الحالات الأخرى لم يشهد أي من الأقرباء حالة الاعتقال. وقد أخبرنا الأهالي أنهم علموا عن اعتقال أبنائهم وأزواجهم عبر كلام منقول، ولم يجد بحثهم عنهم في مراكز الشرطة المحلية ومكتب المحافظ ومركز المخابرات المحلي وحتى في سجن الدائرة المركزي نفعاً.

في أوائل عام 2003، هدد عناصر سجن الدائرة المركزي والد زياد أ.، الذي كانوا قد اعتقلوه من فترة قريبة، قائلين: "إنه ليس عندنا، ولكن تابع البحث عنه. وإذا لم تعثر عليه فسوف نوقفك أنت هنا".150 وقد حدثت تجربة مشابهة مع شيخ الجوابرة في مارس/آذار 2004 عندما ذهب يبحث عن ابنه مظفر الجوابرة. فقد أخبر هيومن رايتس ووتش أنه تكلم مع المسئولين في مكتب دائرة المخابرات العامة في الرصيفة، فأنكروا وجوده لديهم. وسرعان ما جلب طارق، أخو مظفر، المال ليعطيه إلى مظفر في المكتب نفسه. حيث أخذ الضابط المسئول المال ووعد بإيصاله إلى مظفر، الذي أكد لهيومن رايتس ووتش أنه تلقى بعض المال.151

وفي 7 يوليو/تموز 2005 التقينا إسماعيل عبد الكريم عبد الرحمن في مكاتب المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الأردن، حيث ذهب يطلب المساعدة في العثور على ابنه الذي اعتقلته دائرة المخابرات العامة والشرطة في اليوم السابق. إذ لم يتمكن من الاتصال بابنه أو معرفة مكانه، رغم أنه كان يشك أنه في السجن المركزي للدائرة.

وتقضي قواعد الحد الأدنى القياسية للأمم المتحدة حول معاملة السجناء بأنه "يسمح للسجين بإعلام عائلته باعتقاله فوراً، ويعطى كافة التسهيلات اللازمة للاتصال بعائلته وأصدقائه".152 وهذا الحق يجب تطبيقه في كل مرة يتم فيها نقل المحتجز من مركز اعتقال إلى آخر. وتقضي مجموعة مبادئ الأمم المتحدة بشأن حماية جميع الأشخاص تحت أي شكل من أشكال الاعتقال أو السجن (مجموعة المبادئ) بأنه:

يسمح للمحتجز أو السجين إعلام أهله، أو أشخاصاً آخرين يختارهم، باعتقاله بعد الاعتقال فوراً وبعد كل عملية نقل من مكان توقيف أو سجن إلى آخر وبالمكان الذي نقل إليه.153

وتقضي قواعد الحد الأدنى القياسية بأن تكون ممارسة حق الإعلام "فورية"؛ إن مجموعة المبادئ تضع حداً زمنياً "لا يتجاوز الأيام" قبل أن يتمكن المحتجز من ممارسة هذا الحق.154

وتقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارات دورية سرية إلى مراكز الاعتقال الأردنية بما في ذلك مركز دائرة المخابرات العامة، بهدف مراقبة معاملة المحتجزين.155 وقد علقت اللجنة زياراتها في عدد من المناسبات عندما رفضت الدائرة السماح لها بدخول مركزها أو لقاء بعض المحتجزين. وتدريجياً ضمنت اللجنة الدخول إلى المركز المذكور، حيث فاوضت في البداية على أساس زيارة كل أسبوعين ثم كل أسبوع.156 وقد أخبرنا أحد ممثليها أن اللجنة تقوم بزيارات منتظمة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2004.157

وقال الشاب الفلسطيني الأردني من مخيم شنلر إن أول شخص يراه من غير عناصر دائرة المخابرات العامة هو ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ولم يتذكر كم من الوقت كان قد مر على اعتقاله حين حدثت تلك الزيارة. ولم يتمكن هذا الشاب من الاتصال مع أي شخص في الخارج قبل تلك الزيارة. وقال إنه كان يعتقد أن اللجنة الدولية هذه "لا تزور إلا المحتجزين الأبرياء"، فقد كان لديه انطباع بأنها لا تزور جميع المحتجزين الموجودين في سجن الدائرة المركزي.158 وقالت عائلتان لهيومن رايتس ووتش إنهما لم تعرفا باعتقال أقربائهم الذكور في سجن الدائرة المركزي إلا بعد الاتصال مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.159

وحسب أفراد عائلة عدنان محمد صادق أبو نجيلة أن الأخير أكد أن عناصر المخابرات العامة أخفوه عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر مرتين في عام 2004.160 وتقضي مبادئ حماية جميع الأشخاص تحت أي شكل من الاحتجاز أو الحبس بأن: "من حق المحتجز أو السجين الاتصال بحرية وبسرية تامة مع الأشخاص الذين يزورون مراكز الاحتجاز والسجون حسب الفقرة 1 من المبدأ الحالي وفق شروط معقولة لضمان الأمن والنظام في هذه المراكز".161 إن إنكار دائرة المخابرات العامة لهذه الحقوق على المحتجزين يشكل بالتالي انتهاكاً للقانون الأردني ولمعايير حقوق الإنسان العالمية أيضاً.

كما أخبرتنا عائلة عدنان أبو نجيلة أنه تم إلغاء زيارات العائلة بسبب ما عرفوا لاحقاً أنه جلسات تعذيب. ففي إحدى الزيارات قال عناصر الإدارة لهم إن عدنان "ليس على ما يرام ولا يريد رؤيتهم". وقالت العائلة أيضاً إنه بعد أن سمحت الإدارة لهم بزيارته حين اعتقل مرة ثانية في أغسطس/آب 2004، كان أحد العناصر يقف وراء عدنان مباشرة وأحياناً كان يضع ذراعه على كتفه.162




87 مجموعة العمل في الأمم المتحدة الخاصة بالاحتجاز التعسفي، ورقة معلومات رقم 26. http://www.ohchr.org/english/about/publications/docs/fs26.html  (تمت زيارة الرابط في 26 مارس/آذار 2006).

88 أعطتنا الأسرة تاريخ الاعتقال، لكنها قالت أنها لا تعرف كيف وصل عدنان إلى الأردن. وفي  فبراير/شباط 2003، أبلغ كولن باول وزير الخارجية الأمريكي آنذاك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن عدنان محمد صادق (أبو نجيلة) "تخرج من معسكر الزرقاوي الإرهابي في أفغانستان، [و] كلف ما لا يقل عن تسعة متطرفين من شمال أفريقيا عام 2001 بالسفر إلى أوروبا لتنفيذ هجمات بالسموم والمتفجرات". كلمة أمام مجلس الأمن، 5 فبراير/شباط 2003، www.whitehouse.gov/news/releases/2003/02/20030205-1.html  (تمت زيارة الرابط في 8 أغسطس/آب 2006). وقد حاول أندرو ماك غريغور تقصي بعض الادعاءات بشأن نشاطات عدنان أبو نجيلة، انظر أندرو ماك غريغور، "حمى سم الريسين: أبو مصعب الزرقاوي في مجموعة بانكيزي"، تيرورزم مونيتور، الجزء 2 (24)، مؤسسة جيمستون، 16 ديسمبر/كانون الأول 2004، http://Chechnya.Jamestown.org/email-tofriend.php?article_id=2369023  (تمت زيارة الرابط في 8 أغسطس/آب 2006). انظر أيضاً ديفيد كلاود، "بعد بقائه طويلاً تحت أنظار الولايات المتحدة، إرهابيٌّ شاب يختطّ سيرةً مظلمة في رحلته إلى العراق، أنشأ الزرقاوي صلات مع القاعدة واجتذب أتباعاً له؛ بترٌ في بغداد"، وول ستريت جورنال، 10 فبراير/شباط 2004.

89 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد أبو نجيلة وزكريا أبو نجيلة، شقيقي عدنان أبو نجيلة، الزرقاء، 15 سبتمبر/أيلول 2005.

90 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد أبو نجيلة، الزرقاء، 15 سبتمبر/أيلول 2005.

91 المصدر السابق.

92 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فهمي س، عمان، 8 يناير/كانون الثاني 2006.

93 تشمل هذه الوضعيات المجهدة إبقاء الشخص في وضعٍ غير مريح لساعاتٍ طويلة، وهذا ما يسبب ألماً مبرحاً. أنظر تقرير هيومن رايتس ووتش، "أساليب استخدام الأوضاع المجهدة لفتراتٍ طويلة المنتشرة في العالم"، وثيقة معلومات عامة صادرة عن هيومن رايتس ووتش، 1 يونيو/حزيران 2004، http://hrw.org/english/docs/2004/06/01/usint8632.htm.

94 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد م، عمان، 8 يناير/كانون الثاني 2006.

95 مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع محمد شقيق باسم ف، عمان، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

96 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زياد أ، الرصيفة، 13 سبتمبر/أيلول 2005.

97 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد علي الشقفة، الرصيفة، 15 سبتمبر/أيلول 2005.

98 تنص المادة 9.1 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية على: "لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه".

100 "يفترضُ قيام ’شك معقول‘ توفر حقائق أو معلومات من شأنها إقناع مراقب محايد بأن الشخص المعني يمكن أن يكون قد ارتكب الجريمة.... [أما ما] يمكن اعتباره ’معقولاً‘ .... فيعتمد على جميع الحيثيات"، المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قضية فوكس وكامبل وهارتلي ضد المملكة المتحدة، 30 أغسطس/آب  1990، السلسلة أ، رقم 182، ص 16، فقرة 32. وتابعت المحكمة لكي توضح في هذه القضية أنه "وبالنظر إلى الصعوبات التي تكتنف التحقيق والملاحقة القضائية في الجرائم ذات النمط الإرهابي، .... فإن ’معقولية‘ الشك الذي يبرر هذه الاعتقالات لا تقبل الحكم عليها دائماً تبعاً لنفس المعايير المستخدمة في التعامل مع الجرائم التقليدية. على أن الضرورات الملحة الملازمة للتعامل مع جرائم الإرهاب لا يمكن لها تبرير توسيع مفهوم ’المعقولية‘ إلى حدٍّ يمس جوهر الحمايات التي تضمنها المادة 5.1 (ت) ....."، المقتطفان مأخوذان من الأمم المتحدة، "حقوق الإنسان عند تطبيق العدالة: دليل القضاة والمدعين العامين والمحامين في حقوق الإنسان"، (نيويورك وجنيف: الأمم المتحدة، 2003)، الفصل 5: "حقوق الإنسان والاعتقال والاحتجاز قبل المحاكمة والاحتجاز الإداري"، ص 174.

101 المادة 114.1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

102 المادة 113 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

103 المادة 9.3 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. انظر أيضاً مكتب المفوض السامي لحقوق الإنساني في الأمم المتحدة، "الدليل التدريبي لمراقبة حقوق الإنسان"، (نيويورك/جنيف: الأمم المتحدة، 2001)، الفصل 9: "زيارة الأشخاص المحتجزين"، http://www1.umn.edu/humanrts/monitoring/chapter9.html  (تمت زيارة الرابط في 9 أغسطس/آب 2006).

104 المادتان 122 و123 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

105 قررت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أنه "لا يمكن اعتبار المدعي العام حائزاً على الحيادية والموضوعية المؤسساتية بحيث يجوز النظر إليه على أنه ’موظفٌ مخولٌ بممارسة سلطات قضائية‘". وعلى هذا الأساس وجدت اللجنة أن هناك خرقاً للمادتين 9 (3) و4 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. انظر بانداجيرسكي ضد بيلاروسيا، بلاغ رقم 1100/2002، 18 أبريل/نيسان 2006. وهذه القضية واحدة من جملة قضايا قررت فيها اللجنة أن المدعي العام لا يملك الموضوعية والحيادية المؤسساتية اللازمة للوفاء بمتطلبات المادة 9 (انظر مثلاً قضية كولومين ضد هنغاريا، بلاغ رقم 521/1992، 22 مارس/آذار 1996؛ وقضية بلاتونوف ضد روسيا، بلاغ رقم 1218/2003، آراءٌ جرى اعتمادها في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2005؛ ومؤخراً، قضية سولاتانوفا ضد أوزبكستان، بلاغ رقم 915/2000، 19 أبريل/نيسان 2006). وتفرض الفقرتان 3 و4 من المادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أنه "....يجب مثول أي شخص يعتقل أو يحتجز بتهمةٍ جنائيةٍ أمام قاضٍ أو أمام موظفٍ يخوله القانون ممارسة سلطاتٍ قضائية"، وأن "أي شخص يجرد من حريته عن طريق الاعتقال أو الاحتجاز يحق له اتباع إجراءات .... حتى تقرر محكمةٌ، ودون تأخير، مدى قانونية احتجازه....".

106 لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بلاغ رقم 521/1992، قضية كولومين ضد هنغاريا (آراء جرى اعتمادها في 22 مارس/آذار 1996)، في وثيقة الأمم المتحدة GAOR, A/51/40(vol. II)، فقرة 11.3، وردت في: الأمم المتحدة، حقوق الإنسان عند تطبيق العدالة؟، ص 189. ورأت اللجنة أنه "لابد في الممارسة السليمة للسلطات القضائية من ممارستها من قبل جهة مستقلة وموضوعية ومحايدة فيما يخص القضية المنظورة". ويوضح قرارٌ صادرٌ عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 1998 فهم المحكمة لمعنى الاستقلالية المطلوبة عند النظر القضائي في قانونية الاحتجاز: "يجب أن يكون ’الموظف‘ مستقلاً عن السلطة التنفيذية وعن المتخاصمين.... وذلك وقت اتخاذ القرار حول الاحتجاز....: وإذا تبين في ذلك الوقت أن الموظف يمكن أن يتدخل لاحقاً لصالح جهة الادعاء في سير الدعوى الجزائية، فإن الشك يمكن أن يقوم في مدى استقلاليته وحياده". المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قضية أسينوف وآخرين ضد بلغاريا، قرار حكم في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1989، تقارير 1989 ـ 8، ص 3298، فقرة 146.

107 المادة 114.1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

108 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مصطفى ر، عمان، 20 سبتمبر/أيلول 2005.

109 مازال أحد أبناء مهدي، وهو محمد، يقيم في أفغانستان التي ذهب إليها عام 1997؛ أما ابنه الآخر، إبراهيم، فهو محتجزٌ حالياً لدى الولايات المتحدة في غوانتانامو بعد أن اختطفته ميليشيا أفغانية محلية ثم باعته للأمريكيين في ديسمبر/كانون الأول 2001. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مهدي زيدان، إربد، 22 سبتمبر/أيلول 2005.

110 المصدر السابق.

111 المصدر السابق.

112 المادة 195 من قانون العقوبات.

113 مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع مهدي زيدان، إربد، 10 يوليو/تموز 2006.

114 المادة 63 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

115 المادة 107 من قانون العقوبات.

116 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد البرقاوي، الرصيفة، 13 سبتمبر/أيلول 2005.

117 أجرى المقدسي عدة مقابلاتٍ صحفية بعد الإفراج عنه. انظر مروان شحادة وميسرة الشمري، "المقدسي للحياة: ابن لادن يرفض طلب الزرقاوي تثقيف أتباعه باستخدام كتبي وينصح أبا مصعب بتجنب قتل المدنيين أو استهداف الكنائس والمساجد الشيعية"، الحياة، 10 يوليو/تموز 2005 (بالعربية). http://www.daralhayat.com/special/dialogues/07-2005/Item-20050709-fc84176c-c0a8-10ed-00f8-0297dc320257/story.html (تمت زيارة الرابط في 28 مارس/آذار 2006). انظر أيضاً نص برنامج الجزيرة "ما وراء الخبر: اعتقال أبي محمد المقدسي"، 28 يوليو/تموز 2005،http://www.aljazeera.net/NR/exeres/D2FA9B70-9DC0-4B6D-914B-41D2CE1EB679.htm (تمت زيارة الرابط في 10 مايو/أيار 2006).

118 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الصحفية رنا الصباغ التي كانت حاضرةً آنذاك. عمان، 8 يناير/كانون الثاني 2006.

119 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد البرقاوي، الرصيفة، 13 سبتمبر/أيلول 2005.

120 المصدر السابق.

121 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أسرة المقدسي، الرصيفة، 13 سبتمبر/أيلول 2005.

122 مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع محمد البرقاوي، الرصيفة، 16 يونيو/حزيران 2006.

123 الفقرة 1 من المادة 147 من قانون العقوبات المعدل في أكتوبر/تشرين الأول 2001.

124 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مصطفى ر، عمان، 20 سبتمبر/أيلول 2005.

125 المادة 81 من قانون أصول المحاكمات الجزائية

126 مقابلات هيومن رايتس ووتش مع محمد علي شقفة، الرصيفة، 15 سبتمبر/أيلول 2005 وشيخ الجوابرة، الرصيفة، 13 سبتمبر/أيلول ، 2005، ومع شاب فلسطيني أردني من سكان مخيم شنلر، طلب عدم كشف اسمه، الرصيفة، 14 سبتمبر/أيلول 2005.

127 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إسماعيل عبد الرحمن، عمان، 7 يوليو/تموز 2005، ومحمد علي شقفة، 15 سبتمبر/أيلول 2005، ومصطفى ر.، عمان، 20 سبتمبر/أيلول 2005، وشاباً فلسطينياً أردنياً من سكان مخيم شنيلر، طلب عدم ذكر اسمه، الرصيفة، 14 سبتمبر/أيلول 2005. وتطلب المواد 32 و36 و38 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، من المشتبه به والمدعي العام والشهود التأكد من الأشياء التي تمت مصادرتها وتوقيع قائمة بأسمائها.

128 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إسماعيل عبد الرحمن، عمان، 7 يوليو/تموز 2005.

129 المادة 96 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

130 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ياسر أبو هلالة، عمان، 11 سبتمبر/أيلول 2005.

131 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شاب فلسطيني أردني من مخيم شنلر، الرصيفة، 14 سبتمبر/أيلول 2005.

132 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد علي شقفة, الرصيفة, 15 سبتمبر/أيلول 2005.

133 كما لاحظنا سابقاَ أعلنت وزارة الداخلية في عام 1993 "مركز التوقيف والتحقيق [في دائرة المخابرات العامة] سجناً. وزارة الداخلية، تصريح نشر على الصفحة  3930 من الجريدة الرسمية، 1 نوفمبر/تشرين أول 1993.

134 المادة 13 من القانون رقم 9, مراكز الإصلاح وإعادة التأهيل "قانون السجون", الأردن, 2004.

135 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مصطفى ر, عمان, 20 سبتمبر/أيلول 2005, وعائلة عدنان أبو نجيلة, الزرقا, 15 سبتمبر/أيلول 2005 وشيخ الجوابرة, الرصيفة, 13 سبتمبر/أيلول 2005.

136 الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة, الجلسة 54, الفقرة 116(أ) من الأجندة, قضايا حقوق الإنسان: تطبيق معاهدات حقوق الإنسان, "تقرير عن التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة", قدمه السير نيغل رودلي, المقرر الخاص لمفوضية حقوق الإنسان, حسب قرار الجمعية العمومية 53/139" 1 أكتوبر/تشرين الأول, 1999, الفقرة 42.

137 المجلس الاقتصادي الاجتماعي التابع للأمم المتحدة, مفوضية حقوق الإنسان, المفوضية الفرعية بشأن التمييز وحماية الأقليات, الجلسة 46," الحق بمحاكمة عادلة: الاعتراف الحالي والإجراءات الضرورية لتقويته". E/CN.4/Sub.2/1994/24, 3 يونيو/حزيران 1994.

138 المصدر السابق, الفقرة 45. ف.

139 المادة 63, قانون أصول المحاكمات الجزائية.

140 لقاء هيومن رايتس ووتش مع النائب العام صبر الرواشدة, عمان, 22 سبتمبر/أيلول 2005.

141 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد علي شقفة, 15 سبتمبر/أيلول 2005, ومصطفى ر., عمان, 20 سبتمبر/أيلول 2005.

142 المبدأ 93, المجلس الاقتصادي الاجتماعي التابع للأمم المتحدة, قواعد الحد الأدنى القياسية.

143 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع النائب العام صبر الرواشدة, عمان, 22 سبتمبر/أيلول 2005.

144 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شيخ الجوابرة, الرصيفة, 13 سبتمبر أيلول 2005.

145 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع النائب العام صبر الرواشدة, عمان, 22 سبتمبر/أيلول 2005.

146 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زهير أبو الراغب, عمان, 18 سبتمبر/أيلول 2005.

147 المادة 100. قانون أصول المحاكمات الجزائية.

148 المادة 13-3-5، قانون السجون.

149 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فهمي س.، عمان، 9 يناير/كانون الثاني 1005

150 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أسعد أ، 15 سبتمبر/أيلول 2005.

151 اتصال هاتفي لهيومن رايتس ووتش مع مظفر الجوابرة، الرصيفة، 13 سبتمبر/أيلول 2005.

152 تم تبني القاعدة 92 من قواعد الحد الأدنى القياسية في معاملة السجناء في المؤتمر الأول للأمم المتحدة حول منع الجريمة ومعاملة المرتكبين، الذي عقد في جنيف عام 1955، وصادق عليه المجلس الاجتماعي والاقتصادي في قراره رقم 663 ج (XXIV) في 31 يوليو/تموز 1957 والقرار رقم 2076 (LXII) في 13 مايو/أيار 1977.

153 المبدأ 16، مجموعة المبادئ.

154 المبدأ 15، مجموعة المبادئ.

155 لا تقبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر شروطاً على زياراتها، وتقضي مبادئها بأن تتم زياراتها في كل الأوقات وبشكل سري وإلى كل مراكز التوقيف ولجميع السجناء ولكامل مبنى المركز. انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "زيارة المحرومين من حريتهم: هدف وشروط زيارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، 18 أغسطس/آب 2001.

http://www.icrc.org/Web/eng/siteeng0.nsf/iwpList265/929018E28243CCB0C1256B6600600D8C (تمت زيارة الرابط في 25 مايو/أيار 2006). كما تحافظ اللجنة على مبدأ السرية وتنشر ما تراه بالتفاهم مع المركز المعني ومع الحكومة. وفي الأردن، ترسل اللجنة تقاريرها إلى رئيس الوزراء وإلى الملك. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أدريانا ألاركون دياز، ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عمان، 10 سبتمبر/أيلول 2005.

156 تقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقريرها السنوي لعام 2004: "في يوليو/تموز الأخير استأنفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر زياراتها إلى مراكز الاحتجاز الخاصة بدائرة المخابرات العامة بعد ثلاثة أشهر من التعليق نظراً لمشاكل تتعلق بالوصول إلى بعض الموقوفين". وفي 2002 جاء في تقرير اللجنة: "في مناسبات عدة في النصف الأول من عام 2002، قاد حجب المعلومات ومشاكل الوصول إلى المعتقلات إلى تعليق زيارة مراكز التوقيف التابعة لدائرة المخابرات العامة. وتم استئناف الزيارات عقب مناقشات مع الدائرة ومع مكتب النائب العام العسكري أدت إلى تجديد السلطات الأردنية التزامها التام بتقديم المعلومات وتسهيل إجراءات الوصول إلى مراكز التوقيف. وتابعت اللجنة تشجيع السلطات على السماح للأهالي بزيارة معتقليهم". وفي عام 1998 جاء في تقرير اللجنة: "في 13 أكتوبر/تشرين الأول 1997 علقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر زياراتها إلى دائرة المخابرات العامة لأنه لم يسمح لمندوبيها لقاء المحتجزين هناك. وتم تقديم الاعتراضات فوراً على أعلى مستوى، وكررت في بداية 1998. وتمكنت اللجنة من استئناف زياراتها المنتظمة للدائرة في 11 فبراير/شباط، باستثناء الفترة من 11 مايو/أيار إلى 16 يونيو/حزيران".

157 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أدريانا الاركون دياز، ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عمان، 10 سبتمبر/أيلول 2005. وبالتوافق مع سياستها المعتادة في مخاطبة المسئولين الحكوميين فقط في البلد المعني، لم تؤكد اللجنة لهيومن رايتس ووتش مزاعم التعذيب في مركز التوقيف التابع لدائرة المخابرات العامة.

158 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الشاب الفلسطيني الأردني من سكان مخيم شنلر، الذي رفض الكشف عن اسمه، الرصيفة، 14 سبتمبر/أيلول 2005.

159 مقابلات هيومن رايتس ووتش مع الشاب الفلسطيني الأردني من سكان مخيم شنلر، الذي رفض الكشف عن اسمه، الرصيفة، 14 سبتمبر/أيلول 2005، ومع شيخ الجوابرة، الرصيفة، 13 سبتمبر/أيلول 2005.

160 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع والدة وأخوة عدنان أبو نجيلة، الزرقا، 15 سبتمبر/أيلول 2005.

161 المبدأ 26، مجموعة المبادئ.

162 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع والدة وأخوة عدنان أبو نجيلة، الزرقا، 15 سبتمبر/أيلول 2005.