التطورات في مجال حقوق الإنسان الدفاع عن حقوق الإنسان دور المجتمع الدولي
التطورات في مجال حقوق الإنسان

  استمر الصراع بين الإصلاحيين والمحافظين حول التوجه السياسي للجمهورية الإسلامية مما أدى إلى انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان وبخاصة حرية التعبير. وحقق المرشحون الإصلاحيون من أنصار الرئيس خاتمي فوزاً كبيراً في الانتخابات التشريعية التي أجريت في فبراير/شباط الماضي والتي وصفت بأنها أنزه انتخابات في تاريخ إيران، غير أن التوقعات بأن يؤدي هذا النجاح إلى إقامة نظم ترسخ هذه المكاسب من أجل إيجاد حماية قانونية لحقوق الإنسان كانت آمالاً في غير موضعها. إذ استخدم المحافظون مالهم من سيطرة على مؤسسات الدولة القوية، وأهمها القضاء، في إرهاب المؤيدين للحريات السياسية، وفي مقدمتها حرية التعبير، وتكميم أفواههم. فأُغلقت 25 جريدة ومجلة مستقلة، كما سُجِن بعض كبار الناشرين والصحفيين بـموجب تهم غامضة مثل "إهانة الإسلام"، أو "التشكيك في المبادئ الإسلامية التي تقوم عليها الجمهورية".

أما اعتقال عشرة من اليهود الإيرانيين في شيراز وإدانتهم بعد محاكمة غير عادلة بتهمة التجسس لحساب إسرائيل فقد ألقى الضوء على عيوب إجرائية خطيرة في النظام القضائي الإيراني، كما أثار المخاوف من تعرض الأقليات الدينية لاضطهادات أكبر. واستمرت الحكومة في استخدامها المتكرر لعقوبة الإعدام بعد محاكمات تقصر عن الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة؛ وتم تنفيذ بعض الإعدامات على الملأ.
في أوائل العام سادت أخبار الانتخابات الخاصة بمجلس الشورى الإسلامي السادس، وكانت الانتخابات الأخيرة للمجلس في 1996 قد أفسدها تدخل مجلس الأوصياء الذي اعترض على أكثر من أربعة وأربعين في المائة من أسماء المرشحين. أما في العام الحالي فإن هذا المجلس الذي شكلته الحكومة من اثني عشر من كبار الفقهاء ورجال القانون قد رفض أقل من عشرة في المائة من المرشحين؛ فمن بين 6083 مرشحاً تقدموا للتنافس على 290 مقعداً لم يستبعد مجلس الأوصياء سوى 576 مرشحاً. وعلى الرغم من استبعاد مرشحي الأحزاب التي تعارض حكم الملالي أو تنتقده علانية فإن الإيرانيين قد أتيح لهم الاختيار من بين مرشحين يمثلون وجهات نظر متعددة.
إلا أن المحافظين ناوروا للحد من درجة انتصار الإصلاحيين، واستعملوا شتى الأساليب في سد الطريق أمام اشتراك الإصلاحيين المرموقين في الانتخابات كمرشحين. ومن ذلك أنهم في نوفمبر/تشرين الثاني 1999 قدموا للمحاكمة أمام المحكمة الخاصة برجال الدين عبد الله نوري وزير الداخلية المعزول، المرشح الإصلاحي لرئاسة مجلس الشورى الإسلامي وصاحب جريدة "خرداد" الشهيرة.
بيد أنه انتهز فرصة مثوله أمام المحاكمة لينادي بالإصلاح مذكراً من يتهمونه من المحافظين بأنهم لا يستطيعون فرض تفسيرهم للإسلام، وطعن كذلك في السلطة الدينية والقانونية للمحكمة مشبهاً إياها بمحاكم التفتيش. وأوردت صحف المعارضة بالتفصيل أقوال عبد الله نوري التي احتوت على اقتباسات مفضلة من انتقادات آية الله منتظري لمبدأ ولاية الفقيه. ورغم ذلك فقد أدانت المحكمة عبد الله نوري، وحكمت عليه بالسجن خمس سنوات، وإسقاط اسمه من قوائم المرشحين للانتخابات.

وفي يناير/كانون الثاني استبعد مجلس الأوصياء أسماء خمسة إصلاحيين بارزين من قائمة المرشحين، وكان من بينهم عباس عبدي أحد قادة عملية الاستيلاء على سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في طهران عام 1989، التي أدت إلى أزمة الرهائن الشهيرة، وكان عبدي قد اتخذ خطوات علنية للمصالحة مع رهائنه بالأمس. أما مرشحو حزب المعارضة المعروف باسم "حركة الحرية الإيرانية"، بمن فيهم زعيم الحركة إبراهيم يزدي، فقد استبعدوا للمرة الثانية من الاشتراك في الانتخابات. كما مُنِع محمود علي شهرغني المدافع عن حقوق الأقلية الآذربيجانية من تسجيل اسمه كمرشح في انتخابات المجلس بمدينة تبريز بعد ما اعتقلته الشرطة حتى فاته الموعد النهائي لتسجيل أسماء المرشحين.

وفي 12 مارس/آذار أطلق أحد المسلحين النار على سعيد حجاريان مدير جريدة "صبح امروز" (صباح اليوم) اليومية الإصلاحية فأصابه بجراح خطيرة، وكانت الجريدة قد قادت حملة للكشف عن تورط المسؤولين في الدولة في عمليات إعدام المثقفين المنشقين خارج نطاق القضاء. وكان حجاريان أيضاً مستشاراً سياسياً بارزاً للرئيس خاتمي، ويعتبر مهندس فوز الإصلاحيين في انتخابات فبراير/شباط. وقد تمكن الجاني من الهرب من مسرح الحادثة على دراجة نارية من النوع الذي تستأثر باستخدامه قوات الأمن، ولم تحاول الشرطة الموجودة في المكان أن تقبض عليه مما أثار الشك بأنه كان يعمل بالتعاون مع أفراد من قوات الأمن. ولكن السلطات لم تلبث أن اعتقلته، وقدمته للمحاكمة هو وأربعة من المتآمرين معه، وحُكم عليه بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً.
أحيت محاولة اغتيال حجاريان المخاوف من قيام فرق الاغتيال شبه العسكرية بنشاطها من داخل أجهزة الدولة. وبدأت في مارس/آذار محاكمة مجموعة من رجال الشرطة بتهمة الهجوم على مساكن الطلبة بجامعة طهران في يوليو/تموز 1999 (انظر التقرير العالمي لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" لعام 2000)، لكن لم تشمل المحاكمة العناصر شبه العسكرية من المرتدين أزياء رسمية، والذين قال الشهود إنهم مسؤولون عن أسوأ أعمال العنف التي وقعت إبان الهجوم المذكور، وقتل خلالها أربعة طلاب على الأقل. وفي يوليو/تموز كذلك أبرئت ساحة أحد كبار رجال الشرطة المتهمين في حادثة الهجوم. وبقي في السجن عشرات الطلاب الذين اعتقلوا أثناء المظاهرات وخلال الهجوم على مساكن الطلبة.
ولم تُعقد بعدُ محاكمة علنية للمسؤولين الحكوميين المتهمين بالاشتراك في قتل المنشقين السياسيين والمثقفين في نهاية 1998. وفي سبتمبر/أيلول نشرت الصحف مذكرة قضائية تعلن البدء في إجراءات التقاضي ضد ثمانية عشر من المسؤولين السابقين في وزارة الإعلام الذين اتُّـهِمُوا بالتورط في عمليات القتل المشار إليها؛ ولم يكن سوى اثنين من هؤلاء المتهمين قيد الاعتقال. أما المحامون الممثلون لأسر الضحايا الذين مُنِحوا حق الاطلاع على ملفات الادعاء فقد اشتكوا من أن الملفات ما زالت غير كاملة وأثاروا تساؤلات حول ما حدث للمواد التي تم جمعها في أثناء عامين من التحقيقات.

وشن المحافظون حملة منسقة لإغلاق الصحف المستقلة من أجل إضعاف نفوذ الإصلاحيين. وفي غياب أحزاب سياسية رسمية أصبحت الجرائد الوسائل الرئيسية في حشد التأييد الشعبي لقضايا الإصلاح، وذلك مع قيام الكثير من كبار الإصلاحيين بإصدار جرائدهم الخاصة التي تعمل كمنابر للمناقشات الواسعة النطاق للمشكلات التي تواجهها البلاد. وكانت الصحافة عاملاً رئيسياً من عوامل نجاح الإصلاحيين في الانتخابات، وتزايد كشفها للفساد داخل النخبة التقليدية الحاكمة وتورط هذه النخبة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بما في ذلك إعدام المنشقين السياسيين خارج نطاق القضاء. وقد وجهت الإجراءات التي اتخذها المحافظون ضد الصحافة ضربة ساحقة لأحد الإنجازات القليلة الملحوظة للحركة الإصلاحية، ألا وهو وسائل الإعلام المطبوعة التي تتمتع بالاستقلال والحيوية.
كانت الحركة الإصلاحية أبعد ما تكون عن كيان واحد متجانس؛ فهي تضم الإسلاميين الديمقراطيين الذين ينادون بنظام سياسي أكثر استجابة للظروف والمتغيرات، وآخرين يوجهون تحدياً مباشراً للدور المحوري لرجال الدين في السياسة، ولمبدأ توفر السلطة المطلقة في يدي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية لتنفيذ السياسة التي كلفه الله بها. وفي إبريل/نيسان، بدأت العناصر التقليدية في القضاء إصدار أحكام بإغلاق الجرائد والمجلات المستقلة وسجن كبار الصحفيين والمحررين. وفي 10 إبريل/نيسان حُكم بالحبس ثلاثين شهراً على ماشالله شمس الواعظين أحد رواد الإعلام المستقل ومحرر سلسلة من المطبوعات المحظورة، وذلك عقاباً له على نشر مقال انتقد فيه عقوبة الإعدام.
وفي 22 إبريل/نيسان قضت محكمة الصحافة في طهران بسجن أكبر كَانجي، وهو من أبرز محرري التحقيقات بجريدة "فتح"، وذلك لتشويهه سمعة قوات الأمن في المقالات التي كتبها عن تورط المسؤولين في أعمال القتل السياسي وفي الاعتداء على سعيد حجاريان. وفي 23 إبريل/نيسان أصدرت إحدى محاكم الصحافة حكماً بالسجن لمدة عامين ونصف على لطيف سفري ناشر مطبوعات شمس الواعظين. وفي اليوم ذاته، صدرت الأوامر بإغلاق ثماني جرائد يومية وثلاث أخرى أسبوعية. كما وُجِّه الاتهام رسمياً لغيرهما من الناشرين والمحررين المرموقين، وبعضهم سياسيون أيضاً، لارتكابهم مخالفات صحفية أو تم استدعاؤهم للمثول أمام محكمة الصحافة. وفي أغسطس/آب اعتقل دون اتهام أو تبرير أحمد زيد آبادي ومسعود بهنود وإبراهيم نبوي، وجميعهم من الصحفيين العاملين في الجرائد المستقلة.
وبينما يقر المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي "حرية تدفق المعلومات"، فإنه يوافق صراحة على الإجراءات المتخذة ضد الصحافة متهماً بعض الجرائد، التي لم يذكرها بالاسم، بأنها "قواعد للأعداء". وسيراً على نهجه ضاعف المحافظون هجماتهم على الإصلاحيين باعتبارهم عملاء لقوى أجنبة معادية؛ وفي أغسطس/آب تم إغلاق "بهار" وهي آخر ما تبقى من الجرائد اليومية الرئيسية للإصلاحيين. وقد ذكر آية الله جناتي عضو مجلس الأوصياء أن إغلاق الجرائد "أفضل شيء فعلته السلطة القضائية منذ قيام الثورة".
وفي إبريل/نيسان حضر بعض كبار السياسيين الإصلاحيين مؤتمراً دولياً عن إيران عقد في برلين، وكذلك حضره بعض النشطاء السياسيين المنفيين والمحظور عودتهم. وقد أتاح ذلك الفرصة للمحافظين كي يصوروا الإصلاحيين على أنهم مرتبطون بقوى أجنبية معادية، فحوكم كثير منهم بتهمة الاشتراك فيما وصفته وسائل الإعلام الحكومية بأنه نشاط معاد لإيران ومعادٍ للإسلام. وظل السياسي المستقل المخضرم عزت الله سحابي، الذي يربو عمره على سبعين عاماً، معتقلاً لأكثر من ستة أسابيع على ذمة التحقيق ثم أفرج عنه بكفالة. وفي نهاية العام كان ثلاثة من المشتركين في مؤتمر برلين لا يزالون داخل السجن، وينتظر خمسة غيرهم المثول أمام المحكمة بعدما أفرج عنهم بكفالة.
ومع إخماد صوت الصحافة الإصلاحية تشجع المحافظون على التلاعب بنتائج الانتخابات. ففي مايو/أيار أعلن مجلس الأوصياء بطلان النتائج في إحدى عشرة دائرة انتخابية، وإلغاء 726 ألف صوت من الأصوات التي تم فرزها في دائرة طهران الانتخابية، ولم يذكر المجلس مبرراً لهذه القرارات. وكان أشد ما أحرج المؤسسة الدينية من نتائج الانتخابات هو إخفاق الرئيس السابق رفسنجاني في الفوز بالأصوات الكافية للحصول على مقعد في مجلس الشورى. وأدت النتائج المعدلة بعد عدة شهور إلى الارتفاع بترتيب رفسنجاني في قائمة الاقتراع، لكنه فضل أن يتنازل عن مقعده حتى لا يواجه النقد المهين بالتلاعب في الأصوات.
وعندما انعقد المجلس في مايو/أيار استحوذ الإصلاحيون على مائة وخمسين مقعداً من مجموع 290 مقعداً، لكن لم يتضح ما إذا كانت الفصائل المختلفة التي تتكون منها الكتلة الإصلاحية سوف تستطيع التعاون جميعاً عند التصويت كتكتل واحد. ويبدو أن كثيراً من الإصلاحيين قد تأثروا برد فعل المحافظين، وأصبحوا حريصين على أن يؤكدوا لهم من جديد أن التغيير لن يقوض أسس الدولة. وتم انتخاب مهدي كروبي رئيساً للمجلس، وهو رجال الدين الذين خدموا الحكومة وقتاً طويلاً مما جعله مقبولاً عند جميع الفرقاء.
وتعهد مجلس الشورى الجديد بتعديل قانون الصحافة القمعي الذي أجيز في الشهور الأخيرة من عمر المجلس السابق. ويستوجب القانون الجديد من طالبي الترخيص بإصدار صحف جديدة أن يحصلوا على موافقة مسبقة من الجهات القضائية، وبذلك سُدّت الثغرة السابقة التي مكنت الصحف المعطلة من العودة للظهور بأسماء جديدة بعد إغلاقها بأيام. ويسهل القانون أيضاً إغلاق الجرائد بناء على تهم مبهمة الألفاظ مثل " إهانة الإسلام" أو "تقويض الأسس الدينية للجمهورية"، مما يمنح محكمة الصحافة سلطة تقديرية واسعة لمنع الصحف التي لا توافق عليها. وأعد الإصلاحيون مشروع قانون يمنح حماية أفضل لحرية الصحافة، لكن المحافظين هاجموه بعنف باعتباره غير إسلامي وسوف ينشر الفساد في المجتمع على الأرجح. وفي 6 أغسطس/آب أمر آية الله خامنئي المجلس بعدم النظر في قانون الصحافة الجديد؛ وقد قبل مهدي كروبي رئيس مجلس النواب بهذا التدخل غير المسبوق في عمل السلطة التشريعية من جانب المرشد الأعلى للجمهورية منعاً لنشوب نزاع مفتوح بين البرلمان ومجلس الأوصياء الذي كان من المتوقع أن يعارض القانون الجديد المقترح على أي حال. ودلت الإجراءات المبكرة الأخرى للمجلس التشريعي الجديد على توجهه البراغماتي؛ فأجاز المجلس بالإجماع تشريعاً جديداً لتيسير وصول المستثمرين الأجانب إلى السوق الإيرانية مما يظهر وجود إدراك مشترك لما تحتاجه المشكلات الاقتصادية الحادة في البلاد من عناية الحكومة. غير أن وعود الإصلاحيين بإجراء تحقيقات عامة في الهجوم على مساكن الطلبة الجامعيين ظلت دون تنفيذ. ومن ناحية إيجابية قامت لجنة برلمانية بالتحقيق في أوضاع السجون، فزارت السجون في مختلف أنحاء البلاد. وكان الموعد المحدد لنشر النتائج التي توصلت إليها اللجنة هو منتصف أكتوبر/تشرين الأول، غير أن ذلك تأجل بسبب النبرة الانتقادية التي صيغت بها، وبسبب كشفها عن وقوع تعذيب، حسبما ورد.
وأخبر بعض المعتقلين السابقين ممن ألقي القبض عليهم في اضطرابات الطلاب في يوليو/تموز 1999 منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بأنهم قد عذبوا وتعرضوا لاعتداءات جنسية أثناء وجودهم بالسجن عام 1999 وفي أوائل عام 2000. وكتب أحمد باتـبي، وهو طالب محكوم عليه بالسجن ثلاثة عشر عاماً، رسالة إلى رئيس الهيئة القضائية نشرتها الصحافة الدولية، احتج فيها على ما أصابه من الضرب والجلد في أثناء الاعتقال.
وكانت خيبة التوقعات سبباً في الاشتباكات العديدة بين المتظاهرين والمتشددين من مؤيدي المحافظين وقوات الأمن. ففي الذكرى الأولى لمظاهرات الطلاب التي جرت في يوليو/تموز 1999 نظم الطلاب مسيرة في طهران، شاركهم فيها متظاهرون آخرون، للتعبير عما أصابهم من إحباط نتيجة سوء الأحوال الاقتصادية. ولكن أشخاصاً ممن يسمون أنفسهم "أنصار حزب الله" قاموا بضرب المتظاهرين وفرقوا المظاهرة بالقوة.
ووقعت اشتباكات أكثر خطورة في بلدة خرم أباد بإقليم آذربيجان الغربية في أواخر أغسطس /آب. فقد قام أفراد من حزب الله مسلحون بالهراوات والسكاكين بمنع اثنين من كبار المفكرين الإصلاحيين، وهما عبد الكريم سوروش ومحسن كديوار، من حضور اجتماع طلابي كان من المفروض أن يتحدثا فيه. وأعقب ذلك أسبوع من الاشتباكات في الشوارع بين الطلاب والعناصر المستنفرة من المتشددين، قتل خلالها أحد رجال الشرطة كما جرح عشرات من الأشخاص، ونقلوا إلى المستشفى للعلاج.وشارك أهالي البلدة في المظاهرة إلى جانب الطلاب؛ وعقب هذه الاضطرابات تم اعتقال مائة وخمسين متظاهراً أغلبهم من الطلاب.
وكان المستنفرون من حزب الله أقل نشاطاً في الجزء الأول من السنة، ويرجع ذلك إلى انشغال القضاء باستهداف الإصلاحيين. وفي 14 إبريل/نيسان أقر المرشد الأعلى استخدام "العنف المشروع" ضد "قواعد العدوّ" و "مراكز الفساد"، موحياً بأن العناصر المستنفرة يجب أن تعمل فقط عندما يكون ما يفعله القضاء والسلطات القانونية غير كافٍ للمحافظة على الانضباط. وتضمنت كلماته في خطب الجمعة تهديداً غير مستتر بأن عنف الأهالي من أجل حماية الإسلام جائز إذا فشلت الدولة في أداء واجبها لحماية الإسلام. ومع تصاعد المظاهرات الشعبية الساخطة في نهاية العام، واصلت العناصر المستنفرة نشاطها المعتاد من اعتداءات على الإصلاحيين وتفريق للمظاهرات وإثارة الشغب بغية تشويه سمعة القضية الإصلاحية. وفي سبتمبر/أيلول هاجمت مجموعة من المستنفرين معرضاً للكتب في مدينة إصفهان بدعوى أنه يعرض كتباً تتضمن إهانة الإسلام. وبعد أعمال العنف التي ارتكبها المستنفرون المتشددون في يوليو/تموز 1999، أعلن علي يونسي وزير الإعلام أنه لن يُسمح بمثل هذا العنف بعد ذلك؛ لكنه بعد عام من تصريحه لم يسعه إلا أن يقر بأن هؤلاء "لديهم شبكتهم القيادية ويصنعون ما يحلو لهم". وكان من الموضوعات المفضلة لدى الصحف المستقلة الحديث عن النشاطات الغامضة للجماعات شبه العسكرية المناصرة للمحافظين، وهوية القادة المسؤولين عن أعمال العنف. ومع القمع الذي أصاب وسائل الإعلام أصبح المتشددون قادرين على استثارة خصومهم السياسيين دون التعرض لخطر انكشاف أمرهم أمام الناس.
وذكر أحد المستنفرين السابقين ,واسمه أمير فرشاد إبراهيمي، في اعترافات مسجلة على شريط فيديو أن المستنفرين تلقوا مبالغ مالية من كبار الملالي من أجل القيام باعتداءات على شخصيات إصلاحية وتعطيل اجتماعات وندوات عامة. وقد صدر الحكم عليه، بعد محاكمة مغلقة، بالسجن لمدة عامين بتهمة تشويه سمعة موظفين عموميين. وصدر الحكم بالسجن مع إيقاف التنفيذ و بالمنع عن مزاولة المحاماة لمدة خمسة أعوام على محاميه شيرين إبادي ومحامٍ آخر يدعى محسن رحمي كانا قد تسلما نسخة من هذا الشريط. وأثارت صحافة المحافظين ادعاءات باطلة حول باحثة من منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" مفادها أنها اشتركت في إنتاج وتوزيع شريط الفيديو المذكور، لكن لم يوجه إليها أي اتهام رسمي.
وفي إبريل/نيسان عقدت في مدينة شيراز محاكمة ثلاثة عشر يهودياً بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وذلك على خلفية الصراع الدائر بين الفريقين. وبقيت الأسس الحقيقية للدعوى المقامة ضد المتهمين يكتنفها الغموض حتى بعد أن أدين عشرة منهم بتشكيل تنظيم غير قانوني وإقامة اتصالات مع قوة أجنبية معادية هي إسرائيل. وبينما كانت المحاكمة مستمرة ظهر المتهمون في مقابلات أجراها معهم التليفزيون التابع للدولة اعترفوا فيها بالتجسس. غير أن محاميهم اعترض على تلك الاعترافات، ويبدو أنها لم تشكل جزءاً من إجراءات المحاكمة.
وعقدت المحاكمة أمام محكمة ثورية و كانت غير عادلة؛ إذ كانت جلساتها غير علنية، ولم يُسمح للمراقبين، بمن فيهم ممثل منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، بحضورها. وكان المتهمون قد أودعوا الحبس الانفرادي شهوراً طويلة قبل المحاكمة، وخلال تلك الفترة أخذت منهم الأقوال التي على أساسها تمت إدانتهم، وقام بأخذها قاضٍ يقوم بدور مزدوج إذ كان يمثل الادعاء في الوقت ذاته. ولم يُسمح للمتهمين، الذين أبرأت المحكمة ثلاثة منهم، بالاتصال بمحاميهم إلا بعد أن أدلوا باعترافاتهم. ورغم ذلك، فقد اتسمت محاكمة اليهود بشفافية غير معهودة بمقاييس المحاكم الثورية في إيران. إذ التقى قاضي المحكمة بصحفيين وديبلوماسيين ومراقبي حقوق الإنسان، وأجاب عن أسئلتهم حول القضية. وعلى حين أن معظم المتهمين الذين مثلوا أمام هذه المحاكم قد حرموا من الاتصال بمحامين، ففي محاكمة شيراز طعن المحامي الرئيسي في هيئة الدفاع إسماعيل ناصري علناً في صحة اعترافات موكليه التي أخذت بينما كانوا ممنوعين من الاتصال بمحاميهم، وأشار إلى غياب أي أدلة إدانة غيرها. وبعد صدور الأحكام في يوليو/تموز على عشرة من المتهمين بالسجن لفترات تتراوح بين سنتين وثلاث عشرة سنة، علق عليها ناصري بقوله إنه يجب الإفراج عنهم بموجب القانون ريثما يبت القضاء في دعوى الاستئناف، وذلك بسبب التجاوزات الإجرائية الكثيرة التي شابت القضية، لكنه يخشى أن يُستبعد ذلك بسبب التدخلات السياسية.

وبعد ذلك صرح إسماعيل ناصري في مؤتمر صحفي في سبتمبر/أيلول، قبل موعد إعلان نتيجة الاستئناف بأيام، أنه قد مُورس الضغط عليه كي يسحب اعتراضاته على اعترافات موكليه، وقيل له إنه سيتعين عليهم اختيار محامين غيره إذا رفض الامتثال لذلك. وقال إن المتهمين الثلاثة عشر احتجزوا في حبس انفرادي لفترة طويلة حتى فقدوا الإحساس بالزمان والمكان، وأصبحوا على استعداد لتجريم أنفسهم؛ واستطرد ناصري يقول إنه سوف يكشف عن مصدر الضغط عليه والتهديدات الموجهة إليه إذا ما أصر القضاء على الأخذ باعترافات موكليه. وفي سبتمبر/أيلول أيدت محكمة الاستئناف إدانة المتهمين، لكنها خففت الأحكام لتتراوح بين سنتين وست سنوات. وفي أكتوبر/تشرين الأول ترك المتهمون الموعد النهائي للطعن في الحكم يمر دون أن يرفعوا دعوى استئناف أمام المحكمة العليا، كما أنهم استغنوا عن محاميهم دون إبداء الأسباب.
وعلى حين استنكر جميع القادة الإيرانيين الانتقادات الدولية لمحاكمة اليهود مؤكدين على ضرورة أن تُترك الإجراءات القضائية لتأخذ مجراها، فإن الرئيس خاتمي أكد مراراً على أن الجالية اليهودية جزء لا يتجزأ من المجتمع الإيراني. وفي أغسطس/آب استقبل الرئيس خانمي زعماء الجالية اليهودية الإيرانية وأهالي المتهمين في قضية شيراز. ومازالت الأقليات الدينية الأخرى تتعرض للاضطهاد؛ ففي فبراير/شباط صدرت أحكام الإعدام على ثلاثة من البهائيين هم : سيروس ذبيحي مقدم و هدايت كاشفي نجف آبادي ومنوشهر خلوصي بسبب نشاطهم الديني فيما يبدو. وكان اثنان منهم قد اعتقلا منذ 1997 لانتهاكهما الحظر المفروض على الاجتماعات الدينية البهائية؛ ولم تعرف بعد تفاصيل اعتقال الشخص الثالث.
أما "منظمة مجاهدي خلق إيران"، وهي جماعة معارضة مسلحة تتخذ من العراق قاعدة لها، فقد واصلت شن هجماتها على أهداف داخل إيران. وعلى الرغم من ادعاء المنظمة بأنها تستهدف المسؤولين فقد قُتل وجرح العديد من المدنيين في بعض العمليات مثل الهجوم بقذائف الهاون على مكتب الرئاسة في قلب مدينة طهران في فبراير/شباط.

إيران
Middle East And Noth Africa Algeria Egypt Iran Iraq And Iraqi Kurdistan Israel, the Occupied West Bank and Gaza Strip, and Palestinian Authority Territories Kuwait Saudi Arabia Syria Tunisia Yemen Download
الصفحة الرئيسية  || صفحة الشرق الأوسط  || اكتب لنا  || التقرير السنوي لعام 2000