Egypt



Egypt Egypt
  

III. التعديلات التي أدخلت على القانون عام 2005

أقر مجلس الشعب في يوليو/تموز 2005 تعديلاتٍ طال انتظارها على قانون الأحزاب السياسية؛ وذلك كخطوةٍ ضمن سلسلة من الإصلاحات السياسية التي طرحها الحزب الوطني الديمقراطي في ذلك العام.22 وقد كان يمكن إعداد هذه التعديلات لضمان عدم خضوع تسجيل الأحزاب السياسية إلى التمييز، وإلى الموافقة السياسية من جانب الحكومة القائمة، أو أحزابها السياسية، أو أية جهة تخضع لسيطرة الحكومة أو الأحزاب السياسية. والواقع أن القانون رقم 177 لعام 2005 ("القانون الجديد" أو "التعديلات") أدخل عدداً من التحسينات التي طال انتظارها على قانون الأحزاب القديم. لكن القانون الجديد لم يتخلص من المعايير غير الموضوعية والفضفاضة، والتي تفرض قيوداً لا موجب لها، التي تسمح للحكومة وللجنة الأحزاب السياسية بمواصلة منع تأسيس الأحزاب السياسية الجديدة (كحزب الوسط مثلاً) وبتقييد الأحزاب القائمة.

وثمة تغييرٌ يمكن أن يكون مهماً، ويبدو كبير الدلالة أيضاً، وهو تغيير الجهة المسئولة عن اتخاذ قرار السماح بنشاط الحزب السياسي. ففي حين كان قانون الأحزاب القديم يفرض على الأحزاب التقدم بطلب للسماح لها بالعمل، يقتصر القانون الجديد على مطالبتها بإخطار لجنة الأحزاب السياسية بأنها باشرت نشاطها، حيث يمكن للجنة الاعتراض خلال 90 يوماً. وفي حين كانت المادة 4 من القانون القديم تضع مجموعةً متشابكة من القيود على تشكيل الأحزاب السياسية،23 فإن القانون الجديد يتضمن تبسيطاً كبيراً لنص هذه المادة؛ إذ يزيل شرط عدم مخالفة "أسس الحزب ومبادئه وأهدافه وبرامجه وسياساته وأساليب نشاطه مبادئ ثورتي 23 يوليو/تموز 1952، 15 مايو/أيار 1971" أو الشريعة الإسلامية. ويلغي القانون أيضاً الشرط القائل بعدم دعوة أي عضو في الحزب (أو تآمره على الدعوة) إلى إلغاء معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.24 كما يضمن القانون الجديد حق الحزب الذي يحصل على الترخيص في "الترويج لمبادئه بطريقةٍ سلمية ونشر المعلومات عن نشاطاته"، والمشاركة في الانتخابات والاستفتاءات الشعبية، و"استخدام وسائل الإعلام الحكومية المرئية والمسموعة طبقاً للأنظمة، وخاصةً أثناء الحملات الانتخابية".25

كما أدخلت التعديلات تغييراً (وإن يكن تجميلياً من حيث الأساس) في تركيبة لجنة الأحزاب السياسية؛ إذ وسعت عضويتها من سبعة إلى تسعة أشخاص، وقللت حصة الحكومة في المقاعد. إلا أن الرئيس يبقى المسئول عن تعيين جميع أعضاء اللجنة ما عدا واحد منهم، بمن فيهم "ثلاث شخصيات عامة

ويتضمن القانون الجديد أنظمةً تؤثر على مشاركة الأحزاب السياسية في الحياة العامة. فقانون عام 2005 يحدد مثلاً عدد الصحف التي يمكن للحزب إصدارها دون ترخيص، باثنتين فقط (أما القانون السابق فلم يكن يحدد عدد الصحف التي يمكن للحزب إصدارها).27 كما يزيد القانون الجديد من عدد الأعضاء المطلوب لتسجيل الحزب، ومن شروط اتساع امتداد الحزب في البلاد. وكان القانون 40/1977 يشترط أن يحمل طلب إنشاء الحزب الجديد تواقيع خمسين عضواً مؤسساً وأن يكون نصف هؤلاء من "العمال والفلاحين"؛28 أما القانون 177/2005 فيرفع رقم التوقيعات "المصدقة رسمياً" إلى 1000 توقيع، ويشترط أن "تأتي من عشر محافظات على الأقل بحيث تضم كل منها خمسين عضواً على الأقل"، لكنه يلغي شرط كون نصف المؤسسين من العمال والفلاحين.29

ومما يزيد من إشكاليات القانون الجديد؛ أنه يبقي على الشروط التي يحويها القانون القديم من أن برنامج الحزب لا يجوز أن يتعارض مع "شرط الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي"، وأن برنامج الحزب يجب أن "يشكل إضافة إلى الحياة السياسية من حيث أساليبه وأهدافه".30 وتفتح هذه الشروط الفضفاضة الباب أمام المزيد من الانتهاكات من قبل الحكومة.

وبالإضافة لذلك؛ لا ينص القانون الجديد على التقليص من السلطات الواسعة التي تتمتع بها لجنة الأحزاب السياسية أو من الدور الذي تلعبه في وضع قيود لا موجب لها على الأحزاب الجديدة أو القائمة. فالقانون الجديد يعهد لهذه اللجنة "بصلاحية دراسة إخطارات إنشاء الأحزاب"،31 ويخولها بالتعليق المؤقت لنشاط أي حزب قائم أو لنشاط قادته وإبطال "أي قرار أو تصرف مخالف اتخذه الحزب" من خلال التشاور مع المدعي العام الاشتراكي بوزارة الداخلية "وذلك وفق مقتضيات المصلحة القومية أو في الحالات المستعجلة".32 ويبقى بإمكان رئيس لجنة الأحزاب السياسية أن يطلب من المدعي العام الاشتراكي إجراء تحقيق فيما إذا كان الحزب يخرق أحد معايير المشاركة في الحياة السياسية (انظر أعلاه). وعند اكتشاف مخالفة، يمكن لرئيس اللجنة أن يطلب من مجلس الدولة حل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الحزب الذي يمكن أن يستوعب أعضاء الحزب المنحل ومسؤولية المنتخبين وموجوداته.33 ويستمر قانون الأحزاب في منح لجنة الأحزاب السياسية صلاحية النظر فيما إذا كان ترخيص الحزب يحقق معاييرا من قبيل "تشكيل برنامج الحزب إضافة إلى الحياة السياسية"،34 وما إذا كان من شأن إنشاؤه الإضرار "بالوحدة الوطنية".35



22 أقر مجلس الشعب هذه التعديلات في 4 يوليو/تموز 2005 تحت اسم القانون 177/2005.

23 ورد الحديث بعض هذه القيود في الفقرة السابقة من هذا التقرير.

24 جاء في المادة 4 من القانون 40/1977: "ألا يكون من بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامه بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأية طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها في البند السابق"، أي معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.

25 تترك المادة 9 (مكررة) من القانون 177/2005 هذه "الأنظمة" من غير تحديد.

27 المصدر السابق، المادة 15.

28 القانون 40/1977، المادة 7.

29 القانون 177/2005، المادة 7.

30 القانون 177/2005، المادة 4.2-3.

31 المصدر السابق، المادة 8.

32 المصدر السابق، المادة 17.

33 المصدر السابق، المادة 17.

34 المصدر السابق، المادة 4.3.

35 المصدر السابق، المادة 4.2.