المحتويات الفصل الأول: العدالة في الميزان: مقدمة || الفصل الثاني:السلوك المثلي والقانون: ظروف الحملة || الفصل الثالث: الفضيحة والعار: محاكمات "كوين بوت" || الفصل الرابع: في إثر "كوين بوت": التعدي علي الخصوصية و روابط الجماعة || الفصل الخامس: استغلال الوحدة والإيقاع فى الفخ عبر الإنترنت || الفصل السادس: المرآة المعيوبة: التحيز وإجراءات القانون || الفصل السابع: جسم الجريمة: دوافع التعذيب وجوانبه الطبية || الفصل الثامن: خاتمة || الملحق: القوانين المتعلقة بالسلوك المثلي في مصر || شكر وتوطئة || الهوامش

الملحق: القوانين المتعلقة بالسلوك المثلي في مصر

أ. المواد المتعلقة بالموضوع في القانون رقم 10 لسنة 1961 الخاص بمكافحة الدعارة

مادة 1:
    أ‌- كل من حرض شخصاً ذكرا أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له، وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه في الإقليم المصري ومن ألف ليرة إلى ثلاثة آلاف ليرة في الإقليم السوري.
    ب‌- إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمسة سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه إلى خمسمائة جنيه في الإقليم المصري ولا تقل عن ألف ليرة إلى خمسة آلاف ليرة في الإقليم السوري.
مادة 2:
    يعاقب بالعقوبة المقررة في الفرقة (ب) من المادة السابقة: كل من استخدم أو استدرج أو أغرى شخصا ذكرا كان أو أنثى بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة وذلك بالخداع أو بالقوة أو بالتهديد أو بإساءة استعمال السلطة أو غير ذلك من وسائل الإكراه.
    أ‌- كل من استبقى بوسيلة من هذه الوسائل شخصا ذكرا أو أنثى بغير رغبته في محل للفجور أو الدعارة.
مادة 3:
    كل من حرض ذكرا لم يتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية أو أنثى أيا كان سنها على مغادرة الجمهورية العربية المتحدة أو سهل له ذلك أو استخدمه أو صحبه معه خارجاً للاشتغال بالفجور أو الدعارة وكل من ساعد على ذلك مع علمه به يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنه و لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى خمسمائة جنيه في الإقليم المصري ومن ألف ليرة إلى خمسة آلاف ليرة في الإقليم السوري.
    ويكون الحد الأقصى لعقوبة الحبس سبع سنين إذا وقعت ا لجريمة على شخصين فأكثر أو إذا ارتكبت بوسيلة من الوسائل المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية بخلاف الغرامة المقررة.
مادة 6:
    يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر لا تزيد على ثلاثة سنوات:
    أ‌- كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الاتفاق المالي.
    ب‌- كل من استغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره.
    وتكون لعقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا اقترنت الجريمة بأحد الطرفين المشددين المنصوص عليهما في المادة الرابعة من هذا القانون.
مادة 8:
    كل من فتح أو أدار محلا للفجور أو الدعارة أو عاون بأية طريقة كانت في إدارته يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنه ولا تزيد على ثلاث سنوات و بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه في الإقليم المصري و لا تقل عن ألف ليرة و لا تزيد على ثلاثة لاف ليرة في الإقليم السوري. ويحكم بإغلاق المحل مصادرة الأمتعة و الأثاث الموجود به.
مادة 9:
    يعاقب بالحبس مدة ل تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين جنيها و لا تزيد على ثلاثمائة جنيه في الإقليم المصري ولا تقل عن مائيتين وخمسين ليرة ولا تزيد على ثلاثة آلاف ليرة في الإقليم السوري أو بإحدى هاتين العقوبتين:
    أ‌- كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلا أو مكانا يدار للفجور أو الدعارة أو لسكنى شخص أو أكثر إذا كان يمارس فيه الفجور أو الدعارة مع علمه بذلك.
    ب‌- كل من يملك أو يدير منزلا مفروشا أو غرفاً مفروشة أو محلا مفتوحا للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة سواء بقبوله أشخاصا يرتكبون ذلك أو بسماحه في محله بالتحريض على الفجور أو الدعارة.
    كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة. وعند ضبط الشخص في الحالة الأخيرة يجوز إرساله إلى الكشف الطبي فإذا تبين انه مصاب بأحد الأمراض التناسلية المعدية حجز في أحد المعاهد العلاجية حتى يتم شفاؤه. ويجوز الحكم بوضع المحكوم عليه بعد انقضاء مدة العقوبة في إصلاحية خاصة إلى أن تأمر الجهة الإدارية بإخراجه، ويكون ذلك الحكم وجوبياً في حالة العود، ولا يجوز إبقاؤه في الإصلاحية أكثر من ثلاث سنوات.
مادة 11:
    كل مستغل أو مدير لمحل عمومي أو لمحل من محال الملاهي العمومية أو محل خر مفتوح للجمهور ويستخدم أشخاصا ممن يمارسون الفجورأو الدعارة بقصد تسهيل ذلك لهم أو بقصد استغلالهم في ترويج محله يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي جنيه في الإقليم المصري و على ألفي ليرة قي الإقليم السوري.
    وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين و لا تزيد على أربع سنوات و الغرامة من مائتي جنيه إلى أربعمائة جنيه في الإقليم المصري ومن ألفي ليرة إلى أربعة ليرة في الإقليم السوري إذا كان الفاعل من الأشخاص المذكورين في الفقرة الأخيرة من المادة الثامنة.
    ويحكم بإغلاق المحل لمدة لا تزيد على ثلاثة شهور ويكون الإغلاق نهائيا في حالة العود.
مادة 13:
    كل شخص يشتغل أو يقيم عادة في محل للفجور أو الدعارة مع علمه بذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة.
مادة 14:
    كل من أعلن بأية طريقة من طرق الإعلان دعوة تتضمن إغراء بالفجور أو الدعارة أو لفت الأنظار إلى ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه في الإقليم المصري و على ألف ليرة في الإقليم السوري أو بإحدى هاتين العقوبتين.
مادة 15:
    يستتبع الحكم بالإدانة في أحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة وذلك دون إخلال بالأحكام الخاصة بالمتشردين.

ب. الذعر الأخلاقي و تجريم "الفجور" في القانون المصري

رغم احتجاج الحكومة المصرية، لم يُستَمَد التشريع المصري الذي يحكم السلوك الجنسي من القيم الثقافية العريقة. فهو نتاج النظام القانوني المصري العلماني، الذي تفرع أساسا من القوانين التي فُرِضت أثناء الحكم الاستعماري لمصر.[461] وتحديدا، نبع تجريم مصر للجنس الذي يمارس بين الرجال بالتراضي على نطاق غير تجاري، من القوانين التي وضعتها السلطات الاستعمارية لتنظيم عمل الإناث بالخدمات الجنسية، كما نبع هذا التجريم جزئيا كرد فعل لتلك القوانين.
للدعارة في مصر تاريخ عريق في القِدَم، وقد نظمها حكام مصر قبل فترة الاستعمار أساسا من خلال فرض الضرائب على من يمارسنها. وقد ترددت علاقة العاملات بالخدمات الجنسية بالدولة صعودا و هبوطا حسب ظروف البلد: فازدهرت لفترات طويلة، حَصَّلَت فيها الدولة ضرائب عن ممارستها، وراج سوقها خلال الكثير من الأعياد و الاحتفالات، لكن الشرطة طاردن العاملات بها أثناء الاضطرابات السياسية، أو عندما كانت الشكوك تثار حول الشرعية الدينية للحكومة.

وفي أواخر القرن التاسع عشر، أسس الخديوي توفيق، الحاكم الذي ورث عرش مصر، عملية تنظيم الدولة لمهنة الخدمات الجنسية، وقد فعل هذا لأسباب صحية.[462] وفي أعقاب الاحتلال البريطاني لمصر مباشرة، بدأت وزارة الداخلية في إصدار قرارات تنظيمية إضافية. وفي عام 1905، صدر قانون شامل أجاز البغاء في مناطق معينة، وألزم النساء العاملات بالخدمات الجنسية بإجراء فحص طبي اسبوعيا. و ظل هذا النظام ساري المفعول حتى عام 1949.[463]
كانت الثورة على نظام بيوت الدعارة تتوسل بمصطلحات أخلاقية ولكنها كانت تمثل جانباً من جوانب المقاومة السياسية للاستعمار.[464] وعلى الرغم من أن حركة تحرير المرأة في مصر لعبت دوراً مهما في الدعوى إلى إلغاء البغاء، فإن النزعة الوطنية والحماس الديني كانا يمثلان عماد موجة المطالبة بالإلغاء. ومما ساعد على ربط البغاء بالخضوع السياسي تردد الجنود البريطانيين على بيوت الدعارة، والامتيازات التي كانت تتمتع بها البغايا الأجنبيات دون المصريات.[465] ومع ذلك وفي نفس الوقت، فإن حملة مكافحة البغاء في مصر اكتسبت قوة تتسم بالتناقض من الذعر المتزايد في بريطانيا وأمريكا إزاء ما يسمى "بالرقيق الأبيض" ـ وهو الذعر الذي كانت له ظلال عنصرية.[466]

وفي عام 1949، بإعلان الأحكام العرفية في مصر،[467] صدر مرسوم عسكري بإلغاء شرعية البغاء وبإغلاق بيوت الدعارة. وتحت تهديد كل من الوطنيين والإخوان المسلمين، أعطت الحكومات المصرية الأولوية لإغلاق بيوت الدعارة. وبعد ذلك بعام، ألغيت الأحكام العرفية، وعندها بدأت الحكومة في حث السلطة التشريعية على إصدار حظر شامل على ممارسة الدعارة. ومازالت نتائج ذلك قائمة وما زالت تقضي بمعاقبة المخالفين: وهي تبين الصعوبات التي تكتنف محاولة إحتواء الغضب الأخلاقي والغضب السياسي باستخدامه لغة القانون.
وفي 1949، بدأت لجنة خاصة من مجلس النواب (الذي كان يمثل المجلس الأدنى من البرلمان) في دراسة مشروع أول قانون ضد البغاء في مصر. وأوصى تقرير اللجنة بإدخال كلمة "الفجور" ضمن الممارسات المجرَّمة. وقد أصرت اللجنة على إضافة الكلمة "حتى يشمل النص بغاء الرجال، حيث تشير كلمة "الدعارة" فقط إلى بغاء النساء".[468]
ويتضح أن التفرقة التي أدخلتها اللجنة لا أساس لها في المعجم العربي. ذلك لأن اللفظ العربي "الدعارة" يشير إلى الجنس التجاري بصرف النظر عن نوع الشخص الذي يمارسه. أما الفجور فمصطلح له نطاق دلالة أوسع، حيث أنه يشمل الخروج عن الأخلاق بشكل عام، دون أن يكون المعنى التجاري متأصلاً في الكلمة. وقدمت اللجنة شرحاً لذلك بأن "السوابق القضائية" أشارت إلى بغاء النساء بلفظ "الدعارة" بينما أشارت إلى بغاء الرجال بلفظ "الفجور". لم تعثر هيومان رايتس ووتش على أية سابقة من تلك السوابق.[469] ومع ذلك فإن إدخال "الفجور" على القانون الخاص بالبغاء كان إجراء له دلالته، حيث بدأت عملية توسّع في لغة التشريع المقترح وأيضا في نطاقه، وتخلى بذلك عن الدقة. وعند تحويل مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ للتصديق عليه، تساءل بعض أعضائه عما إذا كانت هناك ضرورة تستدعي استخدام كلمة "الدعارة" من أساسه، فجاء في تقرير مشترك عن اللجنة القضائية الأولى لمجلس الشيوخ ولجنة مجلس الشيوخ للشئون الاجتماعية اقتراح شطب "الدعارة" والاكتفاء بلفظ "فجور" لتجريم الرجال والنساء على حد سواء.

ويظهر أن الحكومة كانت تستهدف بهذا القانون تجريم العمل بالجنس. إذ إن الدولة كانت ـ قبل تجريم البغاء ـ تصدر تصريحات للبغايا من الرجال والنساء بمزاولة مهنتهم.[470] ولذلك، فغالباً ما كانت الحكومة تأمل في تشريع يلغي تصريحات العاملات بالجنس والعاملين به على حد سواء، فاستخدمت كلمة "الدعارة" في مشروع القانون الأصلي لتشمل العمل بالجنس للنساء والرجال.[471]
لكن هذا القانون أتى اقتراحه في ظروف لا تسمح بهذه الأنواع من التمييز الدقيق كانت القلاقل تعم البلاد، وكنت الحكومة في حاجة إلى إثبات قدرتها في الدفاع عن الدين بحزم (حتى تقوى على مواجهة جماعة الإخوان المسلمين الوليدة) ولإثبات مؤهلاتها القومية. كما أن تدخلها في القوانين الخاصة بالجنس، كان قد زج بالحكومة المصرية في حملة دولية مضطربة، كثيرا ما اتسمت بالعنصرية، ضد "الرق الأبيض"، والتي انتهت في عام 1949 بصدور "عهد الأمم المتحدة ضد الإتجار في الأشخاص".[472]
والواقع إن المشرعين توسعوا كثيراً عن الأهداف التي عادة ما ترمي إليها معظم الحملات ضد الدعارة، حيث أن الجمعيات التي تهدف إلى إلغاء غالبا ما كانت تنظر إلى البغايا باعتبارهن ضحايا؛ أما البرلمان المصري فكان يعاملهن على أنهم مجرمات.[473] وكان إضافة "الفجور" يسمح بتفسير القانون على أنه لا يجرم البغاء فقط، بل يجرم الفحشاء بشكل عام. وجرى تعريف امتداد آخر للقانون في التقرير الذي قدمته اللجنتان التابعتان لمجلس الشيوخ عام 1951: وقد عرّف ذلك التقرير البغاء على أنه: ممارسة الرذيلة مع الآخرين دون تمييز".[474] وذكر التقرير أن نفس الفعل يقال عليه "دعارة" في حالة ارتكاب المرأة له، أما في حالة ارتكاب الرجل لـ "الرذيلة" فتتصف نفس الفعلة "بالفجور".
ولما غاب العنصر المالي، كان تأثير هذا التعريف هو تجريم عام للفحشاء التي تتم بالتراضي، وبذلك تم استبعاد عنصر تقاضي الأموال مقابل الجنس باعتبار إنه لا علاقة له بالموضوع.

وغالبا ما كانت هناك عدة دوافع وراء إدخال "الفجور" في القانون وتوسيع نطاق هذين التعريفين. غالبا ما لعب جانب التطبيق العملي دوراً، فيجوز أن المشرعين أرادوا تسهيل مهمة ضباط شرطة الآداب في القبض على البغايا حتى بدون أن يشاهدوا تقاضي الأموال. إلا أنه كانت هناك رغبة واضحة في إقرار مبدأ أخلاقي واسع النطاق.[475]
جرى إعلان هذا القانون عام 1951 تحت اسم القانون 68 لعام 1951 الخاص بمكافحة الدعارة، وهو معروف الآن بإسم القانون 10 لعام 1961 حيث أعيد إدراجه في القانون بعد إدخال تعديلات طفيفة عليه لمنع البغاء في سوريا التي كانت موحدة مع مصر في ذلك الحين.
وإذا نظرنا إلى تعليقات رجال القضاء، اتضح لنا اتساع نطاق القانون. وأحد هذه التعليقات أدلى بها مدير إدارة حماية الآداب بوزارة الداخلية، وهو يكرر فيه أن الدعارة هي "ممارسة الرذيلة مع الآخرين دون تمييز"، وبعد أن جرِّد الدعارة بذلك من جانبها المادي، قال أن الفجور يعني دعارة الرجال بينما الدعارة تعني "دعارة النساء".[476] ويقوم معلق آخر بتعريف الدعارة على إنها "علاقة جنسية محرمة" قائلاً أن كلمة "الدعارة"، أي دعارة النساء، هي ممارسة الرذيلة مع الآخرين دون تمييز وتشير إلى دعارة النساء، بينما تشير كلمة "الفجور"، أي دعارة الرجال، اي الدعارة التي تحدث ما بين الرجال فقط".[477] ويقول معلق آخر أن "الدعارة"، حسب تعريف التشريع المصري، هي ممارسة الإناث والذكور للأفعال التي تشبع غرائز الآخرين دون تمييز".[478]هذا الإبهام-علاوة على أن لغة القانون ابتعدت عن النية الأصلية لمعاقبة الجنس التجاري- وضع أسس تفسير كلمة "الفجور" لمعاقبة الممارسات المثلية بين الرجال عموماً.

ج. الاعتياد

يفرق القانون المصري بين الجرائم "البسيطة" و"الاعتيادية". وأحد التعليقات يقدم شرحاً لذلك: "إن الجريمة الاعتيادية هي الجريمة التي يكشف مكونها المادي عن حالة اعتياد المتهم على ارتكابها. ولا سبيل إلى الكشف عن هذا ما لم يكون الفعل موضع التجريم من فعل مادي يتكرر إتيانه: وهكذا، إذا حدث هذا الفعل لمرة واحدة فقط، لا يتحقق جرم الاعتياد".[479]
تجرم المادة 9 (ج) من القانون 10 لعام 1961 الممارسة الاعتيادية للفجور أو الدعارة. ومعنى هذا من حيث المبدأ أنه لا يجوز إدانة الرجل إذا مارس الجنس مع رجل آخر لمرّة واحدة فقط ولا إدانة البغيّ التي تمارس الجنس بمقابل مالي مرّة واحدة فقط. فالفعل لا يصبح جريمة إلا بالتكرار.[480]
ومع ذلك فليس بين أيدينا إلا أقل قدر من السوابق التي تدل على تبرئة الفعل للمرة الأولى وإدانته عند تكراره.[481] ونرى من فرض شرط "الاعتياد" على هذه الجرائم أن القانون لا يستهدف ممارسات الدعارة في حد ذاتها، بل يتخذ شخص البغي المحترف هدفاً للقمع والتحكم فيه.[482] وإذا اعتبرنا أن شرط "الاعتياد" امتداد لمفهوم "الفجور" للذكر، رأينا بدايات لمفهوم "هوية مثلية" تظهر في القانون، إذ لا تستهدف مواد القانون الرجال الذين يمارسون الجنس المثلي باعتباره نزوة وقتية بل يستهدف من يمارسونه تعبيراً عن رغبتهم الأساسية السائدة.

الجرائم التي يعاقب عليها القانون 10 لستة 1961 تعد جنحاً،[483] وتسقط الجنحة بالتقادم بعد ثلاث سنوات.[484] بذلك لا يتحقق "الاعتياد" إلا بارتكاب الفعل مرّتين خلال فترة لا تزيد عن ثلاث سنوات. قضت محكمة النقض بأن الحالات الوحيدة التي يجب اعتبارها إثباتا لعنصر الاعتياد هي الأفعال التي لا يفصل بينها أكثر من ثلاث سنوات. وكذلك، فالفترة التي تفصل بين وقوع الفعلة الأخيرة وبداية التحريات ينبغي ألا تزيد على ثلاث سنوات".[485]

وأقرت المداولات البرلمانية، وبعد ذلك التشريع، بأن شرط الفجور هو أن يمارس مع الناس بدون تمييز[486] دون تفسير معنى ذلك بدقة، بل أن حكم محكمة النقض بأن جريمة الفجور لا تشترط تقاضي مقابل مالي قال بالفعل أن "الحصول على مكافأة مالية مقابل ممارسة الجنس تصلح كدليل على عدم التمييز بين الناس وقبول ممارسة الفحشاء معهم".[487] أما المفهوم المعتاد نسبياً فهو شرط التجريم بارتكاب الفعل أكثر من مرة مع أكثر من شخص. ولذلك قال النائب العام المصري لهيومان رايتس ووتش أنه "إذا كان فيه حد في علاقة، فهذا شيئ لكن ممارسة المثلية مع الناس بدون تمييز شئ مختلف تماماً. ويجرم القانون هذا النوع من الممارسات الجنسية".[488]
ويكاد يكون مستحيلاً إثبات الاعتياد وإثبات انعدام التمييز على أرض الواقع ـ لكن هذه الاستحالة لا تعوق المحاكمات والأحكام بالإدانة مطلقاً. وكما أشير خلال هذا التقرير، يتجاهل الجميع تفاصيل القانون المعقدة، حتى أن محكمة النقض نفسها وضعت مقومات الإثبات بشكل مشروط: "يترك تحديد عنصر الاعتياد... يترك للمحكمة بعينها... بشرط ان يكون ذلك معقولا".[489]

د. "الإعلان" و "التحريض": مواد أخرى

تمارس مصر منذ عام 2001 إيقاع المثليين الذين يحاولون لقاء غيرهم من المثليين عبر الإنترنت في الفخ. وتستخدم عدة قوانين حول التعبير والسلوك ـ يرجع بعضها إلى ما سبقها من قوانين وضعت في عهد الاستعمار، بدرجة تفوق ما يحدث في حالة قانون الفجور.
تنص المادة 178 من قانون العقوبات على أن:
    يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو حاز بقصد الإتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صورا محفورة أو منقوشة أو رسومات يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة إذا كانت منافية للآداب العامة.
هذه المادة أداة أساسية للرقابة في مصر، وهي تجنَّد لمحاربة حرية التعبير السياسي.[490] وتستخدم في تجريم الإعلانات التي يضعها المثليون على الإنترنت، بما في ذلك الإعلانات التي لا تتعلق بالجنس.
وهذه المادة تشبه المادة 14 من القانون 10 لعام 1961 (أنظر أعلاه)، والتي تفرض عقوبة تصل إلى الحبس ثلاث سنوات على من "أعلن بأية طريقة من طرق الإعلان دعوة تتضمن إغراء بالفجور أو الدعارة أو لفت الأنظار إلى ذلك". وعادة ما توجَّه هاتان التهمتان -إحداهما أو كلاهما- للمتهمين الذين يقعون في الفخ عن طريق الإنترنت، إلى جانب تهمة "اعتياد ممارسة الفجور".[491]
يضاف حكمان آخران أحيانا في قضايا الإنترنت. تنص المادة 269 مكرر من قانون العقوبات على أن:
    يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر كل من وُجِد في طريق عام أو مكان مطروق وهو يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال فإذا عاد الجاني الى إرتكاب هذه الجريمة خلال سنة من الحكم عليه من تاريخ ارتكاب الجريمة الأولى فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر و غرامة لا تتجاوز خمسين جنيهاً. و يتطلب الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة.[492]
وتستخدم المادة 269 مكرر مصطلح "الفسق"، التي تشبه دلالته في اللغة دلالة كلمة "الفجور"، فالكلمتان تعنيان الخروج عن الأخلاق.[493] لكن هذه الكلمة تدل أيضاً على ممارسة الجنس في غير المهبل، أي ممارسة الجنس في الشرج: وهناك تعليق قانوني يعرف الفسق على إنه "أي فعل جنسي غير مشروع يرتكبه الذكور أو الإناث دون الوصول إلى حد الاتصال الجنسي [التام]. هذا لأن الاتصال الجنسي بالرجال يعتبر "فجورا" بالنسبة للرجال، و "دعارة" بالنسبة للنساء. أما "الفسق" فهو أدنى من ذلك".[494]
اتفق المعلّقون على إن ارتكاب الفسق قد يحدث إذا خلق المرء جواً يشجع على الجنس حتى لو لم يحدث أي فعل جنسي ـ وهذه حقيقة مهمة من ناحية قضايا الإيقاع في الفخ عن طريق الإنترنت، حيث يلقى القبض على الرجال وتصدر ضدهم الأحكام بناء على تعبيراتهم في الإعلانات التي وضعوها على الإنترنت أو المحادثات على الإنترنت (وعلى اتهامهم زوراً باتباع سلوك يثير الغرائز أثناء انتظارهم للموعد) بدون وجود أي دليل قاطع على حدوث علاقة جنسية.[495] والمادة لا تحدد ما هو "التحريض على ارتكاب الفسق" : أصدر بعض القضاة أحكاماً بالسجن على نساء بتهمة قولهن كلاماً مثل "الليلة دي حلوة، تعال نمضيها سوى"[496] أو بتهمة التحدث مع رجال غرباء عنهن.[497]
كما ثبتت فائدة المادة 269 في عدد من القضايا الخاصة بالإيقاع في الفخ عن طريق الإنترنت. وتظل التهمة الأساسية في هذه القضايا "اعتياد ممارسة الفجور" بموجب المادة 9 (ج) من القانون 10 لعام 1961. لكن الرجال يعتقلون في الطريق العام ولا يضبطون متلبسين، وبإمكان محاميي الدفاع استخدام هذه الحقيقة للتشكيك في إجراءات القبض على موكليهم.[498] أما ضباط شرطة الآداب فيستخدمون المادة 269 مكرر في إدعائهم إنهم ضبطوا ضحاياهم متلبسين بالجريمة الأخرى ألا وهي تحريض المارة على ارتكاب أفعال مخلة بالآداب. ويضيفون هذه التهمة الصغرى للتهمتين الأكثر جسامة، وهما "ممارسة" الفجور و"الإعلان" عنه.[499]
ومحضر الضبط المعتاد في قضايا الإيقاع في الفخ عبر الإنترنت دائما ما يصف سلوك المقبوض عليه في قالب لا يتغير:
تلاحظ لنا... تردد [الشخص موضع التحري] على المنطقة سالفة التحديد حيث قمنا بمراقبته بطريقة سرية غير محسوسة حيث تلاحظ لنا مروره تكراراً ذهاباً واياباً... في محاولة منه للفت الانظار إليه من خلال إتيانه بحركات وأفعال تشبه حركات النساء في سيره حيث وقف بجوار أحد الشباب و تحدث معه حديثا هامساً لم نتمكن من سماعه لوقوفنا عن بعد عنهما وقمت بالتوجه إليهما وأفصحت لهما عن شخصيتي وطبيعة المأموريه المكلف بها وأمر النيابة العامة لنا حيث قرر الشخص الذي استوقفه المتحرى عنه أن هذا الشاب كان قد تحدث معه عن رغبته في اصطحابه معه لممارسة الفحشاء ولكنه رفض وفوجئ بحضورنا ورفض هذا الشخص الافصاح عن شخصيته وطبيعة عمله حفاظا على سمعته.[500]

دائما ما يجري الإفراج عن ذلك الطرف الثالث غير المذكور اسمه، رغم إنه الشاهد الوحيد على "الجريمة". وجميع الرجال الذين تحدثت معهم هيومان رايتس ووتش قالوا إن قصة هذا الشخص قصة مختلقة، إلا إنها توفِّر المبرر الذي يسمح بإعتقال الضحية بتهمة التحريض على الفسق. وفي معظم الحالات، تقوم السلطات لاحقا بإسقاط تهمة "تحريض المارة على ارتكاب أفعال فاضحة"، ولكن التهم الأكثر جسامة تظل قائمة.
ولكن هذا الاستخدام للمادة 269 مكرر من قانون العقوبات يعيبه خطأ قانوني. تنص المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يجوز القبض على شخص في حالة تلبس إلا إذا ضبط متلبساً بارتكاب جنحة أو جناية يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر. ولما كانت عقوبة المادة 269 مكرر شهراً واحداً فقط، بات ضباط الآداب ملزمين بالحصول على إذن للقبض على المتهم.
وأخيرا فإن المادة 278 من قانون العقوبات تنص على أن:
    كل من فعل علانية فعلا فاضحا مخلا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه.
لم يتغير هذا الحكم منذ أول ظهور له في المادة 256 من قانون العقوبات لعام 1883. وقد استخدمته النيابة في مقاضاة متهم واحد على الأقل ممن وقعوا في الفخ عبر الإنترنت.[501] وتركت محكمة النقض مجالاً واسعاً لتعريف الأفعال التي يتضمنها، إيمانا منها بأن "تقييم مثل هذه الأفعال يختلف مع اختلاف السياق والأجواء والقابلية لخدش حياء العامة".[502]
أما المادة 278 فتتميز بتحديد ما هو "عام". فمثلا في قضايا القذف والتشهير، على سبيل المثال، على الادعاء إثبات ان المتهم تلفظ بشئ قرأه الآخرون أو سمعوه بالفعل، وذلك واجب لإثبات إحداث الضرر بسمعة الضحية. ولكن محكمة النقض دأبت بانتظام على الحكم بأن الفعل يعتبر علنيا بموجب المادة 278 وإن لم يشاهده أحد، مادام كان من الممكن أن يشاهده أحد.[503]
وهكذا فإن إزالة الحواجز التي تصون الخصوصية يثير قلقاً شديداً، نظراً لازدياد الصرامة التي أصبحت تتميز بها رقابة الإنترنت في مصر. وتتمتع مصر بتقدم البحوث القضائية لتعريف المجالات الخاصة والعامة وتميز بينهما.[504] ولكن الواقع أن هذه البحوث نفسها، مثلها مثل القوانين القائمة، قاصرة عن تناول مجال الإنترنت الذي يتميز بمرونة شديدة، إذ أنه المجال الذي يمتزج فيه المجالان العام والخاص.[505] والواقع أن المادة 278 تستند بشكل عام إلى أشرعة "الأخلاق العامة"، والإحساس غير المحدد بالعار، في مناهضة الحق في الخصوصية.

هـ: المراقبة والسجن

تسمح المادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 بالحكم على الشخص المدان بموجبها بفترة مراقبة تحت إشراف الشرطة لفترة مساوية لفترة الحبس.[506] والقضاة يفرضون مثل هذه "المراقبة" بشكل روتيني على الذين يحكم عليهم بالحبس في قضايا "الفجور". وفي مصر، لا تشبه هذه المراقبة الإفراج المشروط عن السجين الموجود في النظم الأخرى، بل تُعتبَر امتدادا لفترة الحبس.
وغالبا ما يتطلب نظام المراقبة –الذي دخل بموجب القانون 99 لسنة 1945-مبيت المدانين في قسم الشرطة.[507] وبذلك، لا تمثل فترة الحبس "للفجور" إلا نصف رحلة العذاب، حيث إن هؤلاء الرجال –حتى بعد خروجهم من السجن- يظلون مجبرين على المبيت يوميا في قسم الشرطة من 6 مساء و حتى 6 صباحا- لنفس المدة التي قضوها وراء القضبان.
وتنص "المعايير الدنيا لمعاملة السجناء" للأمم المتحدة على أن:
    قبل إنهاء العقوبة، يفضل اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عودة السجين تدريجيا للحياة في المجتمع. وقد يتحقق هذا الهدف، حسب الحالة، بنظام يسبق الإفراج تنظمه المؤسسة أو مؤسسة أخرى مناسبة، أو بالإفراج عقب المحاكمة تحت نوع من أنواع الإشراف لا يجب إسناده للشرطة بل يجب مزجه بالإعانة الاجتماعية الفعالة. …يجب ألا تؤكد معاملة السجناء على استبعادهم من المجتمع، بل على استمرار دورهم فيه.[508]
ولكن بدلا من وضع نظام للإفراج المبكر لمساعدة السجناء المفرج عنهم على الاندماج من جديد في المجتمع، أقامت مصر نظاما يقضي بإطالة مدد العقوبة –وهو يخلو من مجرد التظاهر بمعاونة المفرج عنهم اجتماعيا، وإخضاع المفرج عنه لرقابة الشرطة المباشرة من كل ليلة- وذلك من شأنه أن يعوق مثل ذلك الاندماج تماما.
وكان إنشاء نظام رقابة الشرطة بموجب القانون رقم 99 لسنة 1945 يمثل جانبا من محاولة ذات شقين للرقابة الاجتماعية، وهي الرقابة التي تتجاوز كثيرا جميع حدود وإمكانات العقوبة القضائية ونظام السجون.
كما كان القانون 98، الذي صدر أيضا في نفس السنة، محاولة مماثلة للتحكم في المنبوذين في المجتمع من خلال وسائل بيروقراطية خارج نطاق القضاء. و كان كلا هذين القانونين جزءا من الاتجاه المتصاعد للتطهير المجتمعي من خلال النظم واللوائح البيروقراطية، وفي إطار ذلك جاء أيضا القانون الخاص بالدعارة، وهو الذي صدر بعد ذلك بست سنوات.
أما القانون 98 لسنة 1945 يتعلق بـ "المتشردين والمشتبه فيهم". وتعريف "المشتبه فيهم" هو كل راشد "حكم عليه أكثر من مرة في إحدى الجرائم الآتية، او اشتهر عنه لأسباب مقبولة بأنه اعتاد ارتكاب بعض هذه الجرائم:"، ويتلو ذلك قائمة من الجرائم تضم الاعتداء بالضرب، والاختطاف، والتزوير، و أضيف بموجب تشريع إضافي "الجرائم المنصوص عليها في القانون 10 لسنة 1961 الخاص بمكافحة الدعارة.[509] ومن حق وزير الداخلية أن يأمر، دون اللجوء للقضاء بفرض تحديد إقامة شخص أو إشراف الشرطة عليه أو وضعه في إحدى مؤسسات "الأشغال" لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.[510]

والملاحظ أن فئة "الاشتباه" تنبع من نفس المصدر الذي ينبع منه و يستند إلى نفس الأساس الذي يستند إليه "الاعتياد"، ألا وهو البحث عن وسيلة لتجريم فئات من الأشخاص، لا من الأفعال.[511] ولكن المحكمة الدستورية وضعت حدا لهذه الإجراءات في 1993، عندما حكمت بإلغاء "قانون الاشتباه" وفئة "جرائم الاشتباه"، بسبب انتهاكها لـ "حقوق الإنسان و الحرية".[512]

لكن مظاهر معاملة فئة المشتبه فيهم ما تزال قائمة، وهي تتمثل في نظام وضع المتهمين بالعودة للجريمة في مؤسسات العقاب، إذ أن القانون 10 لسنة 1961 يسمح بإيداع المدان في إصلاحية بعد انقضاء مدة العقوبة، وينص على إن هذا إجباري في حالة العودة للجريمة.[513] أما تعريف العودة للجريمة في المادة رقم 49 من قانون العقوبات فينطبق على أي شخص أدين بجناية ثم عاد إلى ارتكاب جنحة أخرى خلال خمس سنوات. وتمشيا مع القانون 10 لسنة 1961، نجد أن هذا يسمح بحبس مرتكبي الفجور الذين يعودون إليه لفترة لا تزيد على ثلاث سنوات.[514]

وعلى هذا، فالواجب تطبيق القيود التي حكمت بها المحكمة الدستورية العليا فيما يتعلق بجرائم الاشتباه على عقوبة الحبس المنصوص عليها في القانون 10 لسنة 1961. ذلك أن هذذا الاحتجاز التعسفي يمثل خرقا للمادة 41 من الدستور المصري، الذي يصون حرية الفرد، كما أن إخضاع الإفراج عن الناس لأمر إداري يمثل خرقا للمادة 66 من الدستور المصري التي تنص على انه "لا يجوز فرض عقوبة إلا بحكم قضائي"، كما أنه يفرض عدة عقوبات على نفس الجريمة.
<< السابق    الفهرس    التالي>>