Israel, the Occupied West Bank, and Gaza Strip, and Palestinian Authority Territories


اسرائيل والسلطة الفلسطينية Israel,  and Palestinian Authority
  
لحظة واحدة تمحو كل شيء:
التفجيرات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين

محتويات التقرير :-
  • ملخص
  • التوصيات
    الفصل الرابع
  • المعايير القانونية
  • الانتقام وأعمال الردع
  • هوامش الفصل الرابع
    الفصل السابع
  • دور السلطة الفلسطينية
  • مدفوعات السلطة الفلسطينية للمسلحين
  • خلاصة
  • ملحق
  • هوامش الفصل السابع

    يتضمن الجزء المترجم للعربية من هذا التقرير , الملخص والتوصيات والفصل الرابع والفصل السابع مع هوامش كل منهما "حيث تعتبر مكملة لهما" و هذه الاجزاء مقسمة على النحو الوارد اعلاه

    اقرأ ايضا
  • مركز العاصفة:
    دراسة حالة لانتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الخليل
  • الأمم المتحدة: تقرير "معيب" عن الأحداث في جنين
  • لا بد من التحقيق في جرائم الحرب في جنين
  • مدفوعات السلطة الفلسطينية للمسلحين


    تتألف الأدلة المتوفرة على الدعم المالي المباشر من السلطة الفلسطينية للأنشطة المسلحة ضد إسرائيل من قرابة 20 وثيقة نشرتها الحكومة الإسرائيلية؛ وتتضمن الوثائق تفاصيل طلبات متعددة للدعم المالي مقدمة للرئيس عرفات أو غيره من زعماء فتح في الفترة بين مايو/أيار 2001 ويناير/كانون الثاني 2002.(55) ومن بين الوثائق على وجه الإجمال تحتوي 17 وثيقة على طلبات للمساعدة المالية من أجل 157 من الأفراد أو أسرهم، وتحتوي أربع وثائق على طلبات تمويل باسم "كتائب شهداء الأقصى".

    ولم يتم إقرار أي من الطلبات المقدمة للحصول على المساعدة المالية باسم "كتائب شهداء الأقصى". وتمت الموافقة على ستة من الطلبات المقدمة من أجل أفراد أو المصادقة عليها؛ وهي توفر مبالغ لثمانية وستين فرداً على وجه الإجمال. وكانت 27 من هذه المبالغ لأسر أعضاء في الجماعات المسلحة قُتلوا أو سُجنوا و41 مبلغاً لأفراد وُصف كثير منهم بتعبير "إخوة" أو "مطلوبين". ولا تشير الأدلة المتوفرة إلى ما إذا كانت مثل تلك المدفوعات مبالغ تدفع مرة واحدة أم بصفة دورية. ويبدو أن كل هؤلاء الأفراد تقريباً من أعضاء أو نشطاء حركة فتح. وخلال فترة تقديم المدفوعات في الأشهر الأخيرة من عام 2000 وعلى مدار عام 2001 نفذ أعضاء "كتائب شهداء الأقصى" المرتبطة بحركة فتح هجمات بالرصاص على مدنيين في الأراضي المحتلة وكذلك على الأهداف العسكرية، وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2001 أعلنت "كتائب شهداء الأقصى" مسؤوليتها عن هجوم أُطلق فيه الرصاص دون تمييز على المدنيين في مدينة الخضيرة الإسرائيلية.

    وقد وافق مسؤولو فتح على طلبات الدعم المالي الستة هذه على الرغم من ذيوع الأدلة على أن فردين على الأقل من متلقي المدفوعات شاركا في هجمات على المدنيين في الأراضي المحتلة. وكان 14 من الأفراد الواحد والأربعين الذين وُوفق على دفع مبالغ مالية لهم في ذلك الوقت "مطلوبين" لدى إسرائيل. ووصف 12 من هؤلاء الأفراد أنفسهم في طلبهم للمساعدة المالية بأنهم "مطلوبون". ولا تشير الوثائق ولا التعليق الإسرائيلي المرافق لها إلى ما إذا كانوا مطلوبين بسبب هجمات على المدنيين أم بزعم ارتكابهم جرائم أخرى. إلا أنه في حالتي رائد الكرمي وعاطف عبيات كان الرئيس عرفات وغيره من المسؤولين يعرفون، أو كان ينبغي أن يعرفوا، بما كان يتردد على نطاق واسع بخصوص مسؤوليتهما عن ارتكاب هجمات استهدفت بعض المدنيين الإسرائيليين في الضفة الغربية (وقد أعلن الكرمي ذلك بنفسه). وفي كلتا الحالتين كانت الحكومة الإسرائيلية قد طلبت اعتقالهما من قبل. وفي حالات أخرى كان بمقدور مسؤولي فتح فحص تاريخ الأفراد الذين وردت أسماؤهم في القائمة، ومن ثم كان بوسعهم ضمان عدم تقديم أي مساعدة لأشخاص مسؤولين عن هجمات على المدنيين. وحملت اثنتان على الأقل من القوائم تعليقات مستفيضة، وُطلب من موظفين لم تُسجل أسماؤهم تقديم أسماء أخرى مرتبة حسب استحقاقها للمساعدة.(56)

    وكانت أوضح حالة وافق فيها الرئيس عرفات على تقديم دعم مالي على الرغم مما يشيع على نطاق واسع عن صلة المتلقي بهجمات على المدنيين حالة رائد الكرمي زعيم "كتائب شهداء الأقصى" في طولكرم.(57) وفي مذكرة غير مؤرخة مقدمة من حسين الشيخ، وهو أحد زعماء فتح في رام الله، طلب الشيخ من عرفات تقديم 2500 دولار لكل من الكرمي وشخصين آخرين. ووافق عرفات على ما يبدو على دفع 600 دولار لكل منهم يوم 19 سبتمبر/أيلول 2001.(58) وكان الجيش الإسرائيلي قد أدرج الكرمي في أغسطس/آب 2001 على قائمة "بأخطر المطلوبين" متهماً إياه بالضلوع في "العديد" من هجمات إطلاق النار والمسؤولية عن وفاة سبعة مدنيين وجنديين. وقد تباهى الكرمي نفسه علناً بضلوعه في قتل اثنين من أصحاب المطاعم الإسرائيليين في 23 يناير/كانون الثاني 2001، انتقاماً - حسبما قال - لقيام إسرائيل قبل عدة أسابيع باغتيال زعيم فتح المحلي ثابت ثابت.(59) وألقت السلطة الفلسطينية القبض على الكرمي وثلاثة آخرين في وقت لاحق من يناير/كانون الثاني 2001 فيما يتصل بقتل صاحبي المطعم، لكنه فر من السجن بعد عدة أشهر. ونجا الكرمي من محاولة اغتيال إسرائيلية حظيت بتغطية إعلامية واسعة في 6 سبتمبر/أيلول 2001 قبل قليل من موافقة الرئيس عرفات على دفع الدعم المالي المطلوب، وتحدث علناً عن اعتزامه مواصلة الهجمات داخل إسرائيل.(60)

    وفي وثيقة أخرى استولت عليها إسرائيل تقدم الكرمي إلى عرفات من خلال مروان البرغوثي بطلب مبالغ من أجل 12 آخرين من "الإخوة المقاتلين".(61) وعلى الرغم من مسؤولية الكرمي التي أعلنها هو بنفسه عن شن هجمات على المدنيين، فقد وافق عرفات على دفع 350 دولاراً لكل من الأفراد الواردين في قائمة الكرمي، وقد فعل ذلك، كما حدث من قبل، دون أن يبذل على ما يبدو أي مجهود للتأكد من عدم مسؤولية هؤلاء المقاتلين عن هجمات على المدنيين. ودُفعت المبالغ في 7 يناير/كانون الثاني 2002 قبل اغتيال الكرمي بأسبوع. وفي وقت اغتياله أكدت السلطة الفلسطينية، حسبما ورد في الأنباء الإعلامية، لمسؤولين من الاتحاد الأوروبي أن الكرمي رهن الاعتقال.(62) وقد اغتيل، حسبما ورد في أحد التقارير، "أثناء زيارة زوجته وابنته خلال إجازة من 'الاعتقال الوقائي' في أحد سجون السلطة الفلسطينية.(63)

    أما عاطف عبيات فكان زعيماً "لكتائب شهداء الأقصى" في منطقة بيت لحم طلبت إسرائيل اعتقاله منذ نوفمبر تشرين الثاني عام 2000 بعد ضلوعه في اشتباك مع جنود الجيش الإسرائيلي قرب قرية الخضر. وبناء على طلب مقدم من كمال حميد زعيم فتح في بيت لحم بتاريخ 9 يوليو/تموز بتقديم مساعدة قدرها 2000 دولار لكل من 24 من النشطاء المحليين، من بينهم عبيات، وافق عرفات على ما يبدو على دفع 350 دولاراً لكل منهم.(64) وفي أوائل أغسطس/آب وقبل موافقة عرفات على دفع المبلغ زُعم أن عبيات قتل مدنياً إسرائيلياً واحداً على الأقل.(65) ونفى حميد في تصريحات لوسائل الإعلام أن المبالغ استُخدمت في دعم هجمات مسلحة. وقال: "المبالغ التي نتلقاها لا تُستخدم إلا في الأنشطة السياسية والاجتماعية" دون أن يتصدى لحقيقة أن الوثيقة أدرجت عبيات ضمن متلقي المبالغ.(66) وبعد خمسة أسابيع من الموافقة على دفع المبالغ زُعم أن عبيات قتل مدنياً آخر. وحاولت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية اعتقال عبيات في 2 أكتوبر/تشرين الأول (انظر أعلاه)، إلا أنها سمحت له بالذهاب طليقاً عقب مواجهة مع أنصاره المسلحين. واغتالت القوات الإسرائيلية عبيات يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2001.

    ومن متلقي المساعدة الآخرين زياد دعاس الذي ورد اسمه في قائمة من ثلاثة أشخاص وافق الرئيس عرفات في سبتمبر/أيلول 2001 على دفع 600 دولار لكل منهم، وهو من أعضاء "كتائب شهداء الأقصى" في طولكرم وورد أنه خلف الكرمي في زعامة الجماعة هناك. ولم يكن هناك في وقت الموافقة على دفع المبلغ ما يربط علناً بين دعاس وبين شن هجمات على المدنيين، حسب المعلومات المتوفرة لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان". إلا أن "المذكرة المقدمة إلى الطيراوي" المؤرخة في فبراير/شباط 2002 (انظر أدناه) ورد فيها اسم دعاس على أنه زعيم إحدى "مجموعات كتائب شهداء الأقصى" في طولكرم ونسبت إليه القيام بدور قيادي في الهجوم المسلح الذي قتل فيه بعض المدنيين في مدينة الخضيرة الإسرائيلية في 17 يناير/كانون الثاني 2002 والذي أعلنت "كتائب شهداء الأقصى" مسؤوليتها عنه. وورد اسم دعاس أيضاً ضمن 25 نشطاً مدرجين في مذكرة من مروان البرغوثي تطلب من الرئيس عرفات الموافقة على مساعدة مالية. والمذكرة غير مؤرخة ولا يوجد ما يشير إلى ما إذا كان عرفات قد وافق على الطلب.

    وحددت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" خمس حالات يزعم فيها المحللون الإسرائيليون أن أحد الذين طلبوا المساعدة المالية كان ضالعاً بصورة مباشرة في هجمات انتحارية تستهدف المدنيين.(67) ولا تشير الوثائق إلى ما إذا كان أي من هذه الطلبات قد تمت الموافقة عليه. وقد قدم كل من الطلبات المؤرخة قبل عدة أشهر من أول هجمات انتحارية على المدنيين "لكتائب شهداء الأقصى".

    وبالإضافة إلى دعاس، والكرمي، وعبيات تضمنت طلبات المساعدة المالية المختلفة شخصين تزعم السلطات الإسرائيلية أنهما شاركا في هجمات على المدنيين. وأقر عرفات أحد هذين الطلبين موافقاً على دفع مبلغ 800 دولار لبلال أبو عمشة يوم 5 أبريل/نيسان 2001. وتزعم السلطات الإسرائيلية أن أبو عمشة مسؤول عن إطلاق النار على رجل في الثالثة والستين من عمره يوم 31 مايو/أيار 2001، أي بعد سبعة أسابيع من الموافقة على دفع المبلغ.

    وكانت طلبات المساعدة المالية تُقدم عادة إلى مروان البرغوثي، بصفته الأمين العام لفتح في الضفة الغربية، ليقدمها بعد ذلك إلى عرفات. إلا أن بعض كبار الشخصيات من فتح، من أمثال حسين الشيخ، كانت ترفع أيضاً مثل هذه الطلبات إلى عرفات. وكان مبلغ المساعدة المالية المطلوبة يختلف حسب درجة مقدم الطلب، لكنه كان يتراوح عموماً بين ما يعادل 300 دولار و800 دولار. وكانت موافقة الرئيس عرفات تتألف عادة من تعليمات مكتوبة بخط اليد إلى "وزارة المالية" لصرف المبلغ أو المبالغ المحددة. وكان متلقو المبالغ المالية يُوصفون في طلبات المساعدة المالية بأوصاف متنوعة مثل "إخوة" أو "إخوة مقاتلين" أو يُكتفى بتعبير مثل "تلاحقهم قوات الاحتلال ويستحقون المساعدة". ويبدو أن معظم متلقي المساعدة من المرتبطين بفتح باستثناء شخصين وصفهما المحللون الإسرائيليون بأنهما من أعضاء "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" وشخص قال المحللون الإسرائيليون إنه من أعضاء "الجهاد الإسلامي".(68)

    ولم يتسن لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" التأكد مما إذا كانت مثل هذه المدفوعات وعمليات التمويل استمرت في عام 2002 بعد أن بدأت "كتائب شهداء الأقصى" تنفيذ تفجيرات انتحارية ضد المدنيين. وتشكو عدة وثائق من أفرع فتح في منطقتي جنين ونابلس اللتين انطلقت منهما الكثير من هجمات "كتائب شهداء الأقصى" على المدنيين من غياب الأموال للمسلحين (انظر أعلاه).

    وفي حالتي رائد الكرمي وعاطف عبيات وافق الرئيس عرفات على تقديم مساعدة مالية لشخصين كان يعرف، أو كان يجب أن يعرف، أنهما ضالعان في هجمات استهدفت المدنيين. وتظهر هذه المدفوعات، رغم صغر مبلغها وقلة عددها، لا مبالاة تبعث على القلق من جانب عرفات إزاء الهجمات الفلسطينية على المدنيين، إن لم تكن تظهر دعمه المحتمل لها.

    ويجب على الرئيس عرفات اتخاذ خطوات فورية لضمان عدم تقديم مساعدة مالية في المستقبل لأفراد ضالعين في هجمات على المدنيين كما يتعين عليه أن يفرض ويعلن المطالبة بعدم مهاجمة المدنيين كشرط لأي مدفوعات في المستقبل.

    طلبات المساعدة المالية المقدمة إلى السلطة الفلسطينية من الجماعات المسلحة

    ذكرت أنباء صحفية أن الرئيس بوش اطلع على تقارير للمخابرات الإسرائيلية مفادها أن الرئيس عرفات دفع مبلغاً قدره 20 ألف دولار "لكتائب شهداء الأقصى" مباشرة، أو وافق على دفع هذا المبلغ لها، بعد قليل من وقوع هجومين انتحاريين استهدفا المدنيين وأعلنت "الكتائب" مسؤوليتها عنهما.(69) ولم تُعلن الأدلة التي تؤيد مزاعم دفع هذا المبلغ.

    وتتضمن مجموعة المواد التي نشرها الجيش الإسرائيلي وثيقتين مكتوبتين على أوراق تحمل شعار "كتائب شهداء الأقصى" عثر عليهما، حسبما زُعم، في المجمع الرئيسي للسلطة الفلسطينية. وزعم الجيش الإسرائيلي أن الوثيقتين:

    "تكشفان عن أن كتائب شهداء الأقصى منظمة راسخة، تجري مراسلات رسمية مع مكتب فؤاد الشوبكي حتى يتمكن من تمويل العمليات التي تخطط لها. ولا يقتصر استخدام هذه الأموال على تمويل الدعاية فيما يخص الإرهابيين الضالعين في الهجمات، بل تُستخدم كذلك في السيطرة على التخطيط لهجمات في المستقبل.(70)

    وتحتوي مذكرة غير مؤرخة مكتوبة بخط اليد على ورقة تحمل شعار "شهداء الأقصى.. قوات فلسطين"، مكتوباً بالعربية والإنجليزية، على تكاليف تخص المرتبات، والإيجار، وأدوات مثل بعض آلات الخراطة والتفريز. ويبلغ مجموع هذه التكاليف قرابة 80 ألف دولار.(71) ويشدد تحليل الجيش الإسرائيلي على أن المواد الواردة في الوثيقتين تشير إلى "خطة طموح... لإقامة ورشة لإنتاج أسلحة ثقيلة" بما في ذلك مدافع الهاون.(72)

    أما الوثيقة الثانية فهي تقرير مالي مطبوع على ورقة مماثلة ويحمل تاريخ 16 سبتمبر/أيلول 2001.(73) وهو يفيد بتراكم ديون قدرها 38 ألف شاقل إسرائيلي (8800 دولار أمريكي)، مما يوحي، على أقل تقدير، بأن "كتائب شهداء الأقصى" كانت تعتبر أنها ملزمة بتقديم تقارير إلى متلقي التقرير. وتتضمن التفاصيل الخاصة بالنفقات إنتاج ملصقات تحمل صور الشهداء، وإقامة حفلات لتأبينهم، و"أجزاء كهربية ومواد كيماوية متنوعة" لصنع متفجرات، وذخائر.(74) ويطلب التقرير أيضاً تحويل أموال على الفور لشراء طلقات لبنادق الكلاشنيكوف.

    ولم تكن أي من الوثيقتين موقعة؛ وليس ثمة ما يشير في أصول الوثيقتين المصورة بالماسح الضوئي إلى المكتب (أو المكاتب) أو الفرد (أو الأفراد) الذي وُجهت إليه الوثيقتان أو ما يفيد بالموافقة عليهما. ويقول الجيش الإسرائيلي إن الوثيقتين كانتا موجهتين إلى فؤاد الشوبكي، وُصودرتا من مجمع الحكومة في رام الله. وكان الشوبكي، وهو مساعد مقرب لعرفات، يحمل رسمياً لقب رئيس الإدارة المالية لجهاز الأمن العام، إلا أنه كثيراً ما يُوصف في تقارير وسائل الإعلام بكبير المسؤولين الماليين العاملين مع عرفات.

    وتمثل الوثيقتان، إذا أمكن التحقق من أنهما كانتا موجهتين إلى مسؤولين رفيعي المستوى بالسلطة الفلسطينية، أوضح دليل متاح على وجود مستوى ما من العلاقة المالية، ومن ثم علاقة عملية، بين مسؤولي السلطة الفلسطينية و"كتائب شهداء الأقصى". ويشير تاريخ الوثيقتين إلى أنهما قُدمتا قبل ضلوع "كتائب شهداء الأقصى" في التفجيرات الانتحارية التي تستهدف المدنيين، ولو أنها كانت آنذاك قد دأبت على شن هجمات بالأسلحة النارية على المدنيين، وكذلك على الأهداف العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

    وتشير وثيقة ثالثة، وهي "المذكرة المقدمة إلى الطيراوي" التي أشير إليها فيما تقدم، إلى وجود علاقة تمويل كانت قائمة بين "فتح" وبعض المجموعات المحلية من "كتائب شهداء الأقصى". وتشير الوثيقة إلى أن أمانة سر التنظيم "تقوم... بتوفير مبالغ مالية مقتطعة من ميزانية التنظيم والطوارئ كمخصصات للاخوة المسلحين".(76) ولا تشير الوثيقة إلى قيمة المبالغ المقدمة، ولا إلى وجود أي قيود أو شروط لصرفها، غير أنها تشير إلى أن "قلة المبلغ المخصص للمسلحين من قبل التنظيم" تثير خلافات مالية حادة بين الجماعات المتنافسة من نشطاء "كتائب شهداء الأقصى". وتفيد الوثيقة في مقاطع أخرى بأن أغلب المسلحين يملكون البنادق الخاصة بهم "عدا ثلاث قطع ساهم التنظيم في ثمن شرائها، كما تم جمع بعض التبرعات والمساعدات المالية من سيادة الرئيس لإكمال ثمنها." ولا يتضح من المذكرة إن كان الرئيس عرفات على علم بالغرض من جمع التبرعات والمساعدات، أو متى تم "جمعها".

    وترى منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن من واجب السلطة الفلسطينية التأكد من أوجه صرف الأموال الواقعة تحت سيطرتها وسبل إنفاقها؛ وكثير من مسؤولي السلطة الفلسطينية من الأعضاء البارزين في فتح أيضاً؛ وهم بهذه الصفة مسؤولون عن تحري خلفية الأفراد والجماعات لضمان عدم ذهاب أموال السلطة الفلسطينية أو فتح إلى أفراد أو جماعات ضالعة في هجمات على المدنيين. غير أنه من دواعي الأسف أن الرئيس عرفات وغيره من كبار مسؤولي فتح قدموا بالفعل مساعدات مالية لبعض الأشخاص الضالعين في تدبير وتنفيذ هجمات مسلحة كان من بينها هجمات على المدنيين (غير التفجيرات الانتحارية). وبهذا يكون هؤلاء المسؤولون قد أخلوا إخلالاً جسيماً بالمسؤولية التي يتحملونها كسلطة حاكمة، والتي تقتضي منهم منع مثل هذه الهجمات. غير أن الأدلة المتاحة علناً لا تؤكد بصورة حاسمة أن الرئيس عرفات أو السلطة الفلسطينية قدما دعماً مالياً لمرتكبي الهجمات على المدنيين بنية دعم مثل هذه الهجمات.

    مشاركة بعض ضباط الأمن التابعين للسلطة الفلسطينية في التفجيرات الانتحارية أو غيرها من الهجمات على المدنيين

    حددت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، بناءً على تحرياتها الخاصة، وكذلك تقارير وسائل الإعلام ووثائق السلطة الفلسطينية التي صادرتها إسرائيل والمتاحة علناً، حالات كان فيها بعض العاملين في أجهزة الأمن الفلسطينية المختلفة ضالعين في حوادث إطلاق للنار أو تفجيرات انتحارية تستهدف المدنيين. ووجدت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أيضاً أن بعض أفراد أجهزة الأمن الفلسطينية كانت لهم ارتباطات مع الجماعات المسلحة التي نفذت تفجيرات انتحارية تستهدف المدنيين. وفي مرتين على الأقل ساعد أفراد من العاملين في جهاز المخابرات التابع للسلطة الفلسطينية مرتكبي التفجيرات في تنفيذ مثل هذه الهجمات.(77)

    وكان ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تبذل جهوداً مقنعة لتأنيب أفراد أجهزتها الأمنية ممن شاركوا في شن هجمات على المدنيين أو قدموا الدعم للمسؤولين عن شنها، ضاربين على ما يبدو عرض الحائط بسياساتها المعلنة، أو لتأديب هؤلاء الأفراد أو تقديمهم إلى ساحة العدالة متى اقتضى الأمر ذلك؛ وهي لم تفعل ذلك حتى الآن وفقا للمعلومات المتاحة لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان".

    وكان أكثر مزاعم الجيش الإسرائيلي تحديداً بخصوص ضلوع أجهزة الأمن الفلسطينية في هجمات على المدنيين يتركز على "جهاز المخابرات العامة" الذي يتألف من زهاء ألف فرد، ويرأسه في الضفة الغربية توفيق الطيراوي. وزعم متحدث باسم الجيش الإسرائيلي في بيان له يوم 2 يوليو/تموز عام 2002 أنه "في العامين الماضيين كان جهاز المخابرات العامة ضالعاً في المئات من الهجمات التي تُستخدم فيها الأسلحة النارية والقنابل ضد المدنيين الإسرائيليين والأهداف العسكرية"؛ وأن "قادة المخابرات العامة الفلسطينية، بمن فيهم رئيس الجهاز، يديرون خلايا إرهابية في أماكن مختلفة بالضفة الغربية."(78) وخلال حصار الجيش الإسرائيلي لمقر الرئيس عرفات في أواخر سبتمبر/أيلول عام 2002 أوردت إسرائيل اسم الطيراوي بين الأشخاص الذين كانوا في المبنى الوحيد المتبقي من مجمع الرئاسة و"المطلوبين" بدعوى قيامهم بأنشطة "إرهابية".

    وقد نفى الطيراوي الاتهامات الموجهة إليه، والتي تستند أساساً فيما يبدو إلى نتائج استجواب الجيش الإسرائيلي أو جهاز شين بيت لبعض الفلسطينيين الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية. وفي تعليق على الوثائق التي يقول الجيش الإسرائيلي إنه صادرها من مكاتب السلطة الفلسطينية في أبريل/نيسان عام 2002 كتب محللون إسرائيليون "أفاد نشطون إرهابيون مطلوبون اعتُقلوا في عملية السور الواقي خلال استجوابهم بالضلوع المباشر من جانب الطيراوي ورجاله في تجنيد الإرهابيين، وإعدادهم، وإمدادهم بالذخيرة للقيام بعملياتهم."(79)

    وتشير أكثر الوثائق التي نشرتها السلطات الإسرائيلية تأييداً للاتهامات، وهي "المذكرة المقدمة إلى الطيراوي"، إلى أن من المحتمل أن الطيراوي كان ينظر إلى الهجمات على المدنيين نظرة إيجابية. وفي الوثيقة يصف حمدي الدردوك مير مخابرات محافظة طولكرم لتوفيق الطيراوي علاقات التنافس بين النشطاء المسلحين المحليين الذين يتراوح عددهم إجمالا بين 15 و20 فرداً. ويشير الدردوك إلى مجموعة من المسلحين المستعدين للعمل "على الطرق الالتفافية وحتى في العمق الإسرائيلي" ملاحظا أنهم مسؤولون عن "عمليات نوعية وناجحة" مثل الهجوم بالأسلحة النارية على حفل في الخضيرة في 17 يناير/كانون الثاني عام 2002. (80) وقال الدردوك إن "هؤلاء رجال قريبون منا للغاية و(نحن) على اتصال وتنسيق مستمر معهم."

    وتعبر المذكرة عن الشعور بالإحباط لعدم وجود عنوان واضح "لكتائب شهداء الأقصى" في طولكرم وتصف موقف نشطاء "كتائب شهداء الأقصى" من أجهزة الأمن في طولكرم بأنه يتسم "بمنطق تحدي وعربدة". ويشكو الدردوك من أن "المسلحين يتوحدون أمام أي مشكلة مع الأجهزة الأمنية... وبعد انتهاء المشكلة يعودون إلى ما هم عليه من تقسيمات وكوتات." وهو يوصي "باختيار الأشخاص المميزين من بين المسلحين وجمعهم في بوتقة ومجموعة واحدة لتهيئتها للعمل في المستقبل"، ويذكر اسمي زياد دعاس وبلال أبو عمشة (انظر أعلاه) من بين من يجب اختيارهم. وتوصي الوثيقة "بالتخلص من بعض الدخلاء... للتخلص من عبئهم المادي وما يسببونه من مشاكل"، وتقديم الدعم المالي وغيره من أشكال الدعم للأفراد المميزين.

    ولا يوجد في الوثائق ما يشير إلى أي رد من الطيراوي على هذه المذكرة، أو يشير إلى أنه قرأها، لكن محتوياتها تشير إلى أن "جهاز المخابرات العامة" في طولكرم كان على علم تام بطبيعة كل فرد من الأفراد بين النشطاء المسلحين المرتبطين بفتح، وكان حريصا على العمل معهم برغم ضلوع بعضهم في هجمات على المدنيين. وتوحي المذكرة بأن "جهاز المخابرات العامة" لم يكن في ذلك الوقت يقوم بدور قيادي أو مسيطر في الهجمات التي تشنها "كتائب شهداء الأقصى"، بل تعبر لهجة الوثيقة ومحتواها عن محاولة لفرض النفوذ في وضع فقد الجهاز السيطرة عليه. غير أنه ليس ثمة ما يشير إلى أن منع الهجمات الفلسطينية على المدنيين الإسرائيليين كان من بين "أهداف جهاز المخابرات العامة" في طولكرم. بل على العكس، يخاطب كاتب المذكرة رئيس "جهاز المخابرات العامة" في الضفة الغربية بعبارات تنم صراحة عن قبول الهجمات على المدنيين، ويوصي بتقديم دعم مالي لمرتكبيها، ولا يبدي تردداً في التعبير عن هذا القبول لرؤسائه.

    وإذا كانت هذه الوثيقة تعبر بدقة عن سياسة "جهاز المخابرات العامة" فمن شأنها أن تشير إلى أن واحداً على الأقل من أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية عمد إلى مساعدة النشاط المسلح لنشطاء "كتائب شهداء الأقصى" الذي تضمن هجمات على المدنيين أو سعى لمساعدته.(81)

    وأبلغ ماجد حمد العطاري رئيس "جهاز الأمن الوقائي" في بيت لحم منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بأن تعليمات جهازه الواضحة منذ بدء الانتفاضة الحالية هي وقف الهجمات على الإسرائيليين ـ "كل الهجمات ليس داخل إسرائيل فحسب وليس ضد المدنيين فحسب." وقال إن الحالات الوحيدة التي انهار فيها وقف مهاجمة الإسرائيليين كانت في المرات التي شن فيها الجيش الإسرائيلي هجمات مباشرة على القوات الفلسطينية. وأضاف "وحتى في ذلك الوقت كانت الأوامر 'ابتعدوا عن طريقهم، لا تقاوموا'"، إلا أنه أشار إلى أن بعض الضباط قاموا في تلك الحالات بالرد على النيران. وقد وثقت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بعض الحالات التي شارك فيها بعض الموظفين من العاملين في "جهاز الأمن الوقائي" في تبادل إطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي.(82)

    وأشار عدة أشخاص في مقابلات مع منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إلى أن سياسة عدم مشاركة قوات الأمن في الاشتباكات مع الإسرائيليين التي تتبعها السلطة الفلسطينية حدت بكثير من أفراد تلك القوات إلى تركها. ومن بين الأشخاص الذين عرفهم الجيش الإسرائيلي على أنهم من موظفي "جهاز الأمن الوقائي" المطلوبين فيما يخص أنشطة "كتائب شهداء الأقصى" عطا أبو رميلة. وقد قدم أبو رميلة نفسه لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" في مقابلة أجرتها معه في مخيم جنين للاجئين، على أنه عضو قيادي في فتح هناك. واقر بأنه كان من العاملين في جهاز المخابرات، إلا قال إنه استقال ولم تعد له أي وظيفة رسمية.(83) وقال عوني المشني، وهو من قادة فتح في مخيم الدهيشة للاجئين، "كان هناك عدد كبير من حالات ترك الخدمة." وميز المشني بين من استقالوا من قوات الأمن الفلسطينية لينضموا إلى "المقاومة"، وبين من ردوا على النيران أثناء تعرضهم لهجوم القوات الإسرائيلية لكنهم لم يشاركوا في هجمات على الإسرائيليين وظلوا في قوات الأمن الفلسطينية.(84)

    وقام اثنان على الأقل من أعضاء "كتائب شهداء الأقصى" بتنظيم أو تنفيذ هجمات انتحارية تستهدف المدنيين الإسرائيليين أثناء عملهم، وفقاً لما ورد، في مناصب ذات مستوى محدود في السلطة الفلسطينية. فقد نفذ سعيد رمضان، وهو موظف في الشرطة البحرية التابعة للسلطة الفلسطينية، هجوماً أطلق فيه النار دون تمييز في القدس في 22 يناير/كانون الثاني عام 2002. كما نفذ إبراهيم حسونة، وهو موظف بالشرطة البحرية من المقيمين في نابلس، هجوماً أطلق فيه النار على المدنيين في مطعم سي ماركت في تل أبيب يوم 5 مارس/آذار عام 2002.(85) وتشير حالتا رمضان وحسونة إلى أن "كتائب شهداء الأقصى" كانت تجند أفراداً من بين الصفوف الدنيا من موظفي الأمن التابعين للسلطة الفلسطينية.(86) وتفيد إسرائيل بأنها ألقت القبض يوم 16 أبريل/نيسان عام 2002 على محمد عراج، وهو من أفراد "جهاز المخابرات العامة"، في مخيم قلندية للاجئين قرب رام الله، وبحوزته حزامان للعبوات الناسفة و"خطابان انتحاريان".

    ويبدو من الوثائق التي نشرها الجيش الإسرائيلي أن عرفات وافق على توظيف بعض النشطاء المسلحين في أجهزة الأمن الفلسطينية في عام 2001. ومن بين الحالات التي تشير إلى ذلك مثلاً قائمة تضم أسماء 15 شخصاً أرسلها زعماء فتح في الخليل إلى عرفات في منتصف مايو/أيار عام 2001 (ثم أرسلوها مرة أخرى في أوائل أغسطس/آب) طالبين توظيفهم. وكان اثنان على الأقل ممن وردت أسماؤهم في هذه الوثيقة من المطلوبين لدى إسرائيل فيما يتصل بهجمات على المدنيين وقعت في وقت سابق.(87) ويُزعم أن أحد هذين الشخصين، ويُدعى زكي حامد الزرو، هو القناص الذي قتل رضيعة وأصاب أباها في هجوم أطلق خلاله الرصاص على بعض المستوطنين الإسرائيليين في الخليل في 26 مارس/آذار عام 2001.(88) وتزعم السلطات الإسرائيلية أن الثاني، ويُدعى مروان زلوم، هو الذي أصدر الأمر بشن الهجوم.(89) وقد كتب زلوم الطلب بصفته رئيس فرع فتح في الخليل. وأحال عرفات المذكرة عندما قُدمت إليه ثانية في أغسطس/آب إلى قادة مختلفين في أجهزة الأمن "لاتخاذ اللازم". وبعد خمسة أشهر من الطلب الذي قُدم في مايو/أيار أُدرج زلوم، حسبما ورد، على قائمة إسرائيلية بأسماء "أخطر المطلوبين" من المسلحين الفلسطينيين. وزُعم أنه كان ضالعاً في الهجوم الانتحاري الذي وقع في 12 أبريل/نيسان عام 2002 على سوق محنى يهودا، ثم اغتيل في 22 أبريل/نيسان عام 2002.(90)

    غير أن الأدلة المتوفرة لا تثبت أن قيام السلطة الفلسطينية بتوظيف نشطاء فتح في صفوف قوات الأمن الفلسطينية تم بنية دعم أو إقرار الهجمات على المدنيين. ويشير الجيش الإسرائيلي في تحليله لممارسات السلطة الفلسطينية في مجال توظيف العاملين إلى أن مثل هذا التوظيف يأتي على ما يبدو في إطار سعي من جانب مسؤولي السلطة الفلسطينية "لدمج نشطاء فتح وفتح/التنظيم في أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية... وكانت 'الصفقة' المعروضة عليهم هي مرتب شهري... مقابل أن يعمل النشطاء وفقاً لسياسة السلطة الفلسطينية."(91) ويضيف التحليل أن المشكلة هي أن هؤلاء النشطاء ظلوا يتلقون المرتبات من السلطة الفلسطينية "حتى عندما رفضوا المشاركة في بعض الأنشطة في إطار قوات الأمن" و"حتى وهم مدرجون على قائمة إسرائيل الخاصة بأخطر الإرهابيين المطلوبين التي سُلمت إلى السلطة الفلسطينية..."(92)

    وأبرز الأمثلة التي يستشهد بها الجيش الإسرائيلي في تحليله حالة نصر عويس، وهو من زعماء "كتائب شهداء الأقصى" في شمال الضفة الغربية ويقيم في نابلس. وقد اعتقلت القوات الإسرائيلية عويس في أبريل/نيسان عام 2002.(93) وتتهمه إسرائيل بالمسؤولية عن رعاية هجمات انتحارية في القدس، وتل أبيب، وأم الفحم بدءاً من يناير/كانون الثاني عام 2002. وأكدت مصادر فلسطينية في نابلس لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن عويس قام بدور قيادي في عمليات "كتائب شهداء الأقصى" هناك، بما في ذلك هجمات شنت داخل إسرائيل انطلاقاً من شمال الضفة الغربية.(94) وقد ظل عويس، وفقاً لما ذكره الجيش الإسرائيلي، مدرجاً بكشف مرتبات "جهاز المخابرات العامة" على الرغم من ضلوعه في تدبير وتنفيذ هجمات على المدنيين الإسرائيليين.(95) إلا أن بعض الأنباء الصحفية أشارت إلى عويس في مارس/آذار على أنه ضابط "سابق". وكان عويس، حسب إحدى الروايات، من بين عدة موظفين في أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية فصلهم عرفات من عملهم في ديسمبر/كانون الأول عام 2001.(97) ومن الضروري القيام بمزيد من التحقيق لحل التضارب بين هذه المزاعم المتناقضة.

    واتهمت إسرائيل جمال الطيراوي، رئيس "جهاز المخابرات العامة" في نابلس، وجهاد ماسيمي، رئيس التحقيقات الجنائية في شرطة نابلس بالمساعدة في إدارة عمليات تفجير انتحارية؛ (98) ولكن لم تنشر الأدلة على هذه الاتهامات. كما تتهم إسرائيل ماهر فارس رئيس "جهاز المخابرات العسكرية" في نابلس بإدارة خلية وضعت متفجرات في حافلة بتل أبيب في 28 ديسمبر/كانون الأول عام 2000 مما أدى إلى إصابة تسعة أشخاص بجروح.(99) وورد في وثائق للمخابرات الفلسطينية استولت عليها إسرائيل اسم العقيد أبو حمدان، وهو من ضباط "جهاز المخابرات العسكرية" في نابلس، على أنه زعيم "كتائب العودة"، وهي مجموعة مسلحة صغيرة لا يُعرف أصلها.(100)

    حماية مسؤولي الأمن التابعين للسلطة الفلسطينية للأشخاص "المطلوبين" لدى إسرائيل

    وثق باحثو منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بعض الحالات التي قام فيها مسؤولو المخابرات التابعون للسلطة الفلسطينية بتحذير بعض الفلسطينيين من أنهم "مطلوبون" لدى السلطات الإسرائيلية فيما يخص أنشطة مسلحة. ومن بين هذه الحالات حالة ر.، الذي يُعرف عنه أنه من أعضاء "كتائب شهداء الأقصى" وأنه خطط لهجمات انتحارية تستهدف المدنيين، وقد أبلغ أفراد أسرته منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بأن زملاء سابقين له في "جهاز المخابرات العامة" حذروه في عدة مرات من محاولات إسرائيلية وشيكة لاعتقاله أو اغتياله.(101) وليس واضحاً ما إذا كانت تلك التحذيرات نتيجة ولاء شخصي أم سياسة رسمية.

    وتشير الوثائق التي أعلنتها إسرائيل كذلك إلى حالات قام فيها مسؤولو الأمن أو المخابرات على المستوى المحلي بتحذير الفلسطينيين "المطلوبين" لدى إسرائيل، إلا أنه ليس هناك في معظم الحالات ما يشير إلى أن الوضع على قائمة "المطلوبين" يرجع إلى مزاعم تخص الضلوع في تفجيرات انتحارية أو غيرها من الهجمات التي تستهدف المدنيين. فعلى سبيل المثال يشير خطاب مؤرخ بتاريخ 21 مايو/أيار عام 2001 من "جهاز المخابرات العامة" في طولكرم إلى مدير مخابرات محافظة رام الله إلى قائمة ملحقة به (لم يُتح الاطلاع عليها) تضم أسماء 232 شخصاً مطلوبين لدى إسرائيل.(102) وفي أسفل الخطاب ملاحظة مدونة بخط اليد تطلب إبلاغ "الإخوة المذكورة أسماؤهم أعلاه لأخذ الحيطة والحذر". كما تطلب أيضاً إجراء تحريات أمنية كاملة بخصوص هذه الأسماء والإبلاغ بالنتيجة.(103) وليس ثمة ما يشير إلى السبب الذي جعل من وردت أسماؤهم في القائمة مطلوبين لدى الإسرائيليين، وقد أُشير إلى اثنين منهم في الوثيقة على أنهما مرتبطان بجهازين مختلفين من أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.

    وتوحي بعض الوثائق التي أعلنتها إسرائيل بأن الجماعات المسلحة تدفع مبالغ لبعض ضباط أجهزة الأمن وأن هذا، وليس وجود سياسة تتبعها هذه الأجهزة، هو الذي قد يكون عاملاً مهماً يساعد أعضاء تلك الجماعات على تفادي الاعتقال. وتنقل مذكرة مقدمة إلى توفيق الطيراوي من شخص في جنين، لم يرد ما يشير إلى منصبه وانتمائه، عن مصدر للمخابرات إفادته أن حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" اخترقتا أجهزة الأمن في جنين من خلال دفع أموال. ويذكر التقرير جمال سويطات نائب رئيس "جهاز الأمن الوقائي" في جنين على أنه واحد من هؤلاء الأشخاص، ويؤكد أنه يعمل لحساب "الجهاد الإسلامي" بين أفراد "المخابرات العامة" و"الأمن الوقائي"، ويقول إن من بين ما يقوم به سويطات لحساب الجماعة أنه كثيراً ما يتصل بنشطاء "الجهاد الإسلامي" ويبلغهم بعمليات القبض المزمعة التي تستهدفهم وأسماء الأشخاص المطلوبين.(104) وورد أيضاً أن ستة آخرين من العاملين بالمخابرات تلقوا مبالغ مالية، ثلاثة من "جهاز المخابرات العامة" واثنان من "جهاز الأمن الوقائي".(105) وزعمت السلطات الإسرائيلية وجود ممارسات مماثلة في بيت لحم قائلة إن "الجهاد الإسلامي" و"حماس" دفعتا مبالغ تتراوح بين 1500 دولار وثلاثة آلاف دولار لضباط من جهازي "المخابرات العامة" و"الأمن الوقائي" لضمان أن يبلغوهما بأي محاولات اعتقال وشيكة.(106) ولم ينشر الجيش الإسرائيلي أي أدلة تثبت هذا الزعم.